263
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1

فهو فظيع ، وأُفْظِع الرجل على ما لم يسمّ فاعله ، أي نزل به ذلك .
وقوله : « والسياقة إلى الورد المورود » ؛ يعني الموت . وقوله : « سَائِقٌ وَشَهِيدٌ » ؛ وقد فسّر عليه السلام ذلك وقال : « سائق يسوقها إلى محشَرها ، وشاهد يشهد عليها بعملها » ؛ الأظهر في الأخبار والآثار أنهما مَلكان .

الأصْلُ :

۰.ومنها في صفة الجنة :دَرَجَاتٌ مُتَفَاضِلاَتٌ ، وَمَنَازِلُ مُتَفَاوِتَاتٌ ، لاَ يَنْقَطِعُ نَعِيمُهَا ، وَلاَ يَظْعَنُ مُقِيمُهَا ، وَلاَ يَهْرَمُ خَالِدُهَا ، وَلاَ يَبْأَسُ سَاكِنُهَا .

الشّرْحُ :

الدّرَجات : جمع درجة ، وهي الطّبقات والمراتب ، ويقال لها : درجات في الجنة ودَرَكات في النار ، وإنما تفاضَلَتْ وتفاوتت بحسب الأعمال ، ولا يجوز أن يقع ذلك تفضُّلاً ؛ لأنّ التفضّل بالثَّواب قبيح .
وقوله : « لا ينقطع نعيمها ولا يظعن مقيمها » قولٌ متفق عليه بين أهل الملّة . ويبأس : مضارع بَئِسَ ، وجاء فيه « يَبِئس » بالكسر ، وهو شاذّ كشذوذ « يحسِب » وينعِم ، ومعنى « يبأس » : يصيبه البؤس وهو الشقاء .

85

الأصْلُ :

۰.ومن خطبة له عليه السلامقَدْ عَلِمَ السَّرَائِرَ ، وَخَبَرَ الضَّمَائِرَ ، لَهُ الاْءِحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ ، وَالْغَلَبَةُ لِكُلِّ شَيْءٍ ، وَالْقُوَّةُ


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
262

والرابعة : نفي الصفات عنه ، أعني المعاني .
والخامسة : نفي كونه مكيّفا ؛ لأنّ كيف إنما يُسْأل بها عن ذوي الهيئات والأشكال وهو منزّه عنها .
والسادسة : أنه غير متبعّض ؛ لأ نّه ليس بجسم ولا عَرَض .
والسابعة : أنه لا يُريد ولا يدرَك .
والثامنة : أن ماهيَّتَه غير معلُومة ، وهو مذهب الحكماء وكثير من المتكلِّمين من أصحابنا وغيرهم . وأدلّةُ هذه المسائل مشروحة في كتبنا الكلامية .
واعلم أنَّ التوحيد والعدل والمباحث الشريفة الإلهيّة ، ما عرِفت إلاّ من كلام هذا الرجل ، وأنّ كلام غيره من أكابر الصحابة لم يتضمّن شيئا من ذلك أصلاً ؛ ولا كانوا يتصورونه ، ولو تصوّروه لذكروه . وهذه الفضيلة عندي أعظم فضائله عليه السلام .

الأصْلُ :

۰.ومنها :فَاتَّعِظُوا عِبَادَ اللّهِ بِالْعِبَرِ النَّوَافِعِ ، وَاعْتَبِرُوا بِالآي السَّوَاطِعِ ، وَازْدَجِرُوا بِالنُّذُرِ الْبَوَالِغِ ، وَانْتَفِعُوا بِالذِّكْرِ وَالْمَوَاعِظِ ، فَكَأَنْ قَدْ عَلِقَتْكُمْ مَخالِبُ المَنِيَّة ، وانْقَطَعَتْ مِنكُمْ عَلائِقُ الأمْنِيَّة ، ودَهَمَتْكُمْ مُفْظِعَاتُ الْأُمُورِ ، وَالسِّيَاقَةُ إِلَى الْوِرْدِ الْمَوْرُودِ ، فَـ ( كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ) : سَائِقٌ يَسُوقُهَا إِلَى مَحْشَرِهَا ؛ وَشَاهِدٌ يَشْهَدُ عَلَيْهَا بِعَمَلِهَا .

الشّرْحُ :

العِبَر : جمع عِبْرة ، وهي ما يعتبر به أيّ يتعظ . والآي : جمع آية ، ويجوز أن يريدَ بها آي القرآن ، ويجوز أن يريدَ بها آيات اللّه في خلقه ، وفي غرائب الحوادث في العالم . والسواطع : المشرقة المنيرة . والنُّذر : جمع نذير ؛ وهو المخوِّف ، والأحسن أن يكون النُّذر هاهنا هي الإنذارات نفسها ؛ لأ نّه قد وصف ذلك بالبوالغ ، وفواعل لا تكون في الأكثر إلاّ صفة المؤنث . ومُفظِعاتِ الأُمور : شدائدها الشنيعة ، أفظعَ الأمرُ فهو مُفظِع ، ويجوز فظُع الأمر بالضم فظاعة

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 86597
الصفحه من 712
طباعه  ارسل الي