499
مكاتيب الأئمّة ج1

مكاتيب الأئمّة ج1
498

136

كتابه عليه السلام إلى قَيْس بن سَعْد بن عُبادَة

۰.قال اليعقوبي : قال غياث : ولمَّا أجمع عليّ عليه السلام على قتال معاوية ، كتب أيضا إلى قيس :« أمَّا بعدُ ؛ فاستَعْمِلْ عَبْدَ اللّه ِ بنَ شُبَيْلٍ الأحْمَسِيّ خَلِيفَةً لكَ ، وأَقْبِلْ إليَّ ، فَإنَّ المُسلِمينَ قَدْ أجْمَعَ مَلَوهُم ، وانقَادَتْ جَماعَتُهُم ، فَعَجِّلِ الإقْبالَ ، فَأنا سأَحْضُرَنَّ إلى المحلّين عِندَ غُرَّةِ الهِلالِ ، إن شاء اللّه ، وَما تَأخُّرِي إلاّ لَكَ ، قَضَى اللّه ُ لَنا ولَكَ بالإحسانِ في أمْرِنا كُلِّهِ » . ۱
[ وفي أنساب الأشراف صورة أخرى لهذا الكتاب ، وهي : ] « أمَّا بَعْدُ؛ فاستَعْمِلْ علَى عَمَلِكَ عَبدَاللّه ِ بنَ شُبَيْلٍ الأحْمَسِيّ ، وأَقْبِلْ فَإنَّهُ قَد اجتَمَعَ مَلأُ المُسلِمينَ ، وَحَسُنَتْ طَاعَتُهُم ، وانقادَتْ لِي جَماعَتُهُم ، ولا يَكُنْ لَكَ عَرْجَةٌ ولا لَبْثٌ ،فَإِنَّا جَادُّونَ مُغِذُّونَ وَنَحْنُ شَاخِصُونَ إلى المحلّين ، وَلَمْ أُؤَخِّرِ المَسِيرَ ، إلاّ انتظارا لِقُدومِكَ عَلَيْنا ، إنْ شَاءَ اللّه ُ ، والسَّلامُ » . ۲

