223
مكاتيب الأئمّة ج1

مكاتيب الأئمّة ج1
222

41

كتابه عليه السلام إلى الأشْعَث

۰.قال اليعقوبي : وكتب إلى عمَّاله يستحثهم بالخَراج ، فكتب إلى الأشْعَث بن قَيْس ، وكان عامله بأذربيجان :« أمَّا بعدُ ؛ إنَّما غرَّك مِن نَفسِكَ ، وجرَّأك على آخرك إملاءُ اللّه ِ لكَ ، إذ ما زِلتَ قديما تأكُلُ رِزقَهُ ، وتُلحِدُ في آياتِهِ ، وتَستَمتِعُ بِخَلاقِكَ ، وتُذهِبُ بحسناتِكَ إلى يَومِكَ هذا ، فإذا أتاكَ رَسُولي بِكتابي هذا فأقْبِلْ واحمِلْ ما قِبَلَكَ مِن مالِ المُسلِمين َ ، إن شاءَ اللّه ُ » . ۱

[ أقول : نقل المصنّف كتابه لأمير المؤمنين عليه السلام إلى الأشْعَث بن قَيْس ، يخبره بما جرى من حرب الجمل ، ويطالبه بالمال، وفي لهجته عليه السلام لين وموعظة ، كما في قوله: وأنَّه لولا هَنات كنَّ منك كنت المقدّم في هذا الأمر . ونقله ـ الكتاب ذاته ـ
النَّهج برقم 48 ، ولكنَّ كتابه عليه السلام هذا فيه تشديد وتوبيخ ، ويحتمل أ نّه قد صدر من الأشْعَث فيما بين هذين الكتابين ما يوجب هذا التّوبيخ ، ولكنّي لم أجد العمل الَّذي ارتكبه .
ولقد كان الأشعث بن قَيْس قد اعترض على أمير المؤمنين بقوله: يا أمير المؤمنين هذه عليك لا لك . ] [ ومن كلام له عليه السلام قاله للأشعث بن قَيْس وهو على منبر الكوفة يخطب ، فمضى في بعض كلامه شيء اعترضه الأشْعَث فيه ، فقال: يا أمير المونين ، هذه عليك لا لك ، فخفض عليه السلام إليه بصره ثُمَّ قال :
« ما يُدْرِيكَ ما عَليَّ ممَّا لي؟ عَليك لَعْنَةُ اللّه ِ ولَعنةُ اللاّعِنِين، حَائِكٌ ابنُ حَائكٍ مُنَافِقٌ ابنُ كافِرٍ ، واللّه ِ لقد أَسَرَك الكفرُ مَرَّةً ، والإِسْلام ُ أُخْرى ، فما فَدَاك مِن وَاحدَةٍ مِنهُما مالُكَ ، ولا حَسبُكَ وإنَّ امرأً دَلَّ على قومِهِ السَّيْفَ وساقَ إِليهمُ الحَتْفَ ، لَحَرِيٌّ أنْ يَمْقُتَهُ الأَقْرَبُ ، ولايَأْمَنَهُ الأبْعَدُ » .
قال السَّيِّد الشَّريف رحمه الله: يريد عليه السلام أنَّه أُسر في الكفر مرَّة ، وفي الإسلام مرَّة . وأمَّا قوله: دلَّ عليه السلام على قومه السَّيف ، فأراد به حديثا كان للأشعث مع خالد بن الوليد باليمامة ، غرَّ فيه قومه ، ومكر بهم حَتَّى أوقع بهم خالد ، وكان قومه بعد ذلك يسمّونه عرف النَّار ، وهو اسم للغادر عندهم .
الأسر الأوَّل ، كان قبل الإسلام حين خرج الأشْعَث يطلب ثارا ، لمَّا قتلت « مراد » الأشجّ ۲ ، فأسر الأشْعَث ، ففدي بثلاثة آلاف بعير ، كما قيل .
وأمَّا الأسر الثَّاني في الإسلام ، فإنَّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله لمَّا قَدِمَتْ كِنْدَة حُجَّاجا قبل الهجرة ، عرض رسول اللّه صلى الله عليه و آله نفسَه عليهم ، كما كان يعرِضُ نفسَه على أحياء
العرب ، فدفعه بنو وَليعَة ـ من بني عَمْرو بن معاوية ـ ولم يقبلوه ، فلمَّا هاجر صلى الله عليه و آله وتمهّدت دعوتُه ، وجاءته وفود العرب ، جاءه وفد كِنْدَة ، فيهم الأشْعَث وبنو وَليعَة ، فأسلموا ، فأطعم رسول اللّه صلى الله عليه و آله بني وَليعَة طُعْمة من صدقات حَضْرَموت ، وكان قد استعمل على حَضْرَموت زياد بن لَبيد البياضي ّ الأنْصاريّ ، فدفعها زياد إليهم فأبَوْا أخذها ، وقالوا : لا ظَهْر لنا فابعث بها إلى بلادنا على ظَهْر من عندك ، فأبى زياد ، وحَدَث بينهم وبين زياد شرّ، كاد يكون حربا ، فرجع منهم قوم إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، و كتب زياد إليه يشكوهم .
وفي هذه الوَقعة كان الخبر المشهور عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، إذ قال لبني وَلِيعَة :
« لَتَنْتَهُنَّ يا بني وَلِيعَة ، أو لأبعَثنَّ عليكم رجلاً عَدِيل نفسي ، يقتُل مُقاتِلَتكم ، ويَسْبي ذراريّكم » .
قال عمر بن الخَطَّاب : فما تمنيت الإمارة إلاّ يومئذ ، وجعلت أنصِب له صدري رجاء أن يقول : هو هذا ، فأخذ بيد عليّ عليه السلام ، وقال : هو هذا .
ثُمَّ كتب لهم رسول اللّه صلى الله عليه و آله إلى زياد فوصلوا إليه بالكتاب ، وقد توفي رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وطار الخبر بموته إلى قبائل العرب ، فارتدَّتْ بنو وَلِيعَة ، وغَنَّتْ بَغاياهم ، وخَضبْنَ له أيديَهُنَّ . ] وأعانهم الأشْعَث فوقع بينهم وبين المسلمين حرب أسر فيها الأشْعَث ، وسلّم قومه إلى السَّيف ، وقتل منهم ثمانمئة ، ولعنه لذلك المسلم والكافر ، ولقّب بعرف النَّار . ] ۳
وكان الأشْعَثُ من المنافقين في خلافة عليّ عليه السلام ، وهو في أصحاب
أمير المونين عليه السلام ، كما كان عبد اللّه بن أُبيّ بن سَلُول في أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، كل واحد منهما رأسُ النِّفاق في زمانه . ۴
وعزله عليّ عليه السلام عن رياسة كِنْدَة ، ثُمَّ طال الكلام في ذلك ، فولاّه ميمنته ، وهي ميمنة أهل العراق . ۵
وغلب على الماء في صفِّين حميّة . ۶
وعبَّر أمير المؤمنين عليه السلام بابن الخمارّة . ۷
وقال عليه السلام : أيُّها النَّاسُ إنَّ الأشْعَثَ لا يَزِنُ عِندَ اللّه ِ جناحَ بَعوضَةٍ ، وإنَّه أقلُّ في دينِ اللّه ِ مِن عَفطَةِ عنز۸.۹
وقال ابن أبي الحديد : كلُّ فساد كان في خلافة عليّ عليه السلام ، وكل اضطراب حَدَث فأصلُه الأشْعَث . ۱۰
بايع وسلَّم على الضَّبّ بإمارة المؤمنين . ۱۱
وألزم أمير المؤمنين عليه السلام بالتَّحكيم ، بل هو الَّذي أسّسه . ۱۲
وشرك الأشْعَث في قتل أمير المؤمنين عليه السلام ، وابنته في قتل الحسن عليه السلام ، وولده
محمَّد في قتل مسلم بن عقيل ، وقَيْس بن الأشْعَث في قتل الحسين عليه السلام . ۱۳
وفي أنساب الأشراف : ويقال : ولاّه ـ بعد قدومه من أذربيجان ـ حلوانَ ونواحيها ، فكتب إليه هذا الكتاب وهو فيها . ۱۴

1.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص ۲۰۰ ، وراجع : أنساب الأشراف : ج۱ ص۱۵۹ .

2.سمّي الأشجّ ، لأنَّه شُجّ في بعض حروبهم .

3.راجع : شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱ ص۲۹۲ ـ ۲۹۷ وراجع : تاريخ الطبري : ج۳ ص۳۳۳ ـ ۳۳۸ ، الإصابة : ج۱ ص۱۰۹ .

4.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱ ص۲۹۷ .

5.وقعة صفِّين : ص۱۳۷ و۱۴۰ .

6.وقعة صفِّين : ص۱۶۷ ؛ مروج الذَّهب : ج۳ ص۳۸۶ .

7.الاحتجاج : ج۱ ص۲۸۰ ، بحار الأنوار : ج۲۹ ص۴۱۹ .

8.العفطة من الشَّاة : كالعطس من الإنسان (تاج العروس: ج ۱۰ ص ۳۳۹ «عفط») .

9.الاحتجاج : ج۱ ص۴۵۱ ح ۱۰۴ ، بحار الأنوار : ج۲۹ ص۴۲۰ .

10.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۲ ص۲۸۰ .

11.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۴ ص۷۵ وقاموس الرجال .

12.راجع : وقعة صفِّين : ص۴۸۰ ـ ۵۱۶ ، تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۷۸ ؛ مروج الذَّهب :ج۳ ص۴۰۰ .

13.راجع : مقاتل الطالبيين : ص۲۰ و۳۳ ، تاريخ الطبري : ج۴ ص۳۳۰ ؛ الإرشاد : ج۲ ص۹۸ .

14.أنساب الأشراف : ج ۲ ص ۳۸۸ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 107667
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي