188
كتابه عليه السلام إلى أهل البصرة
۰.« مِن عَبدِ اللّه ِ علِيٍّ أميرِ المُؤمِنينَ إلى مَن قُرِئَ علَيهِ كِتابي هذا مِن ساكِني البَصرَةِ مِنَ المُؤمِنينَ والمُسلِمينَ : سلامٌ عَليكُمْ ، أمَّا بَعدُ ؛ فَإنَّ اللّه َ حَلِيمٌ ذو أناةٍ لا يَعجَلُ بِالعُقوبَةِ قَبلَ البَيِّنَةِ ، ولا يأخُذُ المُذنِبَ عِندَ أوَّلِ وَهلَةٍ ، ولكِنَّهُ يَقبَلُ التَّوبَةَ ، ويَستَدِيمُ الأَناةَ ، ويَرضى بالإِنابَةِ ، لِيَكونَ أعظَمَ للِحُّجَةِ وأبلَغَ فِي المَعذِرَةِ ، وقد كانَ مِن شِقاقِ جُلَّكُم أيُّها النَّاسُ ما استَحقَقْتَم أنْ تُعاقَبوا عَليهِ فَعفَوتُ عَن مُجرِمِكُم ، ورَفعتُ السَّيفَ عَن مُدبِرِكُم ، وقَبلِتُ مِن مُقبِلِكُم ، وأخَذتُ بَيعَتَكُم ؛ فَإن تَفُوا بِبَيعَتِي ، وتَقبَلُوا نَصيحَتِي ، وتَستَقِيمُوا علَى طاعَتِي أعمَلْ فِيكُم بالكتابِ والسُّنّةِ وقَصدِ الحَقِّ وأُقِمْ فِيكُم سَبِيلَ الهُدى ، فَو اللّه ِ ، ما أعلَمُ أنَّ واليا بَعدَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله أعلَمُ بِذَلِكَ مِنّي ولا أعمَلُ ، أقولُ قَولِي هذا صادِقا غَيرَ ذامٍّ لِمَن مَضَى ولا مُنتَقِصا لِأَعْمالِهِم ، فَإن خَطَت بِكُم الأهواءُ المُردِيَةُ وسفَهُ الرَّأي الجائِرِ إلى مُنابَذَتِي تُرِيدونَ خِلافِي ، فَهأنذا قَرّبْتُ جِيادي ورَحَّلْتُ رِكابِي ، وايمُ اللّه ِ ، لَئِنْ ألجأتُمونِي إلى المَسيرِ إليكُم لأُوقِعَنَّ بِكُم وَقَعَةً لا يكونُ يَومُ الجَمَلِ عِندَها إلاَّ كَلَعْقَةِ لاعِقٍ ، وإنّي لَظَانٌّ ألاّ تجعَلُوا إن شاءَ اللّه ُ علَى أنفُسِكُم سَبِيلاً ، وقَد قَدَّمْتُ هذا الكِتابَ حُجَّةً عَلَيكُم ، ولَن أكتُبَ إليكُم مِن بَعدِهِ كِتابا إنْ أنتُم استَغشَشْتُم نصيحَتي ونابَذتُم رَسُولِي حَتَّى أكونَ أنا الشَّاخِصَ نَحوَكُم إنْ شاءَ اللّه ُ ، والسَّلامُ . » ۱
[ نقل مصنف كتاب معادن الحكمة ، عن السَّيِّد الرَّضي رحمه الله في نهج البلاغة : ومن
المعلوم أنَّ السَّيِّدَ رحمه الله اختصر كما هو دأبه في نهج البلاغة ، فلمَّا قرأ جارية كتاب أمير المؤمنين عليه السلام على النَّاس قام صبرة بن شيمان فقال :
سمعنا وأطعنا ، ونحن لمن حارب أمير المؤمنين حرب ، ولمن سالم أمير المؤمنين سلم ، إن كفيت يا جارية قومك بقولك .
فقام وجوه النَّاس وتكلَّموا ، فقام زياد خطيبا في الأزْد فأجابوه ، وقدم جارية قومه فلم يجيبوه ، فأرسل إلى زياد والأزْد يستصرخه ، وجاءت الأزْد وجاء شريك بن الأعْوَر ناصرا جارية ، فانهزم تَميم وابن الحَضْرَمِيّ ودخلوا دار سبيل السَّعدي ، فحضروا ابن الحَضْرَمِيّ فقال جارية : عَلَيَّ بالنَّار ، فأحرق الدَّارَ ، فهلك ابن الحَضْرَمِيّ في سبعين رَجُلاً . ] ۲