239
ميزان الحکمه المجلّد التّاسع

بايَعتُموهُ كُنتُم مُلوكَ العَرَبِ والعَجَمِ ، ثُمّ بُعِثتُم بَعدَ مَوتِكُم فجُعِلَ لَكُم جِنانٌ كجِنانِ الأرضِ ، وإن لَم تَفعَلوا كانَ لَكُم مِنهُ الذَّبحُ ثُمّ بُعِثتُم بَعدَ مَوتِكُم فجُعِلَت لَكُم نارٌ تُحرَقونَ بِها . فخَرَجَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله فأخَذَ حَفنَةً۱ مِن تُرابٍ ، ثُمّ قالَ : نَعَم أنا أقولُ ذلكَ ، فنَثَرَ التُّرابَ على‏ رؤوسِهِم وهُو يَقرأ (يس - إلى‏ قولِهِ : - وجَعَلْنا مِن بَيْنِ أيْدِيهِم سَدّاً ومِنْ خَلْفِهِم سَدّاً فأغْشَيْناهُمْ فَهُم لا يُبصِرونَ)۲ ، فلَم يَبقَ مِنهُم رجُلٌ وَضَعَ على‏ رأسِهِ التُّرابَ إلّا قُتِلَ يَومَ بَدرٍ ، ثُمّ انصَرَفَ إلى‏ حَيثُ أرادَ ، فأتاهُم آتٍ لَم يَكُن مَعَهُم فقالَ : ما تَنتَظِرونَ ههُنا ؟ قالوا : محمّداً ، قالَ : قَد واللَّهِ خَرَجَ محمّدٌ علَيكُم ثُمّ ما تَرَكَ مِنكُم رجُلاً إلّا وقد وَضَعَ على‏ رأسِهِ التُّرابَ وانطلَقَ لِحاجَتِهِ ، فوَضَعَ كلُّ رجُلٍ مِنهُم يَدَهُ على‏ رأسِهِ فإذا علَيهِ التُّرابُ . ثُمّ جَعَلوا يَطَّلِعونَ فيَرَونَ عليّاً علَى الفِراشِ مُتَّشِحاً۳ بِبُردِ رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله ، فيَقولونَ : إنّ هذا لَمحمّدٌ نائمٌ عَلَيهِ بُردُهُ ، فلَم يَبرَحوا كذلكَ حتّى‏أصبَحوا، فقامَ عليٌّ مِن الفِراشِ فقالوا : واللَّهِ لَقَد صَدَقَنا الّذي كانَ حَدَّثنا بهِ .۴

۲۱۰۷۴.بحارالأنوار : أوردَ الغزاليُّ في كتابِ إحياء العلوم أنّ ليلةَ باتَ عليُّ بنُ أبي طالبٍ عليه السلام على‏ فِراشِ رسولِ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أوحَى اللَّهُ تعالى‏ إلى‏ جَبرئيلَ وميكائيلَ أنّي آخَيتُ بَينَكُما وجَعَلتُ عُمرَ أحَدِكُما أطوَلَ مِن عُمرِ الآخَرِ ، فأيُّكُما يُؤثِرُ صاحِبَهُ بحَياتِهِ ؟ فاختارَ كُلٌّ مِنهُما الحَياةَ وأحَبّاها ، فأوحَى اللَّهُ تعالى‏ إلَيهِما : أفَلا كُنتُما مِثلَ عليِّ بنِ أبي طالبٍ ، آخَيتُ بَينَهُ وبَينَ محمّدٍ ، فباتَ على‏ فِراشِهِ يَفديهِ بنَفسِهِ ويُؤثِرُهُ بالحَياةِ ، اهبِطا إلَى الأرضِ فاحفَظاهُ مِن عَدُوِّهِ ، فكانَ جَبرئيلُ عِندَ رأسِهِ ، ومِيكائيلُ عِندَ رِجلَيهِ ، وجَبرئيلُ عليه السلام يُنادي : بَخٍّ بَخٍّ ، مَن مِثلُكَ يابنَ أبي

1.الحفنة : مل‏ء الكفّين (كما في هامش المصدر).

2.يس : ۱ - ۹ .

3.التوشّح بالرداء : أن يدخل الثوب من تحت يده اليمني فيلقيه على منكبه الأيسر كما يفعل المُحرم (لسان العرب : ۲ / ۶۳۳) .

4.بحار الأنوار : ۱۹ / ۳۸ / ۶ .


ميزان الحکمه المجلّد التّاسع
238

وماتَ ، فزَوَّجَهُ النَّجاشيُّ إيّاها وأصدَقَ عَنهُ أربعَمِائةِ دينارٍ ، وكانَ الذي وَلِيَ تَزويجَها خالدُ بنُ سَعيدِ بنِ العاصِ ، وكتَبَ إلَيهِ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله أن يَبعَثَ إلَيهِ مَن بَقِيَ عِندَهُ مِن أصحابِهِ ويَحمِلَهُم ، ففَعَلَ وحَمَلَهُم في سَفينَتَينِ مَع عَمرِو بنِ اُميّةَ الضَّمريِّ ، فأرسَوا بِهِم إلى‏ ساحِلِ بولا وهُو الجارُ ، ثُمّ تَكاروا الظَّهرَ حتّى‏ قَدِموا المَدينَةَ فيَجدونَ رسولَ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله بِخَيبَرَ ، فشَخَصوا إلَيهِ فوَجَدوهُ قَد فَتَحَ خَيبَرَ ، فكلَّمَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله المُسلِمينَ أن يُدخِلوهُم في سُهمانِهِم ، ففَعَلوا .۱

3929 - الهِجرَةُ إلَى المَدينَةِ

الكتاب :

(وَاصْبِرْ عَلَى‏ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) .۲

(انظر) النساء : 97 ، 100 ، الأنفال : 72 - 75 ، التوبة : 38 ، 39 ، النحل : 41، 42، 110، العنكبوت : 56 ، 60، محمّد : 13.

الحديث :

۲۱۰۶۹.رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله : لا هِجرَةَ بَعدَ الفَتحِ .۳

۲۱۰۷۰.عنه صلى اللَّه عليه وآله : لا هِجرَةَ بَعدَ فَتحِ مَكّةَ .۴

۲۱۰۷۱.عنه صلى اللَّه عليه وآله : لا هِجرَةَ بَعدَ الفَتحِ ، ولكِنْ إنَّما هُو الإيمانُ والنِّيَّةُ والجِهادُ .۵

۲۱۰۷۲.عنه صلى اللَّه عليه وآله : لا هِجرَةَ بَعدَ الفَتحِ ، ولكِنْ جِهادٌ ونِيَّةٌ ، وإذا استُنفِرتُم