681
تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2

474

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام في مدْحِ الأنصارِ :هُمْ وَاللّهِ رَبَّوُا الاْءِسْلاَمَ كَمَا يُرَبَّى الْفِلْوُ مَعَ غَنَائِهِمْ بِأَيْدِيهِمُ السِّبَاطِ ، وَأَلْسِنَتِهِمُ السِّلاَطِ ۱ .

الشّرْحُ:

ويُروَى : «بأيديهم البِساط» ، أي الباسِطة ، والأُولى جَمْع سَبْط يَعنِي السَّماح ، وقد يقال للحاذق بالطَّعن : إنّه لسَبْط اليَدَين ، يريدُ الثّقافة . وألسنتهم السِّلاط ، يعني الفَصيحة .
وقد تقدّم القولُ في مَدْح الأنصار ، ولو لم يكن إلاّ قولُ رسولِ اللّه صلى الله عليه و آله وسلم فيهم : «إنّكم لتَكثرُون عند الفَزَع ، وتَقِلّون عند الطَّمَع» ، لكان فخراً لهم . وهذا عظيمٌ جدّاً وفوق العَظِيم ، ولا ريبَ أنّهم الّذين أيّد اللّهُ بهم الدّين ، وأظهَرَ بهم الإسلام بعد خَفائِه ، ولولاهم لَعَجز المهاجرون عن حَرْب قريش والعرب ، وعن حِمايةِ رَسولِ اللّه صلى الله عليه و آله وسلمولولا مَدينتهم لم يكن للإسلام ظَهْر يَلْجَؤون [ إليه ] ، ويكْفِيهم فَخْراً يوم حَمْراء الأسد ، يوم خرجَ بهم رسولُ اللّه صلى الله عليه و آله وسلم إلى قريش بعد انْكسار أصحابِه ، وقتلِ مَن قُتل منهم ، وخرجوا نحوَ القوم والجراحُ فيهم فاشية ، ودماؤهم تَسيل ، وإنّهم مع ذلك كالأُسْد الغِراث تَتواثَب على فَرائِسها ، وكم لهم من يومٍ أغرّ محجَّل ! وقالت الأنصار : لولا عليّ بنُ أبي طالب عليه السلام في المهاجِرين لأبَيْنا لأنْفُسنا أن يُذكَر المهاجرون مَعنا ، أو أن يُقرَنوا بنا ، ولكنْ رُبَّ واحدٍ كألف ؛ بل كألُوف .

475

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّتَهِ .

1.ربّوا الإسلام : من التربية والإنماء ، والمراد أنهم أقاموا على تقوية الدين ونصرته ودعمه . الفلو : المهر إذا بلغ سنة .


تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
680

473

الأصْلُ:

۰.وقال عليه السلام :إِنَّ لِبَنِي أُمَيَّةَ مِرْوَداً يَجْرُونَ فِيهِ ، وَلَوْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيَما بَيْنَهُمْ ثُمَّ كَادَتْهُمُ الضِّبَاعُ لَغَلَبَتْهُمْ .
قال الرضيُ رَحِمَهُ اللّهُ تَعَالَى : وهذا من أفصح الكلامِ وأَغربهِ ، والمرْوَدُ هاهنا مِفْعَل من الإرْوَاد ، وهو الإمهال والإنظَارُ ، فكأنه عليه السلام شبّه المهلة التي هم فيها بالمِضْمارِ الذي يجْرُون فيه إلى الغاية ، فإذا بلغوا منقَطَعها انتقض نظامُهُم بعدها .

الشّرْحُ:

هذا إخبارٌ عن غَيْب صريح ، لأنّ بني أُميّة لم يزل مُلكُهم منتظِما لمّا لم يكن بينهم اختلاف ، وإنّما كانت حروبُهم مع غيرهم كحَرْب معاويةَ في صِفِّين ، وحرب يزيد أهلَ المدينة ، وابن الزبير بمكّة ، وحرب مروانَ الضحّاك ، وحَرْب عبد الملك ابنَ الأشعث وابنَ الزبير ، وحرب يزيد ابنه بني المهلّب ، وحرب هشام زيدَ بن علي ، فلمّا ولي الوليد بن يزيد وخرج عليه ابنُ عمّه يزيد بن الوليد وقتَلَه ، اختلفتْ بنو أُميّة فيما بينهما ، وجاء الوعدُ ـ وصَدَق من وعد به ـ فإنّه منذ قتل الوليد دَعت دعاةُ بني العبّاس بخُراسان ، وأقْبَل مروانُ بنُ محمّد من الجزيرة يَطلُب الخلافة ، فخلع إبراهيم بن الوليد ، وقَتَل قوماً من بني أُميّة ، واضطرَب أمرُ الملك وانتَشَر ، وأقبَلت الدولةُ الهاشميّة ونَمَتْ ، وزال مُلْك بني أُميّة ، وكان زَوال مُلْكهم على يد أبي مُسلِم ، وكان في بدايته أضعفَ خَلْق اللّه وأعظمَهم فَقْراً ومَسكَنة ، وفي ذلك تَصديقُ قوله عليه السلام : «ثمّ لو كادَتْهم الضِّباع لغَلَبَتهم» .

  • نام منبع :
    تهذيب شرح نهج البلاغة لإبن أبي الحديد المعتزلي ج2
    المجلدات :
    2
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1426 ق / 1384 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 111225
الصفحه من 800
طباعه  ارسل الي