البضاعة المزجاة المجلد الرابع صفحه 5

بسم اللّه الرحمن الرحيم‏

متن الحديث الرابع والخمسين والأربعمائة

۰.حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيى‏ ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسى‏ ، عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ النُّعْمَانِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْكَانَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْقَصِيرِ ، قَالَ :
قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ عليه السلام : إِنَّ النَّاسَ يَفْزَعُونَ إِذَا قُلْنَا : إِنَّ النَّاسَ ارْتَدُّوا .
فَقَالَ :
«يَا عَبْدَ الرَّحِيمِ ، إِنَّ النَّاسَ عَادُوا بَعْدَ مَا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ ، إِنَّ الْأَنْصَارَ اعْتَزَلَتْ ، فَلَمْ تَعْتَزِلْ بِخَيْرٍ ، جَعَلُوا يُبَايِعُونَ سَعْداً وَ هُمْ يَرْتَجِزُونَ ارْتِجَازَ الْجَاهِلِيَّةِ ؛ يَا سَعْدُ ، أَنْتَ الْمُرَجّى‏ ، وَشَعْرُكَ الْمُرَجَّلُ ، وَفَحْلُكَ الْمُرَجَّمُ» .

شرح‏

السند مجهول.
قوله: (إنّ الناس يفزعون) أي يخافون، وهو كناية عن شدّة إنكارهم ارتداد الصحابة، فأجاب عليه السلام: لا استبعاد في ذلك؛ فإنّ التخلّف عن وصيّة رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله، والاعتزال عن وصيّه، وتعيين سعد للإمامة بأهوائهم وآرائهم، وارتجاز الجاهليّة، دليلٌ على أنّهم عادوا بعد رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وآله أهل جاهليّة.
(إنّ الأنصار اعتزلت، فلم تعتزل بخير).
لعلّ المراد أنّهم وإن اعتزلوا ابتداء عن مبايعة أبي بكر، لكن لم يكن اعتزالهم لاختيار الحقّ، أو ترك الباطل، بل اختاروا باطلاً مكان باطل آخر.
وقيل: المراد أنّهم اعتزلوا عن الدِّين، أو عن أمير المؤمنين، أو عن المهاجرين.۱

1.قاله المحقّق المازندراني رحمة اللَّه عليه في شرحه، ج ۱۲، ص ۴۱۶.

البضاعة المزجاة المجلد الرابع صفحه 6

وقوله عليه السلام: (جعلوا يبايعون سعداً) بيان للاعتزال، أو لعودهم أهل جاهليّة، أو للجميع.
وسعد بن عبادة من أشراف الأنصار.
(وهم يرتجزون ارتجاز الجاهليّة).
قال الفيروزآبادي:
الرَّجَز - بالتحريك - : ضرب من الشعر، وزنه مستفعلن ستّ مرّات، سمّي لتقارب أجزائه، وقلّة حروفه. وزعم الخليل أنّه ليس بشعر، وإنّما هو أنصاف أبيات وأثلاث، والاُرجوزة: والقصيدة، منه الجمع: أراجيز. وقد رجز وارتجز ورجزبه ورجّزه: أنشده اُرجوزة.۱(يا سعد، أنت المُرجّى، وشعرك المرجّل، وفحلك المرجّم).
المرجّى - بتشديد الجيم - من الرّجاء، وهو الأمل. قال الجوهري: «رجوتُ فلاناً ورجيته ترجية بمعنى».۲
وقال: «شعر رجل ورجل: إذا لم يكن شديد الجعودة، ولا سَبِطاً، تقول منه: رجّل شعره ترجيلاً».۳
وقال:
الرُّجمة - بالضمّ - واحدة الرجم والرِجام، وهي حجارة ضخام دون الرضام، وربما جمعت على القبر ليسنّم.
وقال عبد اللَّه مغفّل في وصيّته: لا ترجموا قبري؛ أي لا تجعلوا عليه الرجم، أراد بذلك تسوية قبره [بالأرض‏] وأن لا يكون مسنّماً مرتفعاً، انتهى.۴
أقول: لعلّ المراد: يا سعد، أنت مرتجى للناس مرجوّ منك حصول مقاصدهم، وشعرك مسرّح منظّف محسّن، وفحلك - أي خصمك - المدّعي للغلبة، مرجّم القبر، غير داخل في سلك الأحياء.
وقيل: أي خصمك مرجوم مطرود.۵
وقيل: المرجم إمّا من جعل على قبره الرجمة، أو من رجم في المعارك ورمى فيها،

1.القاموس المحيط، ج ۲، ص ۱۷۶ (رجز) مع التلخيص.

2.لم نعثر عليه في الصحاح.

3.الصحاح، ج ۴، ص ۱۷۰۶ (رجل).

4.الصحاح، ج ۵، ص ۱۹۲۸ (رجم).

5.قاله العلّامة المجلسي رحمة اللَّه عليه في مرآة العقول، ج ۲۶، ص ۳۳۵.