23
إكسير المحبّة

شعور يدفع الإنسان إلى تحمّل المسؤوليّات الفرديّة والاجتماعيّة . وكلّما ازداد هذا الشعور لدى الإنسان قوّة يتّخذ الذكر لديه طابعا واقعيّا أعمق ، وتتمخّض عنه آثار وبركات أكثر ، والدوام على الذكر بهذا المعنى هو أمر عسير جدّا ، قال الإمام الصادق عليه السلام لأحد أصحابه في هذا المعنى :

۰.«ألا اُخبِرُكَ بِأَشَدِّ ما فَرَضَ اللّهُ عَلى خَلقِهِ ؟ قالَ : قُلتُ : بَلى ، قالَ : إنصافُ النّاسِ مِن نَفسِكَ ومُواساتُكَ أخاكَ ، وذِكرُ اللّهِ في كُلِّ مَوطِنٍ ، أما إنّي لا أقولُ : سُبحانَ اللّهِ ، وَالحَمدُ للّهِِ ، ولا إلهَ إلاَّ اللّهُ ، وَاللّهُ أكبَرُ ، وإن كانَ هذا مِن ذاكَ ، ولكِن ذِكرُ اللّهِ جَلَّ وعَزَّ في كُلِّ مَوطِنٍ إذا هَجَمتَ عَلى طاعَةٍ أو عَلى مَعصِيَةٍ» ۱ .

أكمل مصاديق الذكر

الصلاة أكمل مصاديق الذكر ، والآية الكريمة : « أَقِمِ الصَّلَوةَ لِذِكْرِى »۲ تشير إلى هذا المعنى . فالصلاة إذا اُقيمت بآدابها وشروطها ـ وخاصّة حضور القلب ـ ينجم عنها في الخطوة الاُولى تطهير القلب من كلّ رذيلة وكلّ قبيح ، كما قال الباري تعالى : « إِنَّ الصَّلَوةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَآءِ وَ الْمُنكَرِ »۳ ، وإذا زكّى المرء نفسه من لوث الرذائل ، اتّصف

1.الكافي : ۲ / ۱۴۵ / ۸ .

2.طه : ۱۴ .

3.العنكبوت : ۴۵ .


إكسير المحبّة
22

لقد قدّم الفقيه والمحدّث الكبير الفيض الكاشاني رحمه الله في رسالة «زاد السالك» التي كتبها جوابا على سؤال عرضه عليه أحد العلماء عن كيفيّة السلوك إلى اللّه ، خمسه وعشرين توجيها؛ قال في التوجيه الثامن عشر منها:
«أكثِر من الأذكار والدعوات والأوراد التي تساعد على تهذيب النفس ، في أوقات معيّنة وخاصّة بعد الصلوات الواجبة ، وإذا استطاع المرء أن يشغل لسانه أكثر الأوقات بذكر اللّه وإن كانت الجوارح مشغولة بأعمال اُخرى ، فيالها من سعادة . وقد نقل عن الإمام الباقر عليه السلام أن لسانه المبارك كان رطبا بذكر اللّه في أكثر الأوقات بذكر لا إله إلاّ اللّه في أثناء الأكل والكلام والمشي إلى غير ذلك ۱ ، فإنّ هذا عون وإسناد قويّ لكلّ سالك ، وإذا اقترن الذكر اللساني بالذكر القلبي ينجم عن ذلك توفيق باهر في زمن قصير ، فعلى الإنسان أن يحاول ما استطاع ذكر اللّه في كل لحظة لكي لا يغفل ؛ إذ أنّ الذكر لا يضاهيه شيء في السلوك ، وهذا بمثابة العون القوي للإنسان من أجل ترك معصية اللّه » ۲ .
الثّانية : حقيقة الذكر هي استشعار المثول بين يدي اللّه تعالى ، وهو

1.نص الحديث المروي في الكافي : ۲ / ۴۹۸ هكذا عن الإمام الصادق عليه السلام أ نّه قال : «وكان أبي كثير الذكر ؛ لقد كنت أمشي معه وإنّه ليذكر اللّه ، وآكل معه الطعام وإنّه ليذكر اللّه . ولقد كان يحدِّث القوم وما يشغله ذلك عن ذكر اللّه . وكنت أرى لسانه لازقا بحنكه يقول : لا إله إلاّ اللّه » .

2.عشرة رسائل للمحقّق الكبير الفيض الكاشاني ، عنى بنشرها : رسول جعفريان ، مطبعة نشاط ، ۱۹۹۲م .

  • نام منبع :
    إكسير المحبّة
    المساعدون :
    التقديري، محمد؛ المسعودي، عبد الهادي
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 63611
الصفحه من 144
طباعه  ارسل الي