قَيْسُ بنُ سَعْدِ بنِ عُبادَة

قيس بن سَعْد بن عُبادَة الأنْصاريّ الخَزْرَجيّ السَّاعدي ، هو أحد الصَّحابة ۳ ومن كبار الأنصار . وكان يحظى باحترام خاصّ بين قبيلته والأنصار وعامّة
المسلمين ۴ ، وكان شجاعا ، كريم النَّفس ، عظيما ، مطاعا في قبيلته ۵ .
وكان طويل القامة ، قويّ الجسم ، معروفا بالكرم ۶ ، مشهورا بالسَّخاء ۷ . حمل اللواء في بعض حروب النَّبيّ صلى الله عليه و آله ۸ . وهو من السَّبَّاقين إلى رعاية حرمة الحقّ ۹ ، والدفاع عن خلافة الحقّ و حقّ الخلافة ، وإمامة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ۱۰ .
وكان من صحابة الإمام عليه السلام المقرّبين وحماته الثَّابتين في أيّام خلافته عليه السلام . ولاّه عليه السلام على مصر ۱۱ ، فاستطاع بحنكته أن يُسكت المعارضين ويقضي على جذور المؤامرة ۱۲ .
حاول معاوية آنذاك أن يعطفه إليه ، بَيْدَ أنّه خاب ولم يُفلح . وبعد مدّة استدعاه الإمام عليه السلام وأشخص مكانه محمّد بن أبي بكر لحوادث وقعت يومئذٍ ۱۳ .
وكان قَيْس قائدا لشرطة الخميس ۱۴ ، وأحد الاُمراء في صفِّين ، إذ ولي رجّالة البصرة فيها ۱۵ .
تولّى قيادة الأنصار عند احتدام القتال ۱۶ وكان حضوره في الحرب مهيبا . وخطبه في تمجيد شخصيّة الإمام عليه السلام ، ورفعه علم الطَّاعة لأوامره عليه السلام ، وحثّ اُولي الحقّ وتحريضهم على معاوية ، كلّ ذلك كان أمارة على وعيه العميق ، وشخصيّته الكبيرة ، ومعرفته بالتَّيّارات السِّياسيَّة والاجتماعيَّة والاُمور الجارية ، وطبيعة الوجوه يومذاك ۱۷ .
ولاّه الإمام عليه السلام على أذربيجان ۱۸ . وشهد قَيْس معه صفِّين والنَّهروان ۱۹ ، وكان على ميمنة الجيش ۲۰ .
ولمّا عزم الإمام عليه السلام على قتال معاوية بعد النَّهروان ، ورأى حاجة الجيش إلى قائد شجاع مجرَّب متحرّس أرسل إليه ليشهد معه الحرب ۲۱ .
وفي آخر تعبئة للجيش من أجل حرب المفسدين والمعتدين ، صعد الإمام عليه السلام على حجارة وخطب خطبة كلّها حرقة وألم ، وذكر الشُّجعان من جيشه ـ ويبدو أنّ هذه الخطبة كانت آخر خطبة له ـ ثمّ أمّر قَيْسا على عشرة آلاف . كما عقد للإمام الحسين عليه السلام على عشرة آلاف ، ولأبي أيّوب الأنْصاريّ على عشرة آلاف ، ومن المؤسف أنّ الجيش قد تخلخل وضعه بعد استشهاده عليه السلام ۲۲ .
وكان قَيْس أوّل من بايع الإمام الحسن عليه السلام بعد استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام ، ودعا الناس إلى بيعته من خلال خطبة واعية له ۲۳ . وكان على مقدّمة جيشه عليه السلام ۲۴ . ولمّا كان عبيد اللّه بن العبّاس أحد اُمراء الجيش ، كان قَيْس مساعدا له ، وحين فرّ عبيد اللّه إلى معاوية صلّى قَيْس بالنَّاس الفجر ، ودعا المصلّين إلى الجهاد والثَّبات والصُّمود ، ثمّ أمرهم بالتَّحرّك ۲۵ .
وبعد عقد الصُّلح بايع قَيْس معاوية بأمر الإمام عليه السلام ۲۶ ، فكرّمه معاوية ، وأثنى عليه ۲۷ .
وعُدَّ قَيْس أحد الخمسة المشهورين بين العرب بالدهاء ۲۸ . وفارق قَيْس الحياة في السِّنين الأخيرة من حكومة معاوية ۲۹ .
في سِيَرِ أعلامِ النبلاء عن عَمْرو بن دِينار : كان قَيْس بن سَعْد رجلاً ضخما ، جسيما ، صغير الرَّأس ، ليست له لحية ، إذا ركب حمارا خطّت رجلاه الأرض ۳۰ .
وفي اُسد الغابة عن ابن شهاب : كان قَيْس بن سَعْد يحمل راية الأنصار مع النبيّ صلى الله عليه و آله . قيل : إنّه كان في سريّة فيها أبو بكر وعمر ، فكان يستدين ويطعم النَّاس ، فقال أبو بكر وعمر : إن تركنا هذا الفتى أهلك مال أبيه ، فمشيا في الناس ، فلمّا سمع سَعْد قام خلف النَّبيّ صلى الله عليه و آله فقال : من يعذرني من ابن أبي قحافة وابن الخَطَّاب ؟ يُبخّلان عليَّ ابني ۳۱ .
وفي تاريخ بغداد عن عروة : باع قَيْس بن سَعْد مالاً من معاوية بتسعين ألفا ، فأمر مناديا فنادى في المدينة : من أراد القرض فليأتِ منزل سعد . فأقرض أربعين أو خمسين ، وأجاز بالباقي ، وكتب على من أقرضه صكّا ، فمرض مرضا قلّ عوّاده ، فقال لزوجته قريبة بنت أبي قحافة ـ اُخت أبي بكر ـ : يا قريبة ، لِمَ ترين قلّ عوّادي ؟
قالت : للذي لك عليهم من الدَّين .
فأرسل إلى كلّ رجلٍ بصكّه ۳۲ .
وفي الاستيعاب : من مشهور أخبار قَيْس بن سَعْد بن عُبادَة : أنّه كان له مال كثير ديونا على النَّاس ، فمرض واستبطأ عوّاده ، فقيل له : إنّهم يستحيون من أجل دَينك ، فأمر مناديا ينادي : من كان لقيس بن سَعْد عليه دَين فهو له ، فأتاه النَّاس حتَّى هدموا درجة كانوا يصعدون عليها إليه ۳۳ .
وفي تاريخ الإسلام عن موسى بن عُقْبَة : وقفت على قَيْس عجوزٌ ، فقالت : أشكو إليك قلّة الجرذان .
فقال : ما أحسنَ هذه الكناية ! املؤوا بيتها خبزا ولحما وسمنا وتمرا ۳۴ .
وفي شُعب الإيمان عن قَيْس بن سعد : لولا أنّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : « المكر والخديعة في النَّار » ، لكنت أمكر هذه الاُمّة ۳۵ .
وفي تهذيب الكمال عن ابن شهاب : كانوا يَعُدُّون دُهاة العرب حين ثارت الفتنة خمسة رَهط ، يقال لهم : ذوو رأي العرب في مكيدتهم : معاوية بن أبي سُفْيَان وعَمْرو بن العاص وقَيْس بن سَعْد بن عُبادَة والمُغِيْرَة بن شُعْبَة ، ومن المهاجرين عبد اللّه بن بُدَيْل بن وَرْقاء الخُزاعِيّ . وكان قَيْس بن سَعْد وابن بُدَيْل مع عليّ ۳۶ .
وفي سِيَرِ أعلامِ النبلاء عن أحمد بن البرقيّ : كان ( قيس ) صاحب لواء النَّبيّ صلى الله عليه و آله في بعض مغازيه ، وكان بمصر واليا عليها لعليّ عليه السلام ۳۷ .
وفي تاريخ الطبري عن الزُّهْريّ : كانت مصر من حين عليّ ، عليها قَيْس بن سَعْدبن عُبادَة ، وكان صاحب راية الأنصار مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وكان من ذوي الرَّأي والبأس ، وكان معاوية بن أبي سُفْيَان وعَمْرو بن العاص جاهدَين على أن يُخرجاه من مصر ليغلِبا عليها ، فكان قد امتنع فيها بالدهاء والمكايدة ، فلم يقدرا عليه ، ولا على أن يفتتحا مصر .
وفي تاريخ الطبري عن سَهْل بن سَعْد : لمّا قتل عثمان وولي عليّ بن أبي طالب الأمر ، دعا قَيْس بن سَعْد الأنْصاريّ فقال له : سر إلى مصر فقد ولّيتُكَها ، واخرج إلى رحلك ، واجمع إليك ثقاتك ومن أحببت أن يصحبك حتَّى تأتيها ومعك
جند ، فإنّ ذلك أرعب لعدوّك وأعزّ لوليّك ، فإذا أنت قدمتها إن شاء اللّه ، فأحسن إلى المحسن ، واشتدّ على المريب ، وارفُق بالعامّة والخاصَّة ، فإنَّ الرِّفق يُمنٌ .
فقال له قَيْس بن سعد : رحمك اللّه يا أمير المؤمنين ، فقد فهمتُ ما قلتَ ، أمّا قولك : اخرج إليها بجند ، فو اللّه لئن لم أدخلها إلاّ بجند آتيها به من المدينة لا أدخلها أبدا ، فأنا أدعُ ذلك الجند لك ، فإن أنت احتجت إليهم كانوا منك قريبا ، وإن أردت أن تبعثهم إلى وجه من وجوهك كانوا عُدّة لك ، وأنا أصير إليها بنفسي وأهل بيتي . وأمّا ما أوصيتني به من الرِّفق والإحسان ، فإن اللّه عز و جلهو المستعان على ذلك .
