431
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

نَوْمٌ عَلَى يَقِينٍ ، خَيْرٌ مِنْ صَلاَةٍ فِي شَكٍّ .

الشّرْحُ:

هذا نهيٌ عن التعرّض للعبادة مع الجَهل بالمعْبود ، كما يصنع اليوم كثيرٌ من الناس ، ويظنون أنّهم خير الناس ، والعقلاء الألبّاء من الناس يضحكون منهم ، ويستهزئون بهم ، والحَروريّة : الخوارج ، وقد سبَق القول فيهم . وفي نِسبتهم إلى حرَوراء ۱ .
يقول عليه السلام : تَرْكُ التنفُّل بالعبادات مع سلامة العقيدة الأصلية ، خيرٌ من الاشتغال بالنوافل وأورادِ الصّلاة مع عدم العلم ؛ وهو المعنيُّ بقوله : «في شَكّ» ، فإذا كان عدمُ التنفّل خيرا من التنفّل مع الشكّ فهو مع الجهل المحض وهو الاعتقاد الفاسِد أوْلى بأنْ يكون .

94

الأصْلُ:

۰.اعْقِلُوا الْخَبَرَ إِذَا سَمِعْتُمُوهُ عَقْلَ رِعَايَةٍ ؛ لاَ عَقْلَ رِوَايَةٍ ، فَإِنَّ رُوَاةَ الْعِلْمِ كَثِيرٌ ، وَرُعَاتَهُ قَلِيلٌ .

الشّرْحُ:

نهاهم عليه السلام عن أن يقتصروا إذا سمِعوا منه أو من غيره أطرافا من العِلْم والحكمة ، على أن يَرووا ذلك رواية كما يفعله اليومَ المحدثون ، وكما يقرأ أكثرُ الناس القرآن دراسةً ولا يَدْرِي من معانيه إلاّ اليسير . وأمرَهم أن يعقِلوا ما يَسمَعُونه عقلَ رِعاية أي مَعرفة وفَهْم . ثم قال لهم : «إنّ رُواة العلم كثير ، ورُعاته قليل» ، أي من يُراعِيه ويتدبّره ؛ وصَدَق عليه السلام !

1.حروراء : قرية بالنهروان ، نزل بها الخوارج الذين خالفوا أمير المؤمنين عليه السلام ؛ وبها كان أول تحكيمهم واجتماعهم حين خالفوه ، وهناك ناظَرَهم الإمام عليه السلام ، فرجع منهم ألفان .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
430

92

الأصْلُ:

۰.إِنَّ أَوْلَى النَّاس بِالأنبِيَاءِ أَعْلَمُهُمْ بِمَا جَاؤوا بِهِ ، ثُمَّ تَلاَ عليه السلام : «إِنَّ أَوْلَى النَّاس بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا ...» الآية .
ثُمَّ قَالَ : إِنَّ وَلِيَّ مُحَمَّدٍ مَنْ أَطَاعَ اللّهَ وإِنْ بَعُدَتْ لُحْمَتُهُ ، وَإِنَّ عَدُوَّ مُحَمَّدٍ مَنْ عَصَى اللّهَ وَإِنْ قَرُبَتْ قَرَابَتُهُ .

الشّرْحُ:

هكذا الرواية «أعلمهم» ، والصحيح «أعملهم» ؛ لأنّ استدلاله بالآية يقتضي ذلك ، وكذا قوله فيما بعدُ . «إنّ وَلِيَّ محمد من أطاع اللّه ...» إلى آخر الفصل ، فلم يذكر العلم ، وإنما ذكر العمل . واللُّحْمة بالضم : النسب والقرابة ، وهذا مثلُ الحديث المرفوع : «ائتوني بأعمالكم ، ولا تأتوني بأنسابكم ، إنّ أكرمَكم عند اللّه أتقاكم» .
وقال رجل لجعفر بن محمّد عليه السلام : أرأيت قوله صلى الله عليه و آله وسلم : «إن فاطمةَ أحصنتْ فرجها فحرَّم اللّهُ ذرّيتها على النار» ، أليس هذا أمانا لكلّ فاطمي في الدنيا؟ فقال : إنك لأحمق ، إنما أراد حسنا وحسَيناً ؛ لأنهما من لحمة أهل البيت ، فأما مَن عداهما فمنْ قَعد به عملُه لم يَنهَضْ به نَسَبُه .

93

الأصْلُ:

1.قيل : إنّ هذا الرجل هو (عروة بن أُذينه) ، وكان مبغضاً لعلي عليه السلام ، إلاّ أنه كان متعبّداً ، وهو أوّل من سلّ من الخوارج السيف . قبض عليه معاوية أيام ملكه ، وقتله . معارج النهج ، للبيهقي : ص۸۱۲ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111286
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي