17
إكسير المحبّة

مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ » 1 :

۰.«هُوَ القَلبُ الَّذي سَلِمَ مِن حُبِّ الدُّنيا» ۲ .

هاهنا يأتي سؤال آخر عن جذور أمراض القلب التي توقع الإنسان في حبّ الدنيا ، والجواب هو أنّ جذور أمراض القلب ومصدر كلّ الرذائل الأخلاقيّة يكمن في الأنانيّة ؛ ولهذا فليس هنالك من سبيل لاجتثاث حبّ الدنيا من جذوره إلاّ من خلال مكافحة خصلة الأنانيّة ، وقد خاطب الإمام الخميني رحمه اللهولده قائلاً في هذا المعنى :

۰.«اُوصيك يابنيّ بالانعتاق من قيود الأنانيّة والعجب؛فهما إرث الشيطان، وبهما عصى أمر اللّه حين أمره بالسجود لوليّه وصفيّه ، واعلم أنّ كلّ مصائب بني آدم ناتجة عن هذا الإرث الشيطاني ، وهو أصل اُصول الفتنة ، ولعلّ الآية الشريفة : « وَقَـتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُو لِلَّهِ »۳ تشير في بعض مراحلها إلى الجهاد الأكبر ومحاربة أصل الفتنة وهو الشيطان الأكبر وجنودهُ المتوغّلون في أعماق قلوب النّاس ، حيث يجب على كلّ امرئٍ أن يجاهد من أجل إزالة الفتنة من داخل نفسه ومن خارجها ، وهذا هو الجهاد الذي إن انتصر فيه الإنسان ، يصلح كلّ الناس وكلّ شيء» ۴ .

1.الشعراء : ۸۹.

2.تفسير مجمع البيان : ۷ / ۳۰۵ .

3.الأنفال : ۳۹ .

4.صحيفة النور : ۲۲ / ۳۷۱ و ۳۷۲ .


إكسير المحبّة
16

هذه الرؤية قال إمام العارفين :

۰.«كما أنَّ الشَّمسَ وَاللَّيلَ لا يَجتَمِعانِ ، كَذلِكَ حُبُّ اللّهِ وحُبُّ الدُّنيا لايَجتَمِعانِ» ۱ .

۰.ولا يبدو ثمّة فارق هنا بين اللذائذ المحلّلة والمحرّمة ؛ لأنّ اللذائذ المحلّلة أيضا إذا اتّخذت كهدف فهي تؤدّي بالمرء إلى الانغماس في الظلمات ، وتحول بينه وبين الحبّ الحقيقي للنور المطلق ، وفي هذا المعنى قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله لأبي ذرّ : «لِيَكُن لَكَ في كُلِّ شَيءٍ نِيَّةٌ صالِحَةٌ حَتَّى الأَكل وَالنَّوم» ۲ ،

فمن الطبيعيّ أنّ اللذائذ المحرّمة تغمس صاحبها في ظلمات أكثر ، وتحجبه بحجب وحواجز أكبر .
إنّ الاجتناب عن مطلق حبّ الدنيا هو أسمى مراتب التقوى ، وإذا ناله الإنسان نال إكسير المحبّة ، وبلغ أرفع درجات النعيم المعنوي ، وعن هذا الصنف من المتّقين قال الإمام محمّد الباقر عليه السلام :

۰.«قَطَعوا مَحَبَّتَهُم بِمَحَبَّةِ رَبِّهِم ... ونَظَروا إلَى اللّهِ ...» ۳ .

علاج حبّ الدنيا

لحبّ الدنيا جذور منبثقة من أمراض القلب ، والقلب السليم خالٍ من حبّ الدنيا . قال الإمام الصادق عليه السلام في بيانه لمعنى الآية الكريمة « إِلاَّ

1.اُنظر : ص ۹۲ ، ح ۱۷۷ .

2.مكارم الأخلاق : ۲ / ۳۷۰ / ۲۶۶۱ .

3.اُنظر : ص ۴۸ (التّقوى) .

  • نام منبع :
    إكسير المحبّة
    المساعدون :
    التقديري، محمد؛ المسعودي، عبد الهادي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 63948
الصفحه من 144
طباعه  ارسل الي