قال : فخرج قَيْس بن سَعْد في سبعة نفر من أصحابه حتَّى دخل مصر ۳۸ .
وفي الكامل في التاريخ : خرج قَيْس حتَّى دخل مصر في سبعة من أصحابه ... ، فصعد المنبر فجلس عليه ، وأمر بكتاب أمير المؤمنين فقرئ على أهل مصر بإمارته ، ويأمرهم بمبايعته ومساعدته وإعانته على الحقّ ، ثمّ قام قَيْس خطيبا وقال :
الحمد للّه الَّذي جاء بالحقّ وأمات الباطل وكبت الظَّالمين ، أيُّها النَّاس ، إنَّا قد بايعنا خير من نعلم بعد نبيّنا صلى الله عليه و آله ، فقوموا أيُّها النَّاس فبايعوه على كتاب اللّه وسنّة رسوله ، فإن نحن لم نعمل لكم بذلك فلا بيعة لنا عليكم .
فقام النَّاس فبايعوا ، واستقامت مصر ، وبعث عليها عمّاله إلاّ قرية منها يقال لها : خَرنبا ، فيها ناس قد أعظموا قتل عثمان ، عليهم رجل من بني كِنانَة ثمّ من بني مُدلج اسمه يزيد بن الحرث ، فبعث إلى قَيْس يدعو إلى الطَّلب بدم عثمان .
وكان مَسْلَمَة بن مخلّد قد أظهر الطَّلب أيضا بدم عثمان ، فأرسل إليه قَيْس : ويحك أعليَّ تثب ؟ ! فواللّه ، ما اُحبّ أنّ لي ملك الشَّام إلى مصر وأنّي قتلتك !
فبعث إليه مَسْلَمَة : إنّي كافّ عنك ما دمت أنت والي مصر .
وبعث قَيْس ـ وكان حازما ـ إلى أهل خَرنبا : إنّي لا اُكرهكم على البيعة ، وإنّي كافّ عنكم ، فهادنهم وجبى الخراج ليس أحد ينازعه ۳۹ .
وفي تاريخ الطبري عن أبي مِخْنَف : لمّا أيس معاوية من قَيْس أن يتابعه على أمره ، شقّ عليه ذلك ؛ لما يعرف من حزمه وبأسه ، وأظهر للناس قِبله أنّ قَيْس بن سَعْد قد تابعكم ، فادعوا اللّه له ، وقرأ عليهم كتابه الَّذي لان له فيه وقاربه .
قال : واختلق معاوية كتابا من قَيْس بن سعد ، فقرأه على أهل الشَّام :
بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم ، للأمير معاوية بن أبي سُفْيَان من قَيْس بن سعد ، سلام عليك ، فإنّي أحمد إليكم اللّه الَّذي لا إله إلاّ هو ، أمّا بعد ، فإنّي لمّا نظرت رأيت أنّه لا يسعني مظاهرة قوم قتلوا إمامهم مسلما محرما برّا تقيّا ، فنستغفر اللّه عز و جل لذنوبنا ، ونسأله العصمة لديننا . ألا وإنّي قد ألقيت إليكم بالسِّلم ، وإنّي أجبتك إلى قتال قَتلة عثمان ، إمام الهدى المظلوم ، فعوّل عليَّ فيما أحببت من الأموال والرِّجال اُعجّل عليك ، والسَّلام .
فشاع في أهل الشَّام أنّ قَيْس بن سَعْد قد بايع معاوية بن أبي سُفْيَان ، فسرّحت عيون عليّ بن أبي طالب إليه بذلك ، فلمّا أتاه ذلك أعظمه وأكبره ، وتعجّب له ، ودعا بنيه ، ودعا عبد اللّه بن جعفر فأعلمهم ذلك ، فقال : ما رأيكم ؟
فقال عبد اللّه بن جعفر : يا أمير المؤمنين ، دَع ما يريبك إلى ما لا يريبك ، اعزل قَيْسا عن مصر .
قال لهم عليّ : « إنّي واللّه ، ما اُصدّق بهذا على قَيْس » .
فقال عبد اللّه : يا أمير المؤمنين ، اعزله ، فو اللّه ، لئن كان هذا حقّا لا يعتزل لك إن عزلته ۴۰ .
وفي تاريخ الطبري عن أبي مِخْنَف : جاء كتاب من قَيْس بن سَعْد فيه : بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم ، أمّا بعد ، فإنّي اُخبر أمير المؤمنين أكرمه اللّه أنّ قِبلي رجالاً معتزلين قد سألوني أن أكفّ عنهم ، وأن أدعهم على حالهم حتَّى يستقيم أمر الناس ، فنرى ويروا رأيهم ، فقد رأيت أن أكفّ عنهم ، وألاّ أتعجّل حربهم ، وأن أتألّفهم فيما بين ذلك لعلّ اللّه عز و جل أن يُقبل بقلوبهم ، ويفرّقهم عن ضلالتهم ، إن شاء اللّه .
فقال عبد اللّه بن جعفر : يا أمير المؤمنين ، ما أخوفني أن يكون هذا ممالأة لهم منه ، فمُره يا أمير المؤمنين بقتالهم ، فكتب إليه عليّ :
بسم اللّه الرَّحمن الرَّحيم ، أمّا بعد ، فسر إلى القوم الَّذين ذكرت ، فإن دخلوا فيما دخل فيه المسلمون وإلاّ فناجزهم ، إن شاء اللّه .
فلمّا أتى قَيْس بن سَعْد الكتاب فقرأه ، لم يتمالك أن كتب إلى أمير المؤمنين :
أمّا بعد يا أمير المؤمنين ، فقد عجبت لأمرك ، أ تأمرني بقتال قوم كافّين عنك ، مُفرّغيك لقتال عدوّك ؟ ! وإنّك متى حاربتهم ساعدوا عليك عدوّك ، فأطعني يا أمير المؤمنين ، واكفُف عنهم ، فإنّ الرَّأي تركهم ، والسَّلام ...
فبعث عليٌّ محمّد بن أبي بكر على مصر وعزل عنها قَيْسا ۴۱ .
وفي تاريخ الطبري عن كَعْب الوالبي : إنّ عليّا كتب معه ( أي محمّد بن أبي بكر ) إلى أهل مصر كتابا ، فلمّا قدم به على قَيْس ، قال له قَيْس : ما بال أمير المؤمنين ؟ ! ما غيّره ؟ أدخل أحد بيني وبينه ؟
قال له : لا ، وهذا السُّلطان سلطانك !
قال : لا ، واللّه ، لا اُقيم معك ساعة واحدة . وغضب حين عزله ، فخرج منها مقبلاً إلى المدينة ، فقدمها ، فجاءه حسّان بن ثابت شامتا به ـ وكان حسّان عثمان يّا ـ فقال له : نزعك عليّ بن أبي طالب ، وقد قتلت عثمان فبقي عليك الإثم ، ولم يحسن لك الشكر !
فقال له قَيْس بن سعد : يا أعمى القلب والبصر ، واللّه ، لولا أن اُلقِيَ بين رهطي ورهطك حربا لضربت عنقك ، اخرج عنّي .
ثمّ إنّ قَيْسا خرج هو وسَهْل بن حُنَيْف حتَّى قدما على عليّ ، فخبّره قَيْس فصدّقه عليّ ، ثمّ إنّ قَيْسا وسهلاً شهدا مع عليّ صفِّين ۴۲ .
وفي سِيَرِ أعلامِ النُبَلاء عن الزُّهْريّ : قدم قَيْس المدينة فتوامر ۴۳ فيه الأسْوَد بن أبي البختري ومروان أن يُبيّتاه ، وبلغ ذلك قَيْسا ، فقال : واللّه ، إنّ هذا لقبيح أن اُفارق عليّا وإن عزلني ، واللّه ، لألحقنّ به .
فلحق به ، وحدّثه بما كان يعتمد بمصر . فعرف عليّ أنّ قَيْسا كان يداري أمرا عظيما بالمكيدة ، فأطاع عليٌّ قَيْسا في الأمر كلّه ، وجعله على مقدّمة جيشه ۴۴ .
وفي الغارات عن المَدائِنيّ عن أصحابه : فسدت مصر على محمّد بن أبي بكر ، فبلغ عليّا توثّبهم عليه ، فقال : ما لمصر إلاّ أحد الرَّجلين : صاحبنا الَّذي عزلناه عنها بالأمس ـ يعني قَيْس بن سَعْد ـ أو مالك بن الحارث الأشْتَر .
وكان عليّ عليه السلام حين رجع عن صفِّين قد ردّ الأشْتَر إلى عمله بالجزيرة ، وقال لقيس بن سعد : أقم أنت معي على شرطتي حتَّى نفرغ من أمر هذه الحكومة ، ثمّ اُخرج إلى أذربيجان ، فكان قَيْس مقيما على شرطته ۴۵ .
وفي تاريخ الطبري عن الزُّهْريّ : جعل عليّ عليه السلام قَيْس بن سَعْد على مقدّمته من أهل العراق إلى قبل أذربيجان ، وعلى أرضها ، وشرطة الخميس الَّذي ابتدعه من العرب ، وكانوا أربعين ألفا ، بايعوا عليّا عليه السلام على الموت ، ولم يزل قَيْس يدارئ ذلك البعث حتَّى قُتل عليّ عليه السلام ۴۶ .
[ أقول : قَيْس ، هو قَيْس بن سَعْد بن عُبادَة ، الصَّحابي العظيم ، سيّد الخَزْرَج ، الخطيب البليغ ، والشَّاعر المُفَلِّق ، من أركان الشِّيعة وأكابرهم ، ومن المخلصين لأمير المؤمنين عليه السلام ، والمتفانين فيه ، والَّذِين لا ينسى التَّاريخ الإسلامي مواقفهم النَّبيلة ، وحقّ على العالم البشري أن يقف موقف التَّبجيل والأحترام والتَّقدير له ، جيلاً بعد جيل .
إنَّ قَيْسا رجل الشِّيعة ، أعرف من أن يكتب عنه القلم ، وأعظم من تحوم حوله العبارة ، فلقد كتب عنه كل مورِّخ ومحدِّث ، وبحث حوله كل من أراد التنقيب في التَّاريخ الإسلامي ، وإنَّك لتجد اسمه في مختلف المعاجم ، كأُسْد الغابَة ، والإصابة ، والاستيعاب ، والقاموس ، وترجمه العلاّمة المفضال الحجّة الأميني قدس سره ، في كتابه القيّم « الغدير » ، ونحن بدورنا نذكر هنا طرفا من أخباره ومآثره وآثاره وشؤون حياته ، إن شاء اللّه ، ونترك الاستقصاء في البحث عن جميع ما له علقة به إلى رسالة مفردة ، نسأل اللّه أن يوفّقنا لإنجازها في المستقبل القريب .
شمائله : كان قَيْس رجلاً ضخما حسنا طويلاً ، وكان من الَّذِين طولهم عشرة أشبار ، بأشبار أنفسهم ، وقيل ثمانية عشر شبرا في عرض خمسة أشبار ، وليس في وجهه لحْية ، ولا شَعْرة واحدة ، وكان أصلها سناطا ۴۷ ، وكان إذا ركب الفرس المشرف رجلاه تخطّان الأرض ، وفي المثل السَّائر : « سراويل قَيْس » ، وخلاصة القول أنّه كان له جثّة عظيمة ، ووجه جميل ، ويدان قويّتان ، يعلو ولا يعلى عليه ، له بسطة في الجسم وبسالة . ۴۸
وأمّا فروسيّته ، فلا يوجد تاريخ إسلامي ولا معجم ، إلاّ وفيه جميل الثَّناء على فروسيّته وشجاعته وبأسه وشدّته في عهد النَّبيّ صلى الله عليه و آله والوليّ عليه السلام ، لأنَّه كان حامل راية الأنصار مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، وكان من النَّبيّ صلى الله عليه و آله بمنزلة صاحب الشُّرطة من الأمير مع النَّجدة والشَّجاعة ، وكان حامل راية الأنصار مع الوليّ عليه السلام أيضا ، وله مواقف باسلة في حرب صفِّين ، وقد بلغ من غيظ معاوية لعنه اللّه منه ، أنَّه كان يقنت ويلعن قَيْسا .
وينص المورّخون أنَّه قد غمَّه رجال من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ، منهم قَيْس ، وكان أشدّ النَّاس بعد أمير المؤمنين عليه السلام ، وكان معاوية يقول : واللّه ، إنَّ قَيْسا يريد أن يفنينا غدا ، ان لم يحبسه عنّا حابس الفيل ، وسيأتي بعضٌ من كلمات قَيْس الخالدة . ۴۹
وأمَّا دهاؤه ورأيه وعقله فهو ممَّا أطبق عليه أصحاب المعاجم ، قال أبو عمر : كان أحد الفضلاء الجلّة أو أحد دهاة العرب ، وأهل الرَّأي والمكيدة في الحروب مع النَّجدة والبسالة ، وتبعه أيضا ابن حَجَر وابن الأثير ، وأوفى دليل على ذلك آراؤه وأساليبه في إمارته ، بل هو في الطَّبقة العُليا من أصحاب الرَّأي والنُّهى ، وهو القائل :
« لولا أنِّي سمعت رسول اللّه صلى الله عليه و آله يقول : المكر والخديعة في النَّار ، لكنت من أمكر هذه الأُمّة » .
وكان يقول : « لولا الإسلام لمكرت مكرا لا تطيقه العرب » .
بل كان معاوية يخاف من دهاء قَيْس ورأيه . ۵۰ إنَّ قَيْسا لمَّا قدِم المدينة فأخافه مروان والأسود بن أبي البختري ؛ حَتَّى إذا خاف أن يؤخذ أو يُقتَل ركب راحلته ، فظهر إلى عليّ ، فكتب معاوية إلى مروان والأسْوَد يتغيَّظ عليهما ، ويقول : أمددتُما عليَّا بقيس بن سَعْد ورأيه ومكايَدته ، فواللّه لو أنَّكما أمددتُماه بثمانية آلاف مقاتل
ماكان ذلك بأغيظَ إليَّ من إخراجكما قَيْس بن سَعْد إلى عليّ . ۵۱
وقال الطَّبري : فقدم قَيْس على عليّ ، فلمَّا أنبأه الحديث ، وجاءهم قتل محمَّد بن أبي بكر ، عرف أنَّ قَيْس بن سَعْد كان يوازي ( يقاسي ) أمورا عظاما من المكائدة . ۵۲
هذا ، وقد مرَّ أنَّ عليَّا عليه السلام كان عالما بذلك ، ولكن الجأوه إلى عزل قَيْس ، وفي الغدير : عن الحلبي : من وقف على ما وقع بينه وبين معاوية لرأى العجب من وفور عقله . ۵۳ وعن البداية والنِّهاية : ولاّه عليّ نيابة مصر ، وكان يقاوم بدهائه وخديعته وسياسته ، لمعاوية وعَمْرو بن العاص . ۵۴
وفي الغدير : بعد ذكره كلام المُغِيْرَة ونصيحته لأمير المؤمنين عليه السلام في إقرار معاوية على عمله وإبائه عليه السلام عن قبوله قال : فقام قَيْس بن سعد ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إنَّ المُغِيْرَة أشار عليك بأمر لم يُرد اللّه به ، فقدَّم فيه رجلاً وأخَّر فيه أخرى ، فإن كان لك الغلبة يقرَّب إليك بالنَّصيحة ، وإن كانت لمعاوية يقرَّب إليه بالمشورة ، ثُمَّ أنشأ يقول :
يَكادُ ومَن أرسى بُثَيرا۵۵مَكانَهُمُغِيْرَةُ أنْ يقوى علَيْكَ مُعاوِيَهْ
وَكُنْتَ بِحَمْدِ اللّه ِ فِينا مُوَفَّقاوتِلْكَ الَّتي أرءاكها غَيْرُ كافِيَهْ
فَسُبْحانَ مَنْ عَلّى السَّماءَ مَكانَهاوأرْضا دَحاها فاستقرَّتْ كماهِيَهْ۵۶
وسعى معاوية بكلّ مكيدته أن يكيد قَيْسا ، وهو بمصر ، أو يكيده وهو أمير عسكر الإمام السِّبط الأكبر عليه السلام ، فلم يتمكّن من ذلك ، وعجز عن خداعه . ۵۷
وبالجملة ، لا يشكّ من له أدنى إلمام بالتَّاريخ والمعاجم في عقل قَيْس ودهائه وحزمه ورأيه ، ومن الأدلة على ذلك كلماته الخالدة الدَّالة على دقَّة في ملاحظة ، وعمَّن في التَّفكّر وسداد في الرَّأي ، ونحن نورد منها ما عثرنا عليه :
خطابته :
1 ـ لمَّا وصل كتاب قثُمَّ بن عبَّاس من مكّة إلى أمير المؤمنين عليه السلام يخبره أنَّ طَلْحَة والزُّبير وعائِشَة قد خرجوا من مكّة ، يريدون البصرة ، وقد استنفروا النَّاس ، فلم يَخِفَّ معهم إلاّ من لا يعتد بمسيره ، ومن خلفت بعدك فعلى ما تحبّ . فلمَّا قدم على عليّ كتابه غمَّه ذلك ، وأعظمه النَّاس ، وسقط في أيديهم ، فقام قَيْس بن سَعْد بن عُبادَة ، فقال :
يا أمير المونين ، إنَّه واللّه ، ما غمُّنا بهذين الرَّجلين كغمِّنا بعائِشَة ، لأنَّ هذين الرَّجلين حلال الدَّم عندنا ؛ لبيعتهما ونكثهما ، ولأنَّ عائِشَة من علمت مقامها في الإسلام ، ومكانها من رسول اللّه ، مع فضلها ودينها وأمومتها منَّا ومنك ، ولكنَّهما يقدمان البصرة ، وليس كلُّ أهلها لهما ، وتقدِم الكوفة ، وكل أهلها لك ، وتسير بحقّك إلى باطلهم ، ولقد كنَّا نخاف أن يسيرا إلى الشَّام ، فيقال : صاحبا رسول اللّه ، وأُمُّ المونين ، فيشتدّ البلاء ، وتعظم الفتنة ، فأمَّا إذا أتيا البصرة ، وقد سبقت إلى
طاعتك ، وسبقوا إلى بيعتك ، وحكم عليهم عاملك ، ولا واللّه ، ما معهما مثل ما معك ، ولا يقدمان على مثل ما تقدِم عليه ، فسر فإنَّ اللّه معك . ۵۸
2 ـ لمَّا قدم قَيْس مصر ، وقرأ كتاب أمير المؤمنين عليه السلام على النَّاس ، قام قَيْس خطيبا ، فقال :
