61
جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)

يا شَيخُ ، إنَّ اللّهَ عز و جل كَلَّفَ تَخييرا ، ونَهى تَحذيرا ، وأعطى عَلَى القَليلِ كَثيرا ، ولَم يُعصَ مَغلوبا ، ولَم يُطَع مُكرِها ، ولَم يَخلُقِ السَّماواتِ وَالأَرضَ وما بَينَهُما باطِلاً ، ذلِكَ ظَنُّ الَّذينَ كَفَروا ، فَوَيلٌ لِلَّذينَ كَفَروا مِنَ النّارِ ۱ .
قالَ : فَنَهَضَ الشَّيخُ وهُوَ يَقولُ :

أنتَ الإِمامُ الَّذي نَرجو بِطاعَتِهِيَومَ النَّجاةِ مِنَ الرَّحمنِ غُفرانا
أوضَحتَ مِن دينِنا ما كانَ مُلتَبِساجَزاكَ رَبُّكَ عَنّا فيهِ إحسانا
فَلَيسَ مَعذِرَةٌ في فِعلِ فاحِشَةٍقَد كُنتُ راكِبَها فِسقا وعِصيانا
لا لا ولا قائِلاً ناهيهِ أوقَعَهُفيها عَبَدتُ إذا يا قَومِ شَيطانا
ولا أحَبَّ ولا شاءَ الفُسوقَ ولاقَتلَ الوَلِيِّ لَهُ ظُلما وعُدوانا
أنّى يُحِبُّ وقَد صَحَّت عَزيمَتُهُذُو العَرشِ أعلَنَ ذاكَ اللّهُ إعلانا۲

3 / 3

دَورُ القَضاءِ وَالقَدَرِ فِي الأَفعالِ

۶۷.التوحيد بإسناده عن الحسين بن عليّ عليه السلام :سَمِعتُ أبي عَلِيَّ بنَ أبي طالِبٍ عليه السلام يَقولُ : الأَعمالُ عَلى ثَلاثَةِ أحوالٍ : فَرائِضَ ، وفَضائِلَ ، ومَعاصِيَ .
وأمَّا الفَرائِضُ فَبِأَمرِ اللّهِ عز و جل ، وبِرِضَى اللّهِ وقَضاءِ اللّهِ وتَقديرِهِ ومَشِيَّتِهِ وعِلمِهِ .
وأمَّا الفَضائِلُ فَلَيسَت بِأَمرِ اللّهِ ولكِن بِرِضَى اللّهِ وبِقَضاءِ اللّهِ وبِقَدَرِ اللّهِ وبِمَشِيَّتِهِ وبِعِلمِهِ .
وأمَّا المَعاصي فَلَيسَت بِأَمرِ اللّهِ ولكِن بِقَضاءِ اللّهِ وبِقَدَرِ اللّهِ وبِمَشِيَّتِهِ وبِعِلمِهِ ، ثُمَّ

1.تلميح إلى الآية ۲۷ من سورة ص .

2.التوحيد : ص ۳۸۰ ح ۲۸ عن عليّ بن جعفر الكوفي عن الإمام الهادي عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۱۳ ح ۱۹ وراجع : الكافي : ج ۱ ص ۱۵۵ ح ۱ وتحف العقول : ص ۴۶۸ والفصول المختارة : ص ۷۰ .


جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
60

جَبرا ، [بَل] ۱ بِتَمكينِهِ إيّاهُم بَعدَ إعذارِهِ وإنذارِهِ لَهُم وَاحتِجاجِهِ عَلَيهِم ، طَوَّقَهُم ومَكَّنَهُم وجَعَلَ لَهُمُ السَّبيلَ إلى أخذِ ما إلَيهِ دَعاهُم ، وتَركِ ما عَنهُ نَهاهُم ، جَعَلَهُم مُستَطيعينَ لِأَخذِ ما أمَرَهُم بِهِ مِن شَيءٍ غَيرَ آخِذيهِ ، ولِتَركِ ما نَهاهُم عَنهُ مِن شَيءٍ غَيرَ تارِكيهِ .
وَالحَمدُ للّهِِ الَّذي جَعَلَ عِبادَهُ أقوِياءَ لِما أمَرَهُم بِهِ ، يَنالونَ بِتِلكَ القُوَّةِ ونَهاهُم عَنهُ ، وجَعَلَ العُذرَ لِمَن لَم يَجعَل لَهُ السَّبَبَ جَهدا مُتَقَبَّلاً . ۲

3 / 2

أصنافُ القَضاءِ وَالقَدَرِ

۶۶.التوحيد بإسناده عن الحسين بن عليّ عليه السلام :دَخَلَ رَجُلٌ مِن أهلِ العِراقِ عَلى أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام فَقالَ : أخبِرنا عَن خُروجِنا إلى أهلِ الشّامِ أبِقَضاءٍ مِنَ اللّهِ وقَدَرٍ ؟
فَقالَ لَهُ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام : أجَل يا شَيخُ ، فَوَاللّهِ ما عَلَوتُم تَلعَةً ۳ ولا هَبَطتُم بَطنَ وادٍ إلاّ بِقَضاءٍ مِنَ اللّهِ وقَدَرٍ .
فَقالَ الشَّيخُ : عِندَ اللّهِ أحتَسِبُ عَنائي يا أميرَ المُؤمِنينَ .
فَقالَ : مَهلاً يا شَيخُ ، لَعَلَّكَ تَظُنُّ قَضاءً حَتما وقَدَرا لازِما ! لَو كانَ كَذلِكَ لَبَطَلَ الثَّوابُ وَالعِقابُ وَالأَمرُ وَالنَّهيُ وَالزَّجرُ ، ولَسَقَطَ مَعنَى الوَعيدِ وَالوَعدِ ، ولَم يَكُن عَلى مُسيءٍ لائِمَةٌ ولا لِمُحسِنٍ مَحمَدَةٌ ، ولَكانَ المُحسِنُ أولى بِاللاّئِمَةِ مِنَ المُذنِبِ ، وَالمُذنِبُ أولى بِالإِحسانِ مِنَ المُحسِنِ ! تِلكَ مَقالَةُ عَبَدَةِ الأَوثانِ وخُصَماءِ الرَّحمنِ وقَدَرِيَّةِ هذِهِ الاُمَّةِ ومَجوسِها .

1.ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .

2.الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام : ص ۴۰۸ ح ۱۱۸ ، بحار الأنوار : ج ۵ ص ۱۲۳ ح ۷۱ .

3.التَّلْعَةُ : ما ارتفع من الأرض (الصحاح : ج ۳ ص ۱۱۹۲ «تلع») .

  • نام منبع :
    جواهر الحکمة للإمام أبي عبد الله الحسين(ع)
    المساعدون :
    الطباطبایی،محمود ، الطباطبایی، روح الله
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 188240
الصفحه من 598
طباعه  ارسل الي