الرواشح السماوية صفحه 5

تصديرٌ

الحمد للّه ربّ العالمين وصلّى اللّه على نبيّنا محمّد وعلى آله الطاهرين.
لا ريب في أنّ الحديث الشريف أهمّ ميراث نفيس ومخلّد ورثناه عن المعصومين عليهم السلام . وهو أثرى مصدر للفكر الديني وللتشريع الإسلامي من بعد القرآن الكريم . وله السهم الأوفر في معرفة الإسلام والتعريف به ، وفي بلورة وتطوّر العلوم الإسلامية . بل غدا بحدّ ذاته مصدرا لانبثاق علوم متعدّدة اُخرى كعلم الرجال ، وعلم دراية الحديث ، وفقه الحديث ، ومصطلحات الحديث ، و غريب الحديث ، وهي علوم أوجدتها الضرورة وجاءت في سبيل صيانة واستيعاب محتوى هذا التراث القيّم ، وتطورت ضمن هذا السياق.
وقد بذل كلّ واحد من علماء الدين مقدارا من الجهد بما يتناسب مع أحواله ومتطلبات عصره في مجال تحديد الموضوعات وتبيين أُسس وقواعد كلّ واحد من هذه الفروع ، فخلفوا وراءهم آثارا ومؤلفات لا يُستهان بها.
ولابدّ من الإشارة إلى أنّ علم الدراية يدخل في عداد أهمّ فروع علوم الحديث ، ومن جملة مهامّه دراسة وتمحيص الحديث من جوانب وزوايا مختلفة ، ويضطلع بوظيفة تقسيم وتبويب وتقييم أقسام الحديث بالأساليب والقواعد المناسبة لهذا الغرض . ورغم أنّ هذا العلم لم يكن موضع إهتمام عند المتقدّمين من علماء الشيعة على نحوٍ مستقلٍ ، إلاّ أنّ أُسسه وقواعده كانت تحظى باهتمامهم ، حتى أنّهم رسموا الكثير من أبحاثه وعيّنوا قواعده في مقدّمة كتبهم الحديثية ، وبين طيات بحوثهم الاُصولية والرجالية والفقهية .
قيل إن أوّل من بحث موضوعات علم الدراية بشكل مستقل وأفرد له رسالة مستقلة

الرواشح السماوية صفحه 6

هو الشهيد الثاني زين الدين العاملي الذي ألّف في بداية المطاف رسالة «البداية في علم الدراية» ثمّ شرحها لاحقا . ثمّ اقتفى أثره تلميذه حسين بن عبد الصمد الحارثي (المتوفى عام 984ق ) الذي ألّف كتاب «وصول الأخيار إلى أصول الأخبار».
ومن الذين لمعت أسماؤهم في هذا الميدان نشير إلى العلاّمة المحقّق المير محمّد باقر الحسيني الأسترآبادي المعروف باسم الميرداماد العالم الشيعي الألمعي في القرن الحادي عشر للهجرة الذي تناول بحث ودراسة علم دراية الحديث بكلّ دقّة، وألّف كتابا نافعا في هذا العلم تحت عنوان «الرواشح السماوية» .
وقد تولّى قسم تحقيق وتنقيح النصوص الحديثية في مركز دراسات دار الحديث مهمة تحقيق وتنقيح هذا الكتاب الثمين؛ ليكون في متناول أيدي طلبة الحوزات العلمية والباحثين في حقل علوم الحديث.
ونعرب في ختام المطاف عن جزيل شكرنا وتقديرنا إلى الشيوخ الأفاضل : غلام حسين قصيريه ها و نعمت اللّه جليلي ، و عباس محمّدي ، و غلام رضا نقي الذين تبنّوا مهمّة تحقيقه وتنقيحه . ونسأل اللّه أن يتقبّل منّا ويجعله ذخرا لنا ولهم ليوم المعاد.
قسم إحياء التراث
في مركز بحوثِ دارالحديث
14 شعبان المعظم 1422ق
علي أوسط الناطقي