الحمد للّه الَّذي جاء بالحقّ ، وأمات الباطل وكبت الظَّالمين ، أيُّها النَّاس ، إنَّا قد بايعنا خير من نعلم بعد محمّد نبيّنا صلى الله عليه و آله ، فقوموا أيُّها النَّاس ، فبايِعوا على كتاب اللّه عز و جل وسنّة رسوله صلى الله عليه و آله ، فإن نحن لم نعمل لكم بذلك فلا بيعةَ لنا عليكم . ۵۹
3 ـ ولمَّا أراد عليه السلام المسير إلى صفِّين ، قام قَيْس بن سَعْد بن عُبادَة ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، ثُمَّ قال :
يا أمير المونين ، انكمش بنا إلى عدوّنا ، ولا تعرد ۶۰ ، فو اللّه لجهادهم أحبّ إليَّ من جهاد التّرك والرُّوم ، لإدهانهم في دين اللّه واستذلالهم أولياء اللّه من أصحاب محمَّد صلى الله عليه و آله من المهاجرين والأنصار والتَّابعين بإحسان ، إذا غضبوا على رجل حبسوه أو ضربوه أو حرموه أو سيّروه ، وفيؤنا لهم في أنفسهم حلال ، ونحن لهم فيما يزعمون قطين ۶۱ . ۶۲
4 ـ لمَّا عزم أمير المؤمنين عليه السلام على الخروج من المدينة إلى العراق ، وخالفه قوم قال قَيْس :
يا أمير المونين ، ما على الأرض أحد أحبّ إلينا أن يقيم فينا منك ، لأنَّك نجمنا الَّذي نهتدي به ، ومفزعنا الَّذي نصير إليه ، وإن فقدناك لتُظْلِمَنّ أرضُنا وسماوا ، ولكن واللّه ، لو خلّيتَ معاوية للمكر ، لَيرومَنَّ مصر ، ولَيُفسِدَنَّ اليمنَ ، ولَيطْمَعَنَّ في العراق ، ومعه قوم يمانيّون قد أُشربوا قتل عثمان ، وقد اكتفوا بالظَّنّ عن العلم ، وبالشكِّ عن اليقين ، وبالهوى عن الخير ، فسر بأهل الحجاز وأهل العراق ، ثُمَّ ارمه بأمر يضيق فيه خناقهُ ۶۳ ، ويقصر له من نفسه .
فقال عليه السلام : « أَحسنْتَ واللّه ِ ، يا قَيْسُ » .۶۴ 5 ـ دعا معاوية يوما النُّعْمان بن بَشير بن سَعْد الأنْصاريّ ، ومَسْلَمَة بن مخلّد الأنْصاريّ ، ولم يكن معه من الأنصار غيرهما ، فقال :
يا هذان ، لقد غمَّني ما لقيت من الأوس والخَزْرَج ، صاروا واضعِي سيوفهم على عواتقهم يدعُون إلى النِّزال ، حَتَّى ـ واللّه ـ جبَّنوا أصحابي ، الشُجاع والجبان ، وحتى ـ واللّه ـ ما أسأل عن فارس من أهل الشَّام إلاَّ قالوا قتلتْه الأنصار . أمَا واللّه ، لألقينَّهم بحَدِّي وحديدي ، ولأُعبِّيَنَّ لكلِّ فارسٍ منهم فارسا ينشَبُ في حلْقِه ، ثُمَّ لأرمينَّهم بأعدادهم من قريش ، رجال لم يغْذُهُم التَمرُ والطَفَيْشَل ۶۵ ، يقولون نحن الأنصار ، قد واللّه ، آوَوْا ونَصَروا ، ولكن أفسدوا حقَّهم بباطلهم .
] فأجابه النُّعْمانُ ومَسْلَمَةُ ] . . . وانتهى الكلامُ إلى الأنصار ، فجمع قَيْسُ بن سَعْد الأنْصاريّ الأنصارَ ، ثُمَّ قام خطيبا فيهم ، فقال : إنَّ معاوية قد قال ما بَلَغكم ، وأجاب عنكم صاحباكم ، فلعَمري لئن غظتم معاوية اليوم لقد غظتموه بالأمس ، وإن
وتَرْتُموه في الإسلام فقد وتَرْتُموه في الشِّرك ، وما لكم إليه من ذنب أعظم من نصر هذا الدِّين الَّذي أنتم عليه ، فجِدُّوا اليوم جِدّا تُنْسونَه به ما كان أمس ، وجدُّوا غدا جِدّا تُنْسُونه به ما كان اليوم ، وأنتم مع هذا اللِّواء الَّذي كان يقاتل عن يمينه جبرائيل وعن يساره ميكائيل ، والقوم مع لواء أبي جهل والأحزاب .
وأمَّا التَمر ، فإنَّا لم نغرِسْه ، ولكن غلبنا عليه مَن غَرسَه .
وأمَّا الطَّفيشل ، فلو كان طعامَنا لَسُمِّينا به اسما ، كما سُمِّيت قريش السَّخينة .
ثُمَّ قال قَيْس بن سَعْد في ذلك :
يا ابْنَ هِنْدٍ دَعِ التَّوثُّبَ في الحَرْبِإذا نَحْنُ في البِلادِ نَأَيْنا
نحنُ مَنْ قَدْ رَأَيْتَ فَادْنُ إذا شِئْتَبِمَنْ شِئْتَ فِي العَجَاجِ إليْنا
إنْ بَرَزْنا بالجَمْعِ نَلقَكَ في الجَمْعِوإنْ شِئْتَ مَحْضَةً أسْرَيْنا
فالقَنَا في اللَّفيفِ نَلْقَكَ فِي الخَزْرَجِندعُو فِي حَرْبِنا أبَوَيْنا
أيَّ هذين ما أرَدْتَ فَخُذْهُلَيْسَ مِنَّا ولَيْسَ مِنْكَ الهُوَينا
ثُمَّ لا تَنْزِعُ العَجَاجَةُ۶۶حَتَّىتَنْجَلي حربُنا لنا أو عَلَينا
ليتَ ما تطلُبُ الغَداةَ أتاناأنعَمَ اللّه ُ بالشَهادَةِ عَيْنا
إنَّنا إنَّنا الَّذِين إذا الفتحَشَهِدْناوخَيْبَرا وحُنَيْنا
بَعْدَ بَدْرٍ وتِلْكَ قاصِمَةُ الظَهْرِوبِالنَّضِيرِ ثَنَيْنا
يومَ الاحزاب قد علم النَّاسشفَينا مَن قَبلَكُم واشتفينا
فلمَّا بلغ شعرُه معاوية ، دعا عَمْرو بن العاص ، فقال : ما ترى في شتْم الأنصار ؟
قال : أرى أن تُوعِد ولا تشتُم ، ما عسى أنْ نقول لهم ؟ إذا أردتَ ذمَّهم فذُمَّ أبدانَهم ولا تذمَّ أحسابهم .
قال معاوية : إنَّ خطيب الأنصار قَيْسَ بن سَعْد يقوم كلَّ يوم خطيبا ، وهو واللّه ، يريد أن يُفنِينا غدا إن لم يحبِسْه عنَّا حابس الفيل ، فما الرَّأي ؟
قال : الرَّأي التَّوكُل والصَّبر . ۶۷
6 ـ [ سأل يوما معاويةُ النُّعْمانَ بن بَشير أن يخرج إلى قَيْس ويعاتبه ويسأله السلم ، ] فخرج النُّعْمان حَتَّى وَقَف بين الصَّفّين ، فقال : يا قَيْس ، أنا النُّعْمان بن بشير .
فقال قَيْس : هِيه يا ابن بشير ، فما حاجتُك ؟
فقال النُّعْمان : يا قَيْس إنَّه قد أنصفكم من دعاكم إلى ما رضي لنَفْسه ، ألسْتُم معشر الأنصار ، تعلمون أنَّكم أخطأتم في خذْل عثمان َ يوم الدَّار ، وقَتلتمْ أنصارَه يوم الجمل ، وأقحمتم خيولَكم على أهل الشَّام بصفِّين ، فلو كنتم إذْ خذلتُم عثمانَ خذَلْتم عليَّا لكانت واحدة بواحدةً ، ولكنَّكم خذلتم حَقَّا ونصرتُم باطلاً ، ثُمَّ لم ترضوا أن تكونوا كالنَّاس ، حَتَّى أعلَمْتُم في الحرب ، ودعوتم إلى البِراز ، ثُمَّ لم ينزِل بعليٍّ أمرٌ قطُّ إلاَّ هَوَّنتم عليه المُصِيبة ، ووعدتموه الظَّفر ، وقد أخذت الحربُ منَّا ومنكم ما قد رأيتم ، فاتَّقوا اللّه في البقيَّة .
فضحك قَيْس ، ثُمَّ قال : ما كنتُ أراك يا نُعْمان تجترِئُ على هذه المقالة ، إنَّه لا ينصح أخَاه مَن غشَّ نفسه ، وأنتَ واللّه الغاشُّ الضَّالّ المضلّ .
أمَّا ذِكرك عثمان َ ، فإن كانت الأخبارُ تكفيك فخُذْها منِّي واحدةً ، قَتَل عثمان مَن لستَ خيرا منه ، وخذَله مَن هو خيرٌ منك . وأمَّا أصحاب الجمل فقاتلناهم على النَّكْث . وأمَّا معاوية فواللّه أن لو اجتمعت عليه العرب ( قاطبةً ) لقاتلته الأنصار .
وأمَّا قولك : إنّا لسنا كالنَّاس ، فنحن في هذه الحرب كما كنَّا مع رسول اللّه ، نت ّقي السُّيوف بوجوهنا ، والرِّماحَ بنُحُورنا ، حَتَّى جاء الحقُّ وظهر أمرُ اللّه ِ وهُم كارِهون ، ولكن انظُر يا نُعْمان ، هل ترى مع معاوية إلاَّ طليقا أو أعرابيَّا أو يمانيَّا مُسْتَدْرَجا بغُرور .
انظُر أينَ المهاجرون والأنصار والتَّابعون بإحسان ، الَّذِين رضي اللّه عنهم ؟ ثُمَّ انظُر هل ترَى مع معاوية غيرَك وصُوَيحِبِكَ ؟ ولستما واللّه ببدرِيَّين ولا عَقَبيَّين ولا أُحُدِيَّيْنِ ، ولا لكما سابقةٌ في الإسلام ، ولا آية في القرآن .
ولعَمري لئن شغبتَ علينا ، لقد شَغَب علينا أبوك . وقال قَيْس في ذلك :
والرَّاقصاتِ بِكُلِّ أشعثَ أغْبَرٍخُوصِ العُيونِ تحثُّها الرُكبانُ
ما ابن المُخَلَّدِ ناسيا أسيافَنافيمن نحاربُه ولا النُّعْمانُ
تَركا البَيانَ وفِي العِيانِ كِفَايَةٌلو كانَ يَنْفَعُ صاحِبَيْهِ عِيَانُ
ثُمَّ إنَّ عليَّا عليه السلام دعا قَيْس بن سعد ، فأثنى عليه خيرا وسوَّده على الأنصار . ۶۸
7 ـ [ لمَّا تخلَّف جمع من أهل المدينة عن عليّ عليه السلام ، قال الأشْتَر لعليّ عليه السلام : ]دعني يا أمير المونين ، أُوقع بهواء الَّذِين يتخلّفون عنك .
فقال له علي عليه السلام : « كُفَّ عَنِّي » ، فانصرف الأشْتَر وهو مغضب .
ثُمَّ إنَّ قَيْس بن سَعْد لقي مالكا الأشْتَر في نفرٍ من المهاجرين والأنصار ، فقال قَيْس للأشْتَر : يا مالِكُ ، كلَّما ضاقَ صدرُك بشيءٍ أخرجته ، وكلَّما استبطأت أمرا استعجلته ، إنَّ أدب الصَّبر التَّسليم ، وأدب العجلة الأناة ، وإنَّ شرَّ القول ما ضاهى العيب ، وشرَّ الرَّأي ما ضاهى التُّهمة ، وإذا ابتليت فاسأل ، وإذا أُمرت فأطع ، ولا تسأل قبل البلاء ، ولا تكلّف قبل أن ينزل الأمر ، فإنَّ في أنفسنا ما في نفسك ، فلا تشقّ على صاحبك . ۶۹
8 ـ قال اليعقوبي : ـ في صلح الإمام الحسن عليه السلام مع معاوية ـ وأتاه قَيْس بن سَعْد بن عُبادَة ، فقال : بايع قَيْس ! قال : إنْ كنتُ لأكره مثل هذا اليوم ، يا معاوية . فقال له : مه ، رحمك اللّه !
فقال : لقد حرصت أن أفرّق بين روحك وجسدك قبل ذلك ، فأبى اللّه ، يا ابن أبي سُفْيَان ، إلاَّ ما أحبّ .
قال : فلا يُردّ أمر اللّه .
قال : فأقبل قَيْس على النَّاس بوجهه ، فقال : يا معشر النَّاس ، لقد اعتضتم الشَّرّ من الخير ، واستبدلتم الذُّلّ من العزّ ، والكفر من الإيمان ، فأصبحتم بعد ولاية أمير المونين ، وسيّد المسلمين ، وابن عمّ رسول ربّ العالمين ، وقد وليَكُم الطَّليق ابن الطليق يسومكم الخسف ، ويسير فيكم بالعسف ، فكيف تجهل ذلك أنفسكم ، أم طبع اللّه على قلوبكم ، وأنتم لا تعقلون .
فجثا معاوية على ركبتيه ، ثُمَّ أخذ بيده ، وقال : أقسمت عليك ! ثُمَّ صفق على
كفّه ، ونادى النَّاس : بايع قَيْس ! فقال ، كذبتم ، واللّه ، ما بايعت . ۷۰
9 ـ قال معاوية لقيس بن سعد : رحِم اللّه أبا حسن ؛ فلقد كان هشَّا بشَّا ذا فُكاهة .
قال قَيْس : نعم كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله يمزَحُ ويبتسم إلى أصحابه ، وأراك تُسرّ حَسْوا في ارتِغاء ۷۱ ، وتعيبه بذلك ! أمَا واللّه ، لقد كان مع تلك الفُكاهة والطّلاقة أهيَبَ من ذي لِبْدتيْن قد مسّه الطَّوى ؛ تلك هيبة التَّقوى ، وليس كما يهابك طَغامُ أهل الشَّام . ۷۲
10 ـ دخل قَيْس بن سَعْد بعد وفاة عليّ ، ووقوع الصُّلح في جَماعة من الأنصار على معاوية ، فقال لهم معاوية : يا معشر الأنصار بِمَ تطلبون ما قبلي ؟ فواللّه لقد كنتم قليلاً معي كثيرا عليَّ ، ولفللتم حَدِّي يوم صِفِّين حَتَّى رأيت المنايا تلظَّى في أسنّتكم ، وهجوتموني في أسلافي بأشَدَّ من وقع الأسنّة ، حَتَّى إذا أقام اللّه ما حاولتم ميله قلتم : ارْعَ فينا وصية رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ه يهات ، يأبى الحَقينُ العِذرَةَ ۷۳ .
فقال قَيْس : نطلب ما قبلك بالإسلام الكافي به اللّه ، لا بما تمتُّ به إليك الأحزاب ، وأمَّا عداوتنا لك فلو شئت كففتها عنك .
وأمَّا هجاؤنا إيَّاك ، فقول يزول باطله ، ويثبت حقّه.
وأمَّا استقامة الأمر فعلى كره كان منّا .
وأمَّا فَلُّنا حدّك يوم صفِّين ، فإنَّا كنَّا مع رجل نرى طاعَتَه طاعة اللّه .
وأمَّا وصيّة رسول اللّه بنا ، فمن آمن به رعاها بعده .
وأمَّا قولك : « يأبى الحقين العذرة » فليس دون اللّه يد تحجزك منَّا يا معاوية . ۷۴
11 ـ لمَّا فرّ عبيد اللّه بن العبَّاس ولحِق بمعاوية ، خرج قَيْس وصلّى بالجند ، ثُمَّ خطبهم فقال :
أيُّها النَّاس ، لا يهولنَّكم ولا يَعظُمَنَّ عليكم ما صنع هذا الرَّجل الوله الورع ( أي الجبان ) ، إنَّ هذا وأباه وأخاه لم يأتوا بيوم خير قطُّ ، إنَّ أباه عمّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، خرج يقاتله ببدر ، فأسره أبو اليسر كَعْب بن عَمْرو الأنْصاريّ ، فأتى به رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فأخذ فداءه فقسَّمه بين المسلمين ، وإنَّ أخاه ولاَّه عليّ أمير المؤمنين على البصرة ، فسرق مال اللّه ومال المسلمين ، فاشترى به الجواري ، وزعم أنَّ ذلك له حلال ، وإنَّ هذا ولاّه على اليمن فهرب من بُسر بن أرطاة ، وترك ولده حَتَّى قتلوا ، وصنع الآن هذا الَّذي صنع . ۷۵
[ وأمَّا سخاء قَيْس وإمارته في العهد النَّبويّ ، وفي حكومة الوصيّ ، وشرفه وزهده وفضله وحياته ووفاته ، فعليك بكتب المعاجم والتَّاريخ ، فلقد أطال الأميني قدس سره الكلام في الغدير ، وأجاد وأفاد للّه درّه وعليه أجره ، فلو أردنا أن نكتب
عنه بما يحقّ له ويستحقّه لكان كتابا ضَخْما خارِجا عن شرط الكتاب ، ولا غُرو أن يكون قَيْس كذلك بعد أن أدرك رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، و لازمه ونهل منه واستفاد ، وكان منه صلى الله عليه و آله بمنزلة الشُّرطة من الأمير ، يلي ما يلي من أموره ، وكان صاحب راية الأنصار في بعض غزواته صلى الله عليه و آله ، واستعمله على الصَّدقة .
وولاّه أمير المؤمنين عليه السلام مصر ، ثُمَّ شرطته ، ثُمَّ ولاّه آذربايجان ، وحضر معه حروبه على مقدمته تارة ، وعلى رجَّالة أهل البصرة أخرى ، وسوّده على الأنصار ، وبايع الإمام المجتبى عليه السلام ، وكان على مقدّمته ومعه خمسة آلاف قد حلقوا رؤوسهم بعدما مات عليٌّ ، وتبايعوا على الموت ، وفي أهل بيته قال رسول اللّه صلى الله عليه و آله :
« الجُودُ شِيمَةُ أهْلِ ذَلِكَ البَيْتِ » .
وقال صلى الله عليه و آله : « اللّهمّ اجعَلْ صَلواتِكَ ورَحمَتكَ علَى آلِ سَعْدِ بنِ عُبادَةَ ، اللَّهمَّ ارحَمْ سَعْدا وآلَ سَعْدٍ » .
وقال صلى الله عليه و آله لسَعْد وقَيْس : « بارَكَ عَلَيْكُما يا أبا ثابِتٍ ، فَقَدْ أفلَحْتَ ، إنَّ الأخلاف بيد اللّه ، فمَن شاءَ أنْ يَمنحَهُ مِنها خلَفَا صالِحا مَنحَهُ ، ولقَدْ مَنحَكَ اللّه ُ خَلَفا صالِحا » .
ونختم ترجمته بكلام المسعودي في مروج الذَّهب : قال :
وقد كان قَيْس بن سَعْد من الزُّهد والدِّيانة والميل إلى عليٍّ بالموضع العظيم ، وبلغ من خوفه اللّه وطاعته إيَّاه ، أنَّه كان يصلِّي ، فلمَّا أهوى للسجود إذا في موضع سجوده ثعبان عظيم مطوّق ، فمال عن الثُّعبان برَأسه ، وسجد إلى جانبه ، فتطوّق الثُّعبانُ برقبته ، فلم يقصر من صلاته ، ولا نقص منها شئيا ، حَتَّى فرغ ، ثُمَّ أخذ الثُّعبان فرمى به ، كذلك ذكر الحسن بن عليّ بن عبد اللّه بن المُغِيْرَة ، عن معمّر بن خلاّد ، عن أبي الحسن عليِّ بن موسى الرِّضا ۷۶ ] .

1.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۰۳ .

2.أنساب الأشراف : ج ۳ ص۲۳۸ .

3.رجال الطوسي : ص۴۵ الرقم۳۵۱ ؛ تهذيب الكمال : ج۴ الرقم۴۹۰۶ ، الاستيعاب : ج ۳ ص۳۵۰ الرقم۲۱۵۸ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۰۲ الرقم۲۱ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۳۹۶ .

4.الاستيعاب : ج ۳ ص۳۵۰ الرقم۲۱۵۸ ، اُسد الغابة : ج ۴ ص۴۰۴ الرقم۴۳۵۴ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج۳ ص۱۰۲ الرقم۲۱ .

5.تاريخ الإسلام للذهبي : ج۴ ص۲۹۰ ، البداية والنهاية : ج۸ ص۹۹ وراجع: اُسد الغابة : ج ۴ ص۴۰۴ الرقم۴۳۵۴ .

6.تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۷۸ الرقم۱۷ وفيه « كان شجاعا ، بطلاً ، كريما ، سخيّا » ، الكامل للمبرّد : ج۲ ص۶۴۱ وفيه « كان شجاعا ، جوادا ، سيّدا » .

7.تهذيب الكمال : ج ۲۴ ص ۴۳ الرقم ۴۹۰۶ ، تاريخ بغداد : ج ۱ ص ۱۷۸ الرقم ۱۷ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج ۴ ص ۲۹۰ ، الاستيعاب : ج ۳ ص ۳۵۱ الرقم ۲۱۵۸ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۴۹ ص ۴۱۰ ـ ۴۲۲ .

8.تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۷۸ الرقم۱۷ ، تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۵۲ وفيه « كان صاحب راية الأنصار مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله » ، الاستيعاب : ج ۳ ص۳۵۰ الرقم۲۱۵۸ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۰۱ و ص ۴۰۳ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۰۳ الرقم۲۱ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۴ ص۲۹۰ .

9.رجال الكشّي : ج ۱ ص۱۸۵ الرقم ۷۸ .

10.رجال البرقي : ص۶۵ .

11.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۷۹ ؛ الطبقات الكبرى : ج۶ ص۵۲ ، تاريخ خليفة بن خيّاط :ص۱۵۲ ، تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۷۸ الرقم۱۷ .

12.الغارات : ج۱ ص۲۱۲ ؛ تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۴۹ و۵۵۰ و ج۵ ص۹۴ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۵۴ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۲۵ .

13.الطبقات الكبرى : ج۶ ص۵۲ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ص۱۵۲ ، الاستيعاب : ج ۳ ص۳۵۰ الرقم۲۱۵۸ ، اُسد الغابة : ج ۴ ص۴۰۵ الرقم۴۳۵۴ .

14.الطبقات الكبرى : ج۶ ص۵۲ ، تاريخ الطبري : ج۵ ص۹۵ و ص ۱۵۸ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۱۰ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۲۸ ؛ رجال الكشّي : ج ۱ ص۳۲۶ الرقم ۱۷۷ وفيه « صاحب شرطة الخميس » .

15.وقعة صفّين : ص۲۰۸ ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۱ ، البداية والنهاية : ج۷ ص۲۶۱ .

16.وقعة صفّين : ص۴۵۳ .

17.وقعة صفّين : ص۹۳ و ص ۴۴۶ ـ ۴۴۹ .

18.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۰۲ ، الغارات : ج۱ ص۲۵۷ ؛ أنساب الأشراف : ج۳ ص۲۷۸ .

19.تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۷۸ الرقم۱۷ ، الاستيعاب : ج ۳ ص۳۵۰ الرقم۲۱۵۸ ، تاريخ مدينة دمشق : ج ۴۹ ص۴۰۳ .

20.تاريخ خليفة بن خيّاط : ص۱۴۹ .

21.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۰۳ ؛ أنساب الأشراف : ج۳ ص۲۳۸ .

22.نهج البلاغة : الخطبة ۱۸۲ .

23.أنساب الأشراف : ج۳ ص۲۷۸ .

24.الطبقات الكبرى : ج۶ ص۵۳ ، تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۵۹ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۴۵ ، تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۷۸ الرقم۱۷ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۰۳ وفيهما « كان مع الحسن بن عليّ على مقدّمته بالمدائن » .

25.مقاتل الطالبيّين : ص۷۳ .

26.رجال الكشّي : ج ۱ ص۳۲۶ الرقم ۱۷۷ ؛ اُسد الغابة : ج ۴ ص۴۰۵ الرقم۴۳۵۴ ، تاريخ بغداد : ج۱ ص۱۷۸ الرقم۱۷ ، مقاتل الطالبيّين : ص۷۹ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۶ ص۴۸ .

27.سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۰۲ الرقم۲۱ .

28.التاريخ الصغير : ج۱ ص۱۳۷ ، تهذيب الكمال : ج۲۴ ص ۴۴ الرقم ۴۹۰۶ ، تاريخ الطبري :ج۵ ص۱۶۴ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۴۸ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج۳ ص۱۰۸ الرقم۲۱ .

29.الطبقات الكبرى : ج۶ ص۵۳ ، تاريخ خليفة بن خيّاط : ص۱۷۲ ، تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۷۹ الرقم۱۷ ، الاستيعاب : ج ۳ ص۳۵۱ الرقم۲۱۵۸ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۰۳ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۱۲ الرقم۲۱ .

30.سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۰۳ الرقم۲۱ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۴ ص۲۹۰ ، تهذيب الكمال : ج۲۴ ص ۴۲ الرقم ۴۹۰۶ ، تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۷۸ الرقم۱۷ وفيه « له لحية ، وأشار سفيان إلى ذقنه » ، البداية والنهاية : ج۸ ص۱۰۲ وفيه « له لحية في ذقنه » .

31.اُسد الغابة : ج ۴ ص۴۰۴ الرقم۴۳۵۴ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۴ ص۲۹۰ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۱۵ و۴۱۶ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۰۶ الرقم۲۱ .

32.تاريخ بغداد : ج۱ ص۱۷۸ ، تهذيب الكمال : ج۴ ص ۳ الرقم ۴۹۰۶ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۱۸ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۰۶ الرقم۲۱ ، البداية والنهاية : ج۸ ص۱۰۰ .

33.الاستيعاب : ج ۳ ص۳۵۲ الرقم۲۱۵۸ .

34.تاريخ الإسلام للذهبي : ج۴ ص۲۹۰ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۱۵ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۰۶ الرقم۲۱ ، الاستيعاب : ج ۳ ص۳۵۲ الرقم۲۱۵۸ نحوه ، البداية والنهاية : ج۸ ص۹۹ وفيه « فأر بيتي » بدل « الجرذان » .

35.شعب الإيمان : ج ۴ ص۳۲۴ الرقم۵۲۶۸ ، تهذيب الكمال : ج۲۴ ص ۴۴ الرقم ۴۹۰۶ ، تاريخ الإسلام للذهبي : ج۴ ص۲۹۰ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۲۳ ، اُسد الغابة : ج ۴ ص۴۰۵ الرقم۴۳۵۴ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۰۷ الرقم۲۱ وفيها « من أمكر » .

36.تهذيب الكمال : ج۲۴ ص ۴۴ الرقم ۴۹۰۶ ، التاريخ الصغير : ج۱ ص۱۳۷ نحوه ، تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۶۴ ، سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۰۸ الرقم۲۱ كلّها عن الزُّهري ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۴۸ ، اُسد الغابة : ج۴ ص۴۰۵ الرقم۴۳۵۴ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۲۳ .

37.سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۰۳ الرقم۲۱ ، تاريخ بغداد : ج ۱ ص۱۷۸ الرقم۱۷ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۵۴ وفيه « كان صاحب راية الأنصار مع رسول اللّه صلى الله عليه و آله » بدل « كان صاحب لواء النبيّ صلى الله عليه و آله في بعض مغازيه » وراجع الاستيعاب : ج ۳ ص۳۵۰ الرقم۲۱۵۸ والبداية والنهاية : ج۸ ص۹۹ .

38.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۴۷ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۵۴ وليس فيه من « وأنا أصير » إلى « المستعان على ذلك » ؛ الغارات : ج۱ ص۲۰۸ .

39.الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۵۴ ، تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۴۸ وفيه « خربتا » بدل « خَرنبا » في كلا الموضعين ؛ الغارات : ج۱ ص۲۱۱ وراجع أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۶۲ .

40.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۵۳ ؛ الغارات : ج۱ ص۲۱۵ وراجع: الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۵۵ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۶۳ .

41.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۵۴ ؛ الغارات : ج۱ ص۲۱۸ و۲۱۹ وراجع أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۶۳ .

42.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۵۵ ، أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۶۴ نحوه ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۳۵۶ ؛ الغارات : ج۱ ص۲۱۹ ـ ۲۲۲ .

43.آمَرَه في أمْرِه ووامَرَه واستَأمَرَه : شاوَرَه ( لسان العرب : ج۴ ص۳۰ ) .

44.سِيَر أعلامِ النبلاء : ج ۳ ص۱۱۰ الرقم۲۱ ، تاريخ مدينة دمشق : ج۴۹ ص۴۲۸ وفيه « وجعله مقدّمة أهل العراق على شرطة الخميس الَّذين كانوا يبايعون للموت » .

45.الغارات : ج۱ ص۲۵۶ ؛ تاريخ الطبري : ج۵ ص۹۵ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۴۱۰ .

46.تاريخ الطبري : ج۵ ص۱۵۸ .

47.السُِّناط بالكسر وبالضم: كوسج لا لحية له أصلاً ، أو الخفيف اللّحية ولم يبلغ حال الكوسج، أو لحيتهُ في الذِّقن وما بالعارضين شيء . (القاموس المحيط: ج ۲ ص ۳۶۷).

48.راجع : مروج الذَّهب : ج ۳ ص ۲۶ ، المعارف لابن قتيبة : ص۵۹۳ ، مقاتل الطالبيّين : ص۷۰ ـ ۷۹ ؛ رجال الكشّي : ج۱ ص۳۲۷ الرقم۱۷۷ ، الغدير : ج۲ ص۱۰۸ والإصابة ، الاستيعاب ، أسد الغابة ) .

49.راجع : وقعة صفّين : ص ۴۴۷ ، الغدير : ج۲ ص۷۴ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد :ج۸ ص۸۶ ، أسد الغابة: ج ۱ ص ۴۰۴ الرقم ۴۳۵۴، الإصابة: ج ۵ ص ۳۶۰ الرقم ۷۱۹۲، الاستيعاب: ج ۳ ص ۳۵۰ الرقم ۲۱۵۸ .

50.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۵۵ ، أنساب الأشراف : ج۱ ص۳۰۰ .

51.. المصنّف لعبد الرزاق: ج ۵ ص ۴۶۰ ح ۹۷۷۰ ، تاريخ الطبري : ج۵ ص۹۴ .

52.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۵۵ .

53.الغدير : ج۲ ص۷۲ .

54.البداية والنهاية : ج۸ ص۹۹ .

55.بثير: جبل معروف .

56.الغدير : ج۲ ص۷۴ ، الأمالي للطوسي : ص۸۸ ح۱۳۳ .

57.راجع : أنساب الأشراف : ج۳ ص۱۶۲ ـ ۱۶۳ ، تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۵۰ ـ ۵۵۵ ، مروج الذهب : ج۳ ص۲۵ ، الإصابة : ج۳ ص۲۴۹ ، أسد الغابة : ج۴ ص۲۱۶ ، الاستيعاب : ج۳ ص۲۲۶ ، مقاتل الطالبيين : ص۶۵ ، البيان والتبيين : ج۲ ص۶۹ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۶ ص۹ـ ۶۲ ؛ تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۱۷۶ و۲۰۴ .

58.الإمامة والسياسة : ج۱ ص۸۱ .

59.تاريخ الطبري : ج۴ ص۵۴۹ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۶ ص۶۰ .

60.عرّد الرجلُ عن قرنه: إذا أحجم ونكل ، والتعريد : الفرار . ( لسان العرب: ج ۳ ص ۲۸۸ ).

61.القطين: تُبَّاعُ الملك ومماليكهُ وخدمه، والمقيمون في الموضع لا يكادون يبرحونه . ( لسان العرب: ج ۱۳ ص ۳۴۳ ) .

62.وقعة صفِّين : ص۹۳ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۳ ص۱۷۳ .

63.هم في خُناق : أي في ضيق (النهاية : ج ۲ ص ۸۵) .

64.الأمالي للطوسي : ص۷۱۶ ح ۱۵۱۸ ، الغدير : ج۲ ص۷۵ .

65.الطّفيشل : نوع من اطرق معروف (تاج العروس : ج ۱۵ ص ۴۳۷) .

66.العجاج : الغبارُ ، والدَّخان أيضا ، والعجاجة أخصَّ منه .

67.وقعة صفِّين : ص۴۴۵ ـ ۴۴۷ ، الغدير : ج۲ ص۸۰ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد :ج۸ ص۸۴ .

68.وقعة صفِّين : ص۴۴۸ ـ ۴۵۳ وراجع : الغدير : ج۲ ص۷۹ ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۸ ص۸۷ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۱۰۲ .

69.الأمالي للطوسي : ص۷۱۷ ح۱۵۱۸ ، الغدير : ج۲ ص۷۳ .

70.تاريخ اليعقوبي : ج۲ ص۲۱۶ ، الغدير : ج۱ ص۲۵ .

71.جاء في الحديث : «رغوة السّدر» والمراد زبده الذي يعلو عند ضربه بالماء (مجمع البحرين : ج ۲ ص ۷۱۶) .

72.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱ ص۲۵ .

73.يضرب مثلاً للرجل يعتذر ولا عُذرَ له ، أصل ذلك : أنّ رجلاً ضاف قوما فاستسقاهم لبنا ، وعندهم لبن قد حقنوه فاعتلُّو او أعتذروا ، فقال : أبى الحقين العذرة ، أي أنَّ هذا اللَّبن يكذِّبكم (لسان العرب : ج ۱۳ ص ۱۲۰) .

74.مروج الذَّهب : ج۳ ص۲۶ ، العِقد الفريد : ج۴ ص۳۴ .

75.مقاتل الطالبيّين : ص۷۳ ، رجال الكشّي : ج۱ ص۱۱۲ الرقم۱۷۹ . وإن شئت زيادة على ذلك فراجع : الاحتجاج : ص۱۵۲ ، الغدير : ج ۲ ص۷۶ وص۷۷ وص۸۹ وص۹۹ وص۱۰۰ وص۱۰۶ وج۱۰ ص۱۵۷ ؛ البيان والتبيين : ج۲ ص۶۹ ، العِقد الفريد : ج۴ ص۳۳۸ ، مقاتل الطالبيّين : ص۶۵ و۶۶ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج۱۶ ص۴۳ ، الإمامة والسياسة : ج۱ ص۱۱۹ .

76.مروج الذَّهب : ج ۳ ص ۲۶ . وراجع في فضائله المذكورة رجال الكشّي : ج ۱ ص ۹۵ الرقم ۱۵۱ وص ۳۸ الرقم ۷۸ وص ۴۵ الرقم ۹۵ وص ۱۰۹ الرقم ۱۷۶ ـ ۱۷۷ وص ۱۱۲ الرقم ۱۷۹ ، القاموس : ج ۷ ص ۳۹۸ ـ ۴۰۱ ، سفينة البحار : ج ۲ ص ۴۵۷ ؛ أسد الغابة : ج ۴ ص ۲۱۶ ، الإصابة : ج ۳ ص ۲۴۹ ، الاستيعاب : ج ۳ ص۱۳۱ ـ ۲۲۴ .

  • نام منبع :
    مكاتيب الأئمّة ج1
    المساعدون :
    فرجي، مجتبي
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 108554
الصفحه من 568
طباعه  ارسل الي