23
كتابه عليه السلام إلى أهل الكوفة
۰.فقال المفيد رحمه الله : ولمَّا بلغ أمير المونين عليه السلام ما قال وصنع۱، غضب غضبا شديدا ، وبعث الحسن عليه السلام وعَمَّار بن ياسِر ، وكتب معهم كتابا فيه :« بِسْمِ اللّه ِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مِن عَبدِ اللّه ِ عليّ بنِ أبي طالبٍ أميرِ المُوِنينَ ، إلى أهلِ الكُوفَة ِ من المُوِنينَ والمُسلمِين َ ، أمَّا بَعدُ ؛ فإنَّ دارَ الهِجرَةِ تَقَلَّعَتْ بِأهلِها فانْقَلَعوا عَنها ، فجاشَتْ جَيْشَ المِرْجَلِ ، وكانَت فاعلةً يوما ما فَعَلتَ ، وقَد ركِبَتِ المرأةُ الجمَلَ ، ونَبَحَتْها كِلابُ الحَوْأبِ ، وقامَت الفتنةُ الباغِيَةُ يَقودُها رِجالٌ يَطلبُونَ بِدَمٍ هُمْ سَفَكُوهُ ، وعِرضٍ هُم شَتَمُوهُ ، وحُرمَةٍ هُمُ انْتَهَكوها ، وأباحُوا ما أباحوا ، يَعتَذِرونَ إلى النَّاسِ دُونَ اللّه ِ « يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَـسِقِينَ »۲ .
اعلموا ـ رَحِمَكُمُ اللّه ُ ـ أنَّ الجِهادَ مُفتَرَضٌ على العِبادِ ، وَقَد جاءَكُم في دارِكُم مَن
يَحُثُّكُم عَلَيهِ ، ويَعرِضُ عَلَيكُم رُشدَكُم ، واللّه ُ يَعلمُ أنِّي لم أجِد بُدَّا مِنَ الدُّخولِ في هذا الأمرِ ، ولَو عَلِمتُ أنَّ أحَدا أولى بِهِ منِّي ما قدِمتُ عَليهِ ، وقد بايَعني طَلْحَة ُ والزُّبَيْر ُ طائِعَيْنِ غَيرَ مُكرَهَين ، ثُمَّ خرَجا يَطلُبانِ بِدَمِ عُثمانَ وَهُما اللَّذانِ فَعَلا بِعُثمانَ ما فَعَلا ، وَعجِبتُ لَهُما ! كَيفَ أطاعا أبا بَكر ٍ وعُمَر َ في البيعةِ ، وأبَيا ذلِكَ عليَّ ، وهما يَعلَمان أنِّي لَستُ بِدُونِ أحدٍ منهُما ، مع أنِّي قد عَرَضتُ عَلَيهِما قبلَ أن يُبايعاني، إن أحبَّا بايَعتُ أحدَهُما ، فقالا: لا نَنْفَسُ ذَلِكَ عَليكَ ، بل نُبايُعكَ ، ونُقَدِّمُكَ عَلَينا بِحَقٍّ ، فبايَعا ثُمَّ نكَثا ، والسَّلامُ علَى أهلِ السَّلامِ . » ۳