377
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

14

الأصْلُ:

۰.إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَـلاَ تُنَفِّرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ ۱ .

الشّرْحُ:

قال بعضهم : ما شيّبتني السّنون ، بل شكري مَنْ أحتاج أن أشكره . وقالوا : العفاف زينة الفقر ، والشكر زينة الغنى . وقال البحتريّ :

فإن أنا لم أشكر لنعماك جاهدافلا نلت نُعْمَى بعدها توجب الشُّكْرا

15

الأصْلُ:

۰.مَنْ ضَيَّعَهُ الْأَقْرَبُ أُتِيحَ لَهُ الْأَبْعَدُ .

الشّرْحُ:

إنّ الإنسان قد ينصره مَنْ لا يرجو نصره وإن أهمله أقربوه وخذلوه ، فقد تقوم به الأجانب من الناس ، وقد وجدنا ذلك في حقّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، ضيّعه أهلُه ورهطه من قريش وخذلوه ، وتمالؤوا عليه ، فقام بنصره الأوس والخزرج ، وهم أبعد الناس نسبا منه ، وقامت ربيعة بنصر عليّ عليه السلام في صِفّين ، وهم أعداء مُضَر الذين هم أهله ورهطه ، وقامت الخراسانية وهم عَجَم بنصر الدولة العباسيّة ، وهي دولة العرب . وإذا تأملت السِّير وجدت هذا كثيرا شائعا .

1.أطراف النعم : أوائلها ، فإذا بطرتم ولم تشكروها بأداء الحقوق منها ، نفرت عنكم أقاصيها ـ أي أواخرها ـ فحرمتموها .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
376

13

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام في الذين اعتزلوا القتال معه : خَذَلُوا الحَقَّ وَلَمْ يَنْصُرُوا البَاطِلَ .

الشّرْحُ:

قد سبق ذكر هؤلاء القوم فيما تقدّم ، وهم عبد اللّه بن عمر بن الخطاب ، وسعد بن أبي وقاص ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نُفَيل ، وأُسامة بن زيد ، ومحمد بن مسلمة ، وأنس بن مالك ؛ وجماعة غيرهم .
وقد ذكر شيخنا أبو الحسين في (الغرر ) أنّ أمير المؤمنين عليه السلام لمّا دعاهم إلى القتال معه . واعتذروا بما اعتذروا به ، قال لهم : أتنكرون هذه البيعة ؟ قالوا : لا ، لكنّا لا نقاتل ؛ فقال عليه السلام : إذا بايعتم فقد قاتلتم ؛ قال : فسلِموا بذلك من الذّم ؛ لأنّ إمامهم رضيَ عنهم .
ومعنى قوله : «خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل» ، أي خذلوني ولم يحاربوا معي معاوية ؛ وبعض أصحابنا البغداديين يتوقف في هؤلاء ، وإلى هذا القول يميل شيخنا أبو جعفر الإسكافيّ ۱ .

1.أول الكلام يقع في أصل بيعتهم ، فالروايات فيها مختلفة . بل هناك روايات صريحة ذكرها الطبري في ۴ : ۴۲۸ ، سنة ۳۵ ، دلت على عدم حصولها ، إلاّ رواية أبي مخنف . وإذاكان كذلك فكيف يعقل أن يقول لهم عليهم السلام : «إذا بايعتم فقد قاتلتم» بدون عذر صحيح ؛ وعلى تقدير صحته ، فلا يدل على أنّهم قد سلِموا من الذمّ وأن إمامهم رضي عنهم كما ادعى ذلك ابن أبي الحديد . بل فيها دلالة صريحة على أقذع الذمّ وأوجعه . لأنهم إذا لزمتهم البيعة ، فقد لزمهم ما يترتب عليها من أحكام ومنها مناصرة الإمام وإطاعته . والآن قد تهيأت الأسباب الكافية لمناصرته وخذلان الباطل ومع ذلك فقد تجاهلوا وخذلوا الحق ، فلا عذر لهم في القعود . وكان الإمام عليه السلام في مواطن كثيرة يوبخ المتخاذلين ، والمتقاعسين عن القتال ، كقوله في الخطبة ۲۹ : « لا يدرك الحق إلاّ بالجدّ ... ومع أي إمام تقاتلون ؟ ... » ، ولا شكّ أنهم داخلون في قوله صلى الله عليه و آله وسلم : «واخذل من خذله» . وهل يسلم من الذمّ والعقاب من شملته دعوة النبي صلى الله عليه و آله وسلم هذه وقوله صلى الله عليه و آله وسلم : « الساكت عن الحق شيطان أخرس » وقوله صلى الله عليه و آله وسلم : « علي مع الحق والحق مع علي » .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111154
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي