مراقبات شهر رمضان صفحه 7

المقدّمة

الحمد للّه ربّ العالمين والصلاة والسلام على عبده المصطفى محمّد وآله الطاهرين وأصحابه الأخيار الميامين .
من المنظور الإسلامي تكمن فلسفة خلق الإنسان والغاية المرجوّة من وجوده ، بإعداده لبلوغ الكمال المطلق ، ومِن ثَمَّ فإنَّ كلّ ما جاء في النصوص الإسلامية باعتباره سرّا لبعث الأنبياء والرسل الإلهيّين كالعدالة والعلم والحرية ، إنّما هو مقدّمة لتربية الإنسان ، والارتفاع به إلى مستوى الإنسان الكامل .
تأسيسا على هذا الفهم ينبغي لمن يؤمن بالإسلام وينتمي لهذا الدين ، أن يغتنم كلّ فرصة تسنح له ويستفيد منها لتحقيق هذا الهدف الجليل ، ولكن يبقى شهر رمضان بالنسبة للسالك إلى اللّه فرصة ثمينة لا تضاهى لمن يحسن أن يغتنمها ، إذ بمقدوره أن يتوغّل في هذا الطريق ويطوي في ليلة واحدة مسار ألف شهر ، على ما ينصّ عليه القرآن الكريم : « لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ » . ۱
فاللّه سبحانه أعدّ في هذا الشهر الفضيل ضيافةً خاصّةً لتنمية الروح ، بحيث يصبحُ بمقدورها أن تُحدث في الحياة المعنوية للإنسان تحولاً عظيما يفضي به إلى السعادة الدائمة ، ويضمن له الفوز الأبدي .
بيد أنّ المسألة المهمّة في هذا المسار هي أن يعرف الإنسان الّذي يعتزم أن يدلف إلى عالم هذه الضيافة الرحبة ، إلى أينَ ذاهب هو ؟ وما معنى ضيافة اللّه ؟ وكيف ينبغي له أن يدخلها ؟ ثُمَّ ماذا عليه أن يفعل ؟ وكيف ينهض بمسؤوليتها ؟

1.القدر : ۳ .

مراقبات شهر رمضان صفحه 8

وكيف يخرج منها ؟ فمعرفة ذلك كلّه ضروري ، لكي ينعم الإنسان بهذه الضيافة ويستفيد منها كما ينبغي .
ذكرنا أجوبة الأسئلة المذكورة بالتّفصيل ، وبالاستنارة والاستعانة بآيات الكتاب العزيز ، والأحاديث الإسلاميّة الشّريفة في كتاب شهر اللّه في الكتاب والسنّة ، وجعلناه في متناول القرّاء والمحقّقين الأعزّاء .
ولعدم وجود الوقت المناسب لقراءته عند بعض الراغبين فيه ، لخّصناه تحت عنوان «مراقبات شهر رمضان» ، وها هو بين يدي القارئ الكريم .
والجدير بالذكر أنّ هذه الخلاصة قد اشتملت على جميع المباحث الأصلية ، والتّحليلات الواردة في كتاب «شهر اللّه في الكتاب والسنّة» ، وإنّما اقتصرنا على حذف بعض الأحاديث الّتي وردت مضامينها ضمن أحاديث اُخرى ، كما حذفنا عددا من الأدعية المذكورة فيه .
وفي الختام أتقدّم بالشّكر الجزيل لجميع الفضلاء الذينَ ساهموا وشاركوا في تدوين هذا السِّفر الجليل ، وبالخصوص الفاضل الجليل رسول الاُفقي الّذي أعانني في تأليفه وتلخيصه . وأسأل الباري عز و جل أن يتفضّل على الجميع بالأجر الجزيل .
ربّنا ، تقبّل منّا ، إنّك أنت العزيز الحكيم .
محمّد محمّدي الرَّيشَهري
15 ربيع الثاني / 1426 ه
2 خُرداد 1384
23 أيار 2005