397
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

لِسَانِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ أَنَّهُ قَالَ : «يَا عَلِيُّ ، لاَ يُبْغِضُكَ مُؤْمِنٌ ، وَلاَ يُحِبُّكَ مَُنَافِقٌ» .

الشّرْحُ:

جَمّاتها بالفتح : جَمعُ جَمّة ، وهي المكان يجتمع فيه الماء وهذه استعارة [والمراد : بأجمعها] . والخَيْشوم : أقصى الأَنْف .
ومرادُه عليه السلام من هذا الفصل إذكار الناس ما قاله فيه رسول اللّه صلى الله عليه و آله وسلم ، وهو : «لا يُبغِضك مؤمن ، ولا يحبك منافق» ؛ وهي كلمةُ حقّ ، وذلك لأنّ الإيمان وبغضَه عليه السلام لا يَجتمعان ؛ لأنّ بغضه كبيرة ، وصاحب الكبيرة عندنا لا يسمّى مؤمِنا ، وأمّا المنافق فهو الذي يُظْهر الإسلامَ ويُبْطن الكفر ، والكافرُ بعقيدته لا يحبّ عليّا عليه السلام ؛ لأنّ المراد من الخبر المحبّة الدّينيّة ، ومن لا يعتقد الإسلام لا يحبّ أحدا من أهل الإسلام ، لإسلامه وجهاده في الدّين ، فقد بان أنّ الكلمة حقّ ؛ وهذا الخبر مَرْوِيٌّ في الصحاح بغير هذا اللفظ : «لا يحبُّك إلاّ مؤمن ، ولا يبغضك إلاّ منافق» ، وقد فسرناه فيما سبق .

44

الأصْلُ:

۰.سَيِّئَةٌ تَسُوءُكَ خَيْرٌ عِنْدَ اللّهِ مِنْ حَسَنَةٍ تُعْجِبُكَ .

الشّرْحُ:

هذا حقّ ؛ لأنّ الإنسان إذا وقع منه القبيح ثمّ ساءه ذلك وندم عليه وتاب حقيقة التوبة كَفّرَتْ توبته معصيتَه ، فسقط ما كان يستحقّه من العقاب ، وحصل له ثوابُ التوبة ، وأمّا من فعل واجبا واستحقّ به ثوابا ثم خامره الإعجاب بنفسه والإدلال على اللّه تعالى بعلمه ، والتِّيه على الناس بعبادته واجتهاده ، فإنه يكون قد أحْبط ثواب عِبادته بما شَفَعها من القبيح الذي


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
396

وَرَضِيَ عَنِ اللّهِ ، وَعَاشَ مُجَاهِداً .
طُوبَى لِمَنْ ذَكَرَ الْمَعَادَ ، وَعَمِلَ لِلْحِسَابِ ، وَقَنِعَ بِالْكَفَافِ ، وَرَضِيَ عَنِ اللّهِ ۱ !

الشّرْحُ:

خبّاب بن الأرتّ بن جندلة بن سعد بن خزيمة بن كعب ، يكنى أبا عبد اللّه ـ وقيل : أبا محمد ، وقيل : أبا يحيى ـ أصابه سَبيٌ فبيع بمكة .
وخَبّاب من فقراء المسلمين وخيارهم ، وكان في الجاهليّة قيْنا حدادا يَعْمل السيوف ، وهو قديم الإسلام ؛ قيل إنه كان سادس ستة ، وشهد بَدْرا وما بعدها مِن المشاهد ، وهو معدودٌ في المعذَّبين في اللّه .
نزل خبّابٌ إلى الكوفة ، ومات بها في سنة سبع وثلاثين ، بعد أن شهد مع أمير المؤمنين عليٍّ عليه السلام صِفِّين ، والنَهْرَوان ، وصلّى عليه عليٌّ عليه السلام ، وكان سنُّه يومَ مات ثلاثا وسبعين سنة ، ودُفِن بظَهْر الكوفة ۲ . وهو أوَّل من دُفِن بظَهْر الكوفة ، وعبدُ اللّه بن خَبَّاب هو الذي قتلته الخوارج ، فاحتجّ عليّ عليه السلام به وطلبهم بدَمِه ، وقد تقدّم ذكرُ ذلك .

43

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :لَوْ ضَرَبْتُ خَيْشُومَ الْمُؤْمِنِ بِسَيْفِي هذَا عَلَى أَنْ يُبْغِضَنِي مَا أَبْغَضَنِي ، وَلَوْ صَبَبْتُ الدُّنْيَا بِجَمَّاتِهَا عَلَى الْمُنَافِقِ عَلَى أَنْ يُحِبَّنِي مَا أَحَبَّنِي . وَذلِكَ أَنَّهُ قُضِيَ فَانْقَضَى عَلَى

1.قنع : رضي . الكفاف : ما يكفي الإنسان ويغنيه عن الناس بلا زيادة . طوبى : سعادة وخير وغبطة . المعاد : يوم الحساب ، يوم القيامة .

2.الاستيعاب ۱:۴۳۸ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111151
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي