الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي صفحه 7

التصدير

انسابَ الحديث من بعد عصر صدوره بين طيّات التاريخ وثناياه ، وكان أصحاب المعصومين أوّل من أخذوا على عاتقهم مهمّة نقل وفهم وتدوين الحديث. ومن بعدهم اهتمّ المحدّثون المتبحّرون الشيعة بأمر الحديث وركّزوا جهودهم عليه.
ولاشكّ في أنّ معرفة الاُسس والاُصول الّتي اعتمدها أصحاب المعصومين، ومحدثو العهود الاُولى تمثل مفتاحاً تُحلّ به الكثير من العُقد المستعصية في فهم الحديث. وفي مجال إسناد الروايات وعلم الرجال بذل الكثير من قدماء الأصحاب جهوداً كبرى وألّفوا كتباً مهمّة في هذا الحقل، بيد أنّ أكثرها قد عفا عليها الزمن ، ولم تصل إلى أيدي المتأخّرين ، وتتجلّى هذه المشكلة أكثر ما تتجلّى بشأن المؤلّفات الّتي كتبت حتّى القرنين الرابع والخامس ، ولكن من حسن الحظّ أنّ الكثير من هذه الاُسس والاُصول الحديثية ممّا كان مدوّناً في المصادر القديمة ، أو ما كان قد نُقل منها مشافهة عبر الأجيال، قد وصلت إليهم في القرون الوسطى(من التاريخ الهجري) ، أو أنّهم انتزعوها اجتهاداً واستناداً إلى المصادر المتوفّرة يومذاك، ولكن بمعلومات تتناسب مع طبيعة ذلك العصر، في ما كان قد سُجّل بين ثنايا المتون ذات الصِّلة بالحديث.
وانطلاقاً ممّا سبق ذكره، فإنّ دراسة الكتب المتعلّقة بالحديث ـ وخاصّة شرح الأحاديث ـ تكشف لنا عن مثل هذه الاُسس والاُصول في التعامل مع الحديث.

الأسس الحديثية و الرجالية عند العلامة الشيخ محمد تقي المجلسي صفحه 8

وقد دأب المرحوم ملاّ محمّد تقي المجلسي المعروف بالمجلسي الأوّل على كشف ما انتهجه القدماء من طرق وأساليب في تعاطيهم مع الحديث ، وقدّم للمتأخّرين معلومات قيّمة في هذا المجال في شرحيه على كتاب من لا يحضره الفقيه، وقد كتب أحد هذين الشرحين باللغة العربية تحت عنوان روضة المتقين، وكتب الشرح الآخر باللغة الفارسية تحت عنوان لوامع صاحبقراني.
وممّا لاشكّ فيه هو أنّ إحدى ضرورات التحقيق فيحقل الحديث والرجال عند الشيعة ، هي استعادة اُصول معرفة الحديث عند القدماء وتسليط الضوء عليها من جديد. وشعوراً منّا و بهذه الضرورة فقد أناط قسم الرجال في مركز البحوث التابع لدار الحديث هذا الأمر باثنين من خِيرة المحقّقين ، وكلّفها بمهمّة النهوض به. وما بين أيديكم هو حصيلة جهود هذين الفاضلين. حيث كان أحدهما وهو سماحة حجّة الإسلام الشيخ محمّد رضا جديدي نژاد بالبحوث الّتي تناولت سيرة محمّد تقي المجلسي، وتاريخ الحديث والرجال ومصطلح الحديث عنده، بينما اضطلع المحقّق الفاضل سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ عبد الهادي المسعودي ببحث فقه الحديث عند محمّد تقي المجلسي . ونحن إذ نشكر لهما جهودهما ، نَسأل اللّه العلي القدير دوام الموفقية لهما.
مركز البحوث في دار الحديث
قسم الرجال