237
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

تَسوقُ الغَنَمَ وَالإِبِلَ وَالخَيلَ ، فَمِنهُم مَن جاءَكَ بِهَداياهُ وكَرامَتِهِ ، ومِنهُم مَن يُريدُ النُّفورَ مَعَكَ إلى عَدُوِّكَ .
فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : جَزَى اللّهُ طَيّا خَيرا «وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَـهِدِينَ عَلَى الْقَـعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا»۱ . فَلَمَّا انتَهَوا إلَيهِ سَلَّموا عَلَيهِ .
قالَ عَبدُ اللّهِ بنُ خَليفَةَ : فَسَرَّني وَاللّهِ ما رَأَيتُ مِن جَماعَتِهِم وحُسنِ هَيئَتِهِم ، وتَكَلَّموا فَأَقَرّوا ، وَاللّهِ ما رَأَيتُ بِعَيني خَطيبا أبلَغَ مِن خَطيبِهِم .
وقامَ عَدِيُّ بنُ حاتِمٍ الطّائِيُّ فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ : أمّا بَعدُ فَإِنّي كُنتُ أسلَمتُ عَلى عَهدِ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، وأدَّيتُ الزَّكاةَ عَلى عَهدِهِ ، وقاتَلتُ أهلَ الرِّدَّةَ مِن بَعدِهِ ، أرَدتُ بِذلِكَ ما عِندَ اللّهِ ، وعَلَى اللّهِ ثَوابُ مَن أحسَنَ وَاتَّقى ، وقَد بَلَغَنا أنَّ رِجالاً مِن أهلِ مَكَّةَ نَكَثوا بَيعَتَكَ ، وخالَفوا عَلَيكَ ظالِمينَ ، فَأَتَيناكَ لِنَنصُرَكَ بِالحَقِّ ، فَنَحنُ بَينَ يَدَيكَ ، فَمُرنا بِما أحبَبتَ ، ثُمَّ أنشَأَ يَقولُ :

ونَحنُ نَصَرنَا اللّهَ مِن قَبلِ ذاكُموأنتَ بِحَقًّ جِئتَنا فَسَتُنصَرُ
سَنَكفيكَ دونَ النّاسِ طُرّا بِأَسرِناوأنتَ بِهِ مِن سائِرِ النّاسِ أجدَرُ
فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : جَزاكُمُ اللّهُ مِن حَيٍّ عَنِ الإِسلامِ وأهلِهِ خَيرا ، فَقَد أسلَمتُم طائِعينَ ، وقاتَلتُمُ المُرتَدّينَ ، ونَوَيتُم نَصرَ المُسلِمينَ .
وقامَ سَعيدُ بنُ عُبَيدٍ البُحتُرِيُّ مِن بَني بُحتُرٍ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، إنَّ مِنَ النّاسِ مَن يَقدِرُ أن يُعَبِّرَ بِلِسانِهِ عَمّا في قَلبِهِ ، ومِنهُم مَن لا يَقدِرُ أن يُبَيِّنَ ما يَجِدُهُ

1.النساء : ۹۵ .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
236

6 / 6

قِتالُ النّاكِثينَ

۳۷۳.الأمالي بإسناده عن الإمام الحسين عليه السلام :لَمّا تَوَجَّهَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام مِنَ المَدينَةِ إلَى النّاكِثينَ بِالبَصرَةِ نَزَلَ الرَّبَذَةَ : فَلَمَّا ارتَحَلَ مِنها لَقِيَهُ عَبدُ اللّهِ بنُ خَليفَةَ الطّائِيُّ ـ وقَد نَزَلَ بِمَنزِلٍ يُقالُ لَهُ : قُدَيدٌ ـ فَقَرَّبَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام .
فَقالَ لَهُ عَبدُ اللّهِ : الحَمدُ للّهِِ الَّذي رَدَّ الحَقَّ إلى أهلِهِ ووَضَعَهُ في مَوضِعِهِ ، كَرِهَ ذلِكَ قَومٌ أو سُرّوا بِهِ ، فَقَد وَاللّهِ كَرِهوا مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله ونابَذوهُ وقاتَلوهُ ، فَرَدَّ اللّهُ كَيدَهُم في نُحورِهِم ، وجَعَلَ دائِرَةَ السَّوءِ عَلَيهِم ، ووَاللّهِ لَنُجاهِدَنَّ مَعَكَ في كُلِّ مَوطِنٍ حِفظا لِرَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله .
فَرَحَّبَ بِهِ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام وأجلَسَهُ إلى جَنبِهِ ـ وكانَ لَهُ حَبيبا ووَلِيّا ـ وأخَذَ يُسائِلُهُ عَنِ النّاسِ ، إلى أن سَأَلَهُ عَن أبي موسَى الأَشعَرِيِّ ، فَقالَ : وَاللّهِ ما أنَا أثِقُ بِهِ ، ولا آمَنُ عَلَيكَ خِلافَهُ إن وَجَدَ مُساعِدا عَلى ذلِكَ !
فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : وَاللّهِ ما كانَ عِندي مُؤتَمَنا ولا ناصِحا ، ولَقَد كانَ الَّذينَ تَقَدَّمونِي استَولَوا عَلى مَوَدَّتِهِ ووَلَّوهُ وسَلَّطوهُ بِالإِمرَةِ عَلَى النّاسِ ، ولَقَد أرَدتُ عَزلَهُ فَسَأَلَنِيَ الأَشتَرُ فيهِ أن اُقِرَّهُ فَأَقرَرتُهُ عَلى كُرهٍ مِنّي لَهُ ، وتَحَمَّلتُ ۱ عَلى صَرفِهِ مِن بَعدُ .
قالَ : فَهُوَ مَعَ عَبدِ اللّهِ في هذا ونَحوِهِ ، إذ أقبَلَ سَوادٌ كَثيرٌ مِن قِبَلِ جِبالِ طَيٍّ ، فَقالَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : اُنظُروا ما هذَا السَّوادُ ؟
فَذَهَبَتِ الخَيلُ تَركُضُ ، فَلَم تَلبَث أن رَجَعَت ، فَقيلَ : هذِهِ طَيِّءٌ قَد جاءَتكَ

1.في بحار الأنوار والأمالي للطوسي : «وعملت» بدل «وتحمّلت» .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 188173
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي