219
كتابه عليه السلام إلى أُمراء الخَراج
۰.« بسم اللّه الرحمن الرحيم
مِن عَبدِ اللّه ِ عليٍّ أمِيرِ المُؤمِنينَ إلى أُمَراءِ الخَراجِ .
أمَّا بَعْدُ ، فإنَّه مَن لَمْ يَحْذَرْ ما هو صَائِرٌ إلَيْه ، لَمْ يُقَدِّمْ لِنَفْسِهِ ولَمْ يَحْرِزْها ، ومَنِ اتَّبَعَ هَواهُ وانْقادَ لَه علَى ما يَعْرِفُ نَفْعَ عاقِبَتِهِ عمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحَنَّ مِنَ النَّادِمينَ .
ألا وإنَّ أسْعَدَ النَّاسِ في الدُّنيا مَن عَدَلَ عمَّا يَعْرِفُ ضَرَّهُ ، وإنَّ أشْقاهم مَنِ اتَّبَعَ هَواهُ ، فاعْتَبِروا ، واعْلَمُوا أنَّ لَكُم ما قَدَّمْتُم مِن خَيْرٍ ، وما سِوى ذلِكَ وَدَدْتُم لَوْ أنَّ بَيْنَكُم وبَيْنَهُ أمَدَا بَعْيدا ويُحَذِّرُكم اللّه ُ نفسَه ، واللّه ُ رَؤوُفٌ ورَحِيمٌ بالعِباد ، وأنَّ علَيْكُم ما فَرَّطْتُم فيه ، وإنَّ الَّذي طَلَبْتُم لَيَسِيرٌ وأنَّ ثوابَهُ لكَبِيرٌ ، ولَو لَم يَكن فيْما نُهِي عَنهُ مِنَ الظُّلمِ والعُدوانِ عِقابٌ يُخافُ ، كانَ في ثَوابِهِ ما لا عُذْرَ لِأحَدٍ بتَرْكِ طَلِبَتِهِ ، فارْحَموا تُرْحَموا ولا تُعَذِّبوا خَلْقَ اللّه ِ ، ولا تُكَلِّفُوهُم فَوْقَ طاقَتِهِم ، وأنْصِفُوا النَّاسَ مِن أنْفُسِكِم ، واصْبِروا لِحَوائِجِهم فإنَّكم خُزَّانُ الرَّعِيَّةِ ، لا تَتَّخِذُنَّ حجَّابا ، ولا تَحْجُبُنَّ أحَدَا عن حاجَتِهِ حتَّى يُنْهِيها إليْكُم ، ولا تأخُذُوا أحدا بأحَدٍ ، إلاَّ كَفِيلاً عمَّن كَفَلَ عَنْهُ ، واصْبِروا أنْفُسَكُم على ما فيْهِ الاغْتِباطُ ، وإيَّاكم وتأخِيرَ العَمَلِ ودَفْعَ الخَيْرِ ، فَإنَّ في ذلِكَ النَّدمُ ، والسَّلامُ » ۱