501
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

قد تقدّم القوْل في هذا المعنى .
والعِلّة في كون القلب يَعمَى إذا أُكرِه على ما لا يحبّه ، أنّ القلبَ عُضْو من الأعضاء يَتَعب ويستريح كما تتعب الجُثّة عند استعمالها وإحمالِها ، وتستريح عند تَرْك العَمَل ، كما يتعب اللّسان عند الكلام الطّويل ، ويستريحُ عند الإمساك ، وإذا تَواصَل إكراه القلبِ على أمرٍ لا يحبّه ولا يؤثِرُه تَعِب ، لأنّ فِعلَ غير المحبوبِ مُتعِب ؛ ألا ترى أنّ جِماعَ غيرِ الَمحْبوب يُحدِث من الضَّعف أضعافَ ما يُحدِثُهُ جِماعُ الَمحْبوب ؛ والرّكوب إلى مكان غيرِ محبوبٍ مُتعِب ولا يُشتَهى ، يُتعِب البَدَن أضعافَ ما يُتعِبه الركوب إلى تلك المسافة إذا كان المكان محبوبا ، وإذا أُتعِب القلب وأعْيـا ، عجَزَ عن إدراك مـا نكلّفه إدراكـه ، لأنّ فعلَه هو الإدراك ، وكلّ عضو يَتعَب فإنّه يَعجَز عن فعلِه الخاصِّ به ، فإذا عجز القلبُ عن فِعلِه الخاصِّ به وهو العِلم والإدراك ؛ فذاك هو عماه .

190

الأصْلُ:

۰.وكان عليه السلام يقول : مَتَى أَشْفِي غَيْظِي إِذَا غَضِبْتُ ! أَحِينَ أَعْجِزُ عَنِ الاِْنْتِقَامِ فَيُقَالُ لِي : لَوْ صَبَرْتَ ! أَمْ حِينَ أَقْدِرُ ، عَلَيْهِ فَيُقَالُ لِي : لَوْ عَفَوْتَ!

الشّرْحُ:

هذا الفصل فصيحٌ لطيفُ المَعْنى ؛ قال : لا سبيل لي إلى شفاءِ غَيْظي عند غضبي ؛ لأنّي إمّا أن أكون قادرا على الانتقام فيصدَّني عن تعجيلِه قولُ القائل : لو غَفرتَ لكان أولى ! وإمّا ألاّ أكونَ قادرا على الانتقام فيصدّني عنه كوني غيرَ قادرٍ عليه ؛ فإذَنْ لا سبيلَ لي إلى الانتقام عند الغضب .
وكان يقال : العقل كالمِرآة المجلوّة يُصْدِئه الغَضَب ، كما تَصْدَأ المرآة بالخَلّ ، فلا يَثبُت فيها صورةُ القُبْح والحُسْن .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
500

187

الأصْلُ:

۰.لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ ، كَمَا أَنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ .

الشّرْحُ:

كان يقال : ما الإنسان لولا اللسانُ إلاّ بهيمةٌ مُهمَلة ، أو صورةٌ ممثَّلة .
وكان يقال : اللّسان عضوٌ إنْ مرّنْتَه مَرَن ، وإن تركتَه خَزِن ۱ .

188

الأصْلُ:

۰.يَا بْنَ آدَمَ مَا كَسَبْتَ فَوْقَ قُوتِكَ ، فَأَنْتَ فِيهِ خَازِنٌ لِغَيْرِكَ .

الشّرْحُ:

أخَذ هذا المعنى بعضُهم ؛ فقال :

ما لي أراكَ الدّهر تَجمعُ دائباألِبَعْلِ عِرْسِك لا أبا لك تَجمَعُ!

189

الأصْلُ:

۰.إِنَّ لِلْقُلُوبِ شَهْوَةً وَإِقْبَالاً وَإِدبَاراً ؛ فَأْتُوهَا مِنْ قِبَلِ شَهْوَتِهَا وَإِقْبَالِهَا ، فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا أُكْرِهَ عَمِيَ .

1.خزن : تغير وفسد .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111243
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي