الرّسائل الرّجاليّه ج1 صفحه 7

تصديـرٌ

لاريب أنّ الحديث الحاكي للسنّة هو المصدر الثاني في تحصيل العلوم الإلهيّة بعد كتاب اللّه ـ تبارك وتعالى ـ فهو من المصادر المهمّة التي يدور عليها مدار الاستنباط والاجتهاد في أحكام اللّه .
ولمّا كانت السنّة الشريفة بما فيها قول المعصوم أو فعله أو تقريره على هذه الأهمّية العظيمة والخطيرة ، فلابدّ من إحراز صدورها عنهم عليهم السلام ـ بطريق علمي أو وجداني ـ من خلال الاطمئنان بصحّة سندالروايات التي بطبعها تكون حاكية عنها ، والعلم بما يعرض على متن الحديث ، من حيث كونه نصّا أو ظاهرا ، خاصّا أو عامّا، مطلقا أو مقيّدا، مجملاً أو مبيّنا، معارضا أو غير معارض، أو موضوعا أم لا .
وذلك لا يتيسّر لكلّ مُراجع ومستنبط إلاّ إذا كان عالما خبيرا بعلوم الحديث ، كعلم الرجال والدراية وفقه الحديث والأُصول والأدب ؛ وقد اهتمّ علماء الشيعة ورواة أخبار آل محمّد صلى الله عليه و آله ـ حيث يتوارثونه خلفا عن سلف ـ برواية الحديث وحفظه وحمله وجمعه وترتيبه ، ونقده وتعديل رواته والتحقيق في تاريخه وطبقات رجاله وفنون درايته ، فصنّفوا بذلك كتبا وأُصولاً ومجموعات حديثيّة وألّفوا كتبا ورسائل في علم الرجال ، وشرح الحديث ، وغريب الحديث ، ودراية

الرّسائل الرّجاليّه ج1 صفحه 8

الحديث ، مضافا إلى تعرّضهم لما يتعلّق بأحوال الحديث في كتب الأُصول والفقه والتفسير والكلام . وقد حمل هؤلاء العلماء أعباء الرسالة الإسلاميّة وشيّدوا بنيانها ، وتركوا لنا ميراثا علميّا حديثيّا عظيما ، يصعب على الباحث أن يحيط بكلّ من أَلّف وما أُلّف ؛ ومن المؤسف أنّ كثيرا من آثارهم مجهول أو مفقود ، وكثيرا منها بقي مخطوطات على رفوف المكتبات العامّة والخاصّة ، بعيدة عن أيدي الباحثين والطلاب .
هذا ، وقد عزم مركز أبحاث دارالحديث لإحياء وتحقيق ما تيسّر له من ميراث الشيعة في هذا المضمار ، ومنها هذه المجموعة القيّمة في علمي الدراية والرجال من آثار العالم الفاضل المحقّق المدقّق والمتتبّع الخبير الشيخ أبو المعالي الكلباسي المتوفّى سنة 1315 ق . وكانت أكثرها رسائل مخطوطة لم تطبع إلى الآن ، وقد طبعت بعض الرسائل على طبعة حجرية مشحونة بالأغلاط والأخطاء .
هذا وقد تصدّى لتصحيحها وتحقيقها حجّة الإسلام الشيخ محمّد حسين الدرايتي يساعده في ذلك جمع من محققينا الأعزّاء ، فللّه درّهم وعليه أجرهم ، واللّه هو المسؤول أن يوفّقنا لخدمة المكتبة الإسلاميّة وإحياء السنّة الشريفة .
قسم إحياء التراث
في مركز بحوث دارالحديث
علي أوسط الناطقي