515
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

الشّرْحُ:

تكادُ هذه الكلمة أن تكون إيماء إلى قوله تعالى : «وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُه بِإذْنِ رَبِّهِ»۱ ؛ ومعنى هذه الكلمة أنّ مَنْ حَسُن خُلقه، ولانت كلمته، كثر محبُّوه وأعوانه وأتباعه .
ونحوه قوله : «مَنْ لانتْ كلمته ، وجبتَ محبّته» .
وقال تعالى : «وَلَوْ كُنْتَ فَظّا غَلِيظَ القَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ»۲ ، وأصل هذه الكلمة مطابِقٌ للقواعد الحكميّة ، أعني الشجرة ذات الأغصان حقيقة ، وذلك لأنّ النبات كالحيوان في القوى النفسانيّة ، أعني الغاذيّة والمنمّية ، وما يخدم الغاذيّة من القوَى الأربع ؛ وهي الجاذبة ، والماسكة ، والدافعة ، والهاضمة ؛ فإذا كان اليبَس غالبا على شجَرة كانت أغصانُها أخفَّ ، وكان عودها أدقَّ ، وإذا كانت الرُّطوبة غالبةً كانت أغصانها أكثر ، وعودها أغلَظ ؛ وذلك لاقتضاء اليَبَس الذبول ، واقتضاء الرطوبة الغِلظ والعبالة والضخامة ، ألا تَرى أنّ الإنسان الّذي غلب اليَبَسُ على مزاجه ، لا يزال مَهْلُوسا نحيفا ، والذي غلبت الرطوبة عليه لا يزال ضخما عَبْلاً .

211

الأصْلُ:

۰.الْخِلاَفُ يَهْدِمُ الرَّأْيَ .

الشّرْحُ:

هذا مثل قوله عليه السلام في موضع آخر : «لا رأْي لمن لا يُطاع» ۳ . ويُروَى : لا إمرة لمن لا يطاع . وفي أخبار قصير وجَذِيمة : «لو كان يطاع لقصيرٍ أمر» . وكان يقال : اللّجاج يَشحَذ الزُّجاج،

1.سورة الأعراف ۵۸.

2.سورة آل عمران ۱۵۹ .

3.مرّ هذا القول في آخر الخطبة ۲۷ .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
514

الشّرْحُ:

معنى هذه الكلمة أنّ الحاسد لا يزال مجتهدا في إظهار معايب المحسود وإخفاء محاسنه ، فلما كان عُجْب الإنسان بنفسه كاشفا عن نقص عقله ، كان كالحاسد الذي دأبُه إظهارَ عيب المحسود ونقصه . وكان يقال : مَنْ رضيَ عن نفسه كثر الساخط عليه .

209

الأصْلُ:

۰.أَغْضِ عَلَى الْقَذَى وَالْأَلَمِ تَرْضَ أَبَداً .

الشّرْحُ:

نظير هذا قول الشاعر :

وَمَنْ لَمْ يُغَمِّضْ عَيْنَهُ عن صديقِهِوَعَنْ بَعْضِ ما فيه يمتْ وهو عاتبُ
ومَن يتتبَّعْ جاهدا كلّ عثرةيجدها ولا يسلمْ له الدهرَ صاحبُ
وقال الشاعر :

إذا أنْتَ لم تشْرَبْ مرارا على القَذَىظَمِئْتَ وأيّ النَّاس تصفُو مشاربُهْ!
وكان يقال : اغْضِ عن الدّهر وإلاّ صرعك .

210

الأصْلُ:

۰.مَنْ لاَنَ عُودُهُ كَثُفَتْ أَغْصَانُهُ .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111196
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي