153
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

ولا حَدُثَ نِفاقُهُ ، وما نَظَرَ لَكَ ، فَانظُر لِنَفسِكَ أو دَع ـ يُريدُ : عَمرَو بنَ العاصِ ـ . ۱

۲۴۶.الإمامة والسياسةـ في ذِكرِ قُدومِ مُعاوِيَةَ إلَى المَدينَةِ حاجّا وأخذِهِ البَيعَةَ لِيَزيدَ ، وخُطبَتِهِ الَّتي يَمدَحُ فيها يَزيدَ الطّاغِيَةَ ووَصفِهِ بِالعِلمِ بِالسُّنَّةِ وقِراءَةِ القُرآنِ وَالحِلمِ ـ: فَقامَ الحُسَينُ عليه السلام فَحَمِدَ اللّهَ وصَلّى عَلَى الرَّسولِ صلى الله عليه و آله ، ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ يا مُعاوِيَةُ ! فَلَن يُؤَدِّيَ القائِلُ وإن أطنَبَ ۲ في صِفَةِ الرَّسولِ صلى الله عليه و آله مِن جَميعٍ جُزءا ، وقَد فَهِمتُ ما لَبَستَ بِهِ الخَلَفَ بَعدَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله مِن إيجازِ الصِّفَةِ ، وَالتَّنَكُّبِ عَنِ استِبلاغِ النَّعتِ ، وهَيهاتَ هَيهاتَ يا مُعاوِيَةُ ! فَضَحَ الصُّبحُ فَحمَةَ الدُّجى ، وبَهَرَتِ الشَّمسُ أنوارَ السُّرُجِ ، ولَقَد فَضَّلتَ حَتّى أفرَطتَ ، وَاستَأثَرتَ حَتّى أجحَفتَ ، ومَنَعتَ حَتّى مَحَلتَ ، وجُزتَ حَتّى جاوَزتَ ، ما بَذَلتَ لِذي حَقٍّ مِنِ اسمِ حَقِّهِ بِنَصيبٍ ، حَتّى أخَذَ الشَّيطانُ حَظَّهُ الأَوفَرَ ، ونَصيبَهُ الأَكمَلَ .
وفَهِمتُ ما ذَكَرتَهُ عَن يَزيدَ مِنِ اكتِمالِهِ ، وسِياسَتِهِ لاُِمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله ، تُريدُ أن توهِمَ النّاسَ في يَزيدَ ، كَأَنَّكَ تَصِفُ مَحجوبا ، أو تَنعَتُ غائِبا ، أو تُخبِرُ عَمّا كانَ مِمَّا احتَوَيتَهُ بِعِلمٍ خاصٍّ ، وقَد دَلَّ يَزيدُ مِن نَفسِهِ عَلى مَوقِعِ رَأيِهِ ، فَخُذ لِيَزيدَ فيما أخَذَ فيهِ مِنِ استِقرائِهِ الكِلابَ المُهارِشَةَ ۳ عِندَ التَّهارُشِ ، وَالحَمامَ السِّبقَ لِأَترابِهِنَّ ، وَالقِيانَ ذَواتِ المَعازِفِ ، وضَربِ المَلاهي تَجِده باصِرا ، ودَع عَنكَ ما تُحاوِلُ ، فَما أغناكَ أن تَلقَى اللّهَ مِن وِزرِ هذَا الخَلقِ بِأَكثَرَ مِمّا أنتَ لاقيهِ ، فَوَاللّهِ ما بَرِحتَ تَقدَحُ باطِلاً في جَورٍ ، وحَنَقا في ظُلمٍ ، حَتّى مَلَأتَ الأَسقِيَةَ ، وما بَينَكَ وبَينَ المَوتِ إلاّ غَمضَةٌ ، فَتَقدَمُ عَلى عَمَلٍ مَحفوظٍ في يَومٍ مَشهودٍ ، ولاتَ حينَ مَناصٍ .

1.نثر الدرّ : ج ۱ ص ۳۳۵ ، نزهة الناظر : ص ۸۲ ح ۷ ، كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۴۲ ، الاحتجاج : ج ۲ ص ۸۸ ح ۱۶۳ عن صالح بن كيسان نحوه ، بحار الأنوار : ج ۴۴ ص ۱۲۹ ح ۱۹ .

2.أطنَبَ في الكلام : بالَغَ فيه (الصحاح : ج ۱ ص ۱۷۲ «طنب») .

3.المُهارَشَةُ بالكِلاب : وهو تحريش بعضها على بعض (الصحاح : ج ۳ ص ۱۰۲۷ «هرش») .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
152

مَخزومٍ فَيُبغِضَهُمُ النّاسُ . ۱

7 / 4

اِحتِجاجاتُ الإِمامِ عَلى مُعاوِيَةَ

۲۴۴.تاريخ اليعقوبي :قالَ مُعاوِيَةُ لِلحُسَينِ بنِ عَلِيٍّ عليه السلام : يا أبا عَبدِ اللّهِ ! عَلِمتَ أنّا قَتَلنا شيعَةَ أبيكَ ، فَحَنَّطناهُم وكَفَّنّاهُم وصَلَّينا عَلَيهِم ودَفَنّاهُم ؟
فَقالَ الحُسَينُ عليه السلام : حَجَجتُكَ ۲ ورَبِّ الكَعبَةِ ! لكِنّا وَاللّهِ إن قَتَلنا شيعَتَكَ ما كَفَنّاهُم ولا حَنَّطناهُم ولا صَلَّينا عَلَيهِم ولا دَفَنّاهُم . ۳

۲۴۵.نثر الدرّ :لَمّا قَتَلَ مُعاوِيَةُ حُجرَ بنَ عَدِيٍّ وأصحابَهُ ، لَقِيَ في ذلِكَ العامِ الحُسَينَ عليه السلام فَقالَ : أبا عَبدِ اللّهِ ، هَل بَلَغَكَ ما صَنَعتُ بِحُجرٍ وأصحابِهِ مِن شيعَةِ أبيكَ ؟
فَقالَ : لا .
قالَ : إنّا قَتَلناهُم وكَفَّنّاهُم وصَلَّينا عَلَيهِم .
فَضَحِكَ الحُسَينُ عليه السلام ، ثُمَّ قالَ : خَصَمَكَ القَومُ يَومَ القِيامَةِ يا مُعاوِيَةُ ، أما وَاللّهِ لَو وَلينا مِثلَها مِن شيعَتِكَ ما كَفَنّاهُم ولا صَلَّينا عَلَيهِم . وقَد بَلَغَني وُقوعُكَ بِأَبي حَسَنٍ ، وقِيامُكَ وَاعتِراضُكَ بَني هاشِمٍ بِالعُيوبِ ، وَايمُ اللّهِ لَقَد أوتَرتَ غَيرَ قَوسِكَ ۴ ، ورَمَيتَ غَيرَ غَرَضِكَ ۵ ، وتَناوَلتَها بِالعَداوَةِ مِن مَكانٍ قَريبٍ ، ولَقَد أطَعتَ امرَءا ما قَدُمَ إيمانُهُ ،

1.عيون الأخبار لابن قتيبة : ج ۱ ص ۱۹۶ ؛ كشف الغمّة : ج ۲ ص ۲۳۷ وفيه «فبلغ ذلك الحسن بن عليّ عليهماالسلام» نحوه .

2.في الطبعة المعتمدة : «حجرك» ، والتصويب من طبعة النجف .

3.تاريخ اليعقوبي : ج ۲ ص ۲۳۱ .

4.أوترتُ القَوسَ : شدَدتُ وَتَرها (المصباح المنير : ص ۶۴۷ «وتر») .

5.الغَرَض : الهدف الذي يُرمى إليه (المصباح المنير : ص ۴۴۵ «غرض») .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 188300
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي