موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6 صفحه 7

تمهيد

العدل : هو أحد صفات فعل اللّه تعالى، وله مكانة خاصّة في البحوث العقيدية، تبلغ أهمّية هذه الصفة الإلهية حدّا بحيث إنّ أتباع أهل البيت عليهم السلام يعدّونها أحد الاُصول العقيدية الخمسة للإسلام. ۱
نظرا إلى أهمّية العدل الإلهي، فإنّ السؤال الأوّل الّذي يتبادر إلى الأذهان قبل طرح المواضيع المتعلّقة به هو: لماذا لم تنسب هذه الصفة في القرآن الى اللّه سبحانه ، وإنما نُفي الظلم عن اللّه ـ تعالى ـ إحدى وأربعين مرّةً بدلاً من وصفه بالعدل؟
بعبارة اُخرى، لماذا لم يرد في القرآن الكريم في بيان العدل الإلهي: إن اللّه عادل، بل ورد إن اللّه ليس بظالم؟
يمكن القول إجابةً على هذا السؤال : إنّه نظرا إلى أنّ المصائب والشرور الّتي يُبتلى بها الإنسان في العالم ، تثير في أذهان الكثير من الناس شبهة الظلم، فإنّ نفي الظلم عن اللّه ـ تعالى ـ أقرب إلى البلاغة وأبلغ في إزالة شبهة المخاطَب من إثبات العدل له .
احتمل البعض أنّ عدم استخدام كلمة «العدل» فيما يتعلّق بذات الخالق المنزّهة

1.راجع: ص ۶۱ (تحليل حول اعتبار العدل الإلهي من اُصول الدين) .

موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6 صفحه 8

سببه أنّ العدل يدلّ أحيانا على مفهوم الشرك . ۱ فلم يرد اللّه أن يستعمل هذا اللفظ المشترك فيما يتعلّق بذاته المقدّسة. ۲

بيان «العدل» و «الظلم»

أوّلاً : الظلم لغةً واصطلاحا

تعني كلمة «الظلم» لغةً : «وضع الشيء في غير موضعه الخاصّ به» أو «تجاوز الحدّ» أو «الانحراف عن الاعتدال» ، حيث يصرّح ابن منظور في هذا المجال قائلاً:
الظلم: وضع الشيء في غير موضعه... وأصل الظلم: الجور ومجاوزة الحدّ... والظلم: الميل عن القصد ... . ۳
ويصرّح الراغب أيضا في هذا الصدد:
والظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء : وضع الشيء في غير موضعه المختصّ به، إمّا بنقصان أو بزيادة، وإمّا بعدول عن وقته أو مكانه... والظلم يقال في مجاوزة الحقّ . ۴
يبدو أنّ أكثر معاني الظلم شمولية هو : «وضع الشيء في غير موضعه» ، أمّا المعاني الاُخرى فتعود عند التأمّل إلى هذا المعنى.

ثانيا : العدل لغةً واصطلاحا

العدل : هو المعنى المقابل للظلم ، بناءً على ذلك، فإنّ أكثر معاني العدل شمولية هو «وضع الشيء في موضعه الخاصّ به» أيضا، وقد وردت الإشارة إلى هذا المعنى الشامل في رواية عن الإمام عليّ عليه السلام :

1.مثل : «ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ» الأنعام : ۱ .

2.پيام قرآن (من وحي القرآن «بالفارسية») : ج ۴ ص ۴۰۳ .

3.لسان العرب: ج ۱۲ ص ۳۷۳ .

4.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۵۳۷ .