261
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

43

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى مصقلة بن هبيرة الشيباني
وكان عامله على أردشير خُرّة :
بَلَغَنِي عَنْكَ أَمْرٌ إِنْ كُنْتَ فَعَلْتَهُ فَقَدْ أَسْخَطْتَ إلهَكَ ، وَعَصَيْتَ إِمَامَكَ ؛ إِنَّكَ تَقْسِمُ فَيْءَ الْمُسْلِمِينَ ـ الَّذِي حَازَتْهُ رِمَاحُهُمْ وَخُيُولُهُمْ ، وَأُرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاؤُهُمْ ـ فِيمَنِ اعْتَامَكَ مِنْ أَعْرَابِ قَوْمِكَ . فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ ؛ لَئِنْ كَانَ ذلِكَ حَقّاً ، لَتَجِدَنَّ لَكَ عَلَيَّ هَوَاناً ، وَلَتَخِفَّنَّ عِنْدِي مِيزَاناً ، فَـلاَ تَسْتَهِنْ بِحَقِّ رَبِّكَ ، وَلاَ تُصْلِحْ دُنْيَاكَ بِمَحْقِ دِينِكَ ، فَتَكُونَ مِنَ الأخْسَرِينَ أَعْمَالاً .
ألا وَإِنَّ حَقَّ مَنْ قِبَلَكَ وَقِبَلَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي قِسْمَةِ هذَا الْفَيْءِ سَوَاءٌ ؛ يَرِدُونَ عِنْدِي عَلَيْهِ ، وَيَصْدُرُونَ عَنْهُ .

الشّرْحُ:

قد تقدّم ذكر نسب مَصقَلة بن هُبيرة ۱ . وأردشير خرّة : كُورةٌ من كُوَر فارَس .
واعتامَك : اختارَك من بين الناس ، أصلُه من العِيمة بالكسر ، وهي خيارُ المال ، اعتام المصَّدِّق إذا أخذ العِيمة ، وقد رُوِي : «فيمن اعتماك» بالقلب ، والصحيح المشهور الأوّل ، وروي : «ولتجدنّ بك عندي هواناً» بالباء ، ومعناها اللام ؛ ولتجدنّ بسبب فعلك هوانك عندي ، والباء ترد للسببيّة ، كقوله تعالى : «فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ»۲ . والَمحْق الإهلاك .
والمعنى ، أنّه نهى مصقلة عن أن يقسم الفيءَ على أعراب قومه الذين اتّخذوه سيّداً

1.ذكره ابن أبي الحديد في ج ۳:۱۲۷ .

2.سورة النساء ۱۶۰ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
260

42

الأصْلُ:

۰.ومن كتاب له عليه السلام إلى عمر بن أبي سلمة المخزومي
وكان عامله على البحرين ، فعزله ، واستعمل النعمان بن عجلان الزّرقي مكانه :
أَمَّا بَعْدُ ، فَإِنِّي قَدْ وَلَّيْتُ نُعْمَانَ بْنَ عَجْـلاَنَ الزُّرَقِيَّ عَلَى الْبَحْرَيْنِ ، وَنَزَعْتُ يَدَكَ بِلاَ ذَمٍّ لَكَ ، وَلاَ تَثْرِيبٍ عَلَيْكَ ؛ فَلَقَدْ أَحْسَنْتَ الْوِلاَيَةَ ، وَأَدَّيْتَ الْأَمَانَةَ ، فَأَقْبِلْ غَيْرَ ظَنِينٍ ، وَلاَ مَلُومٍ ، وَلاَ مُتَّهَمٍ ، وَلاَ مَأثومٍ ، فَلَقَدْ أَرَدْتُ الْمَسِيرَ إِلَى ظَلَمَةِ أَهْلِ الشَّامِ ، وَأَحْبَبْتُ أَنْ تَشْهَدَ مَعِي ، فَإِنَّكَ مِمَّنْ أَسْتَظْهِرُ بِهِ عَلَى جِهَادِ الْعَدُوِّ ، وَإِقَامَةِ عَمُودِ الدِّيِنِ ، إِنْ شَاءَ اللّهُ .

الشّرْحُ:

أمّا عمر بن أبي سَلَمة فهو رَبيبُ رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وأبوه أبو سَلَمة بن عبد الأسد ، يكنّى أبا حفص ، وُلد في السنة الثانية من الهجرة بأرض الحبشة ، وتوفّي في المدينة في خلافة عبد الملك سنة ثلاثٍ وثمانين ، وقد حَفِظ عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم الحديث .
وأمّا النّعمان بن عجلان الزُّرَقيّ فمن الأنصار ، ثم من بني زُرَيق ، كان النّعمان هذا لسان الأنصار وشاعرهم ؛ ويقال : إنه كان رجلاً أحمر قصيرا تزدريه العين ، إلاّ أنّه كان سيّدا ، وهو القائل يوم السقيفة :

وإنْ هَوانا في عليّ وإنّهلأهلٌ لها من حيث يدري ولا يدري
قوله : «ولا تثريب عليك» ، فالتثريب الاستقصاء في اللّوم ؛ ويقال : ثرّبت عليه ، وعرّبت عليه ، إذا قبّحتَ عليه فعله .
والظَّنِين : المتّهم ؛ والظِّنّة التهمة ، والجمع الظِّنن ؛ يقول : قد اظّنّ زيد عمراً ، والألف ألف وصل ، والظاء مشدّدة ، والنون مشدّدة أيضا ، وجاء بالطاء المهملة أيضا ، أي اتّهمه .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 112925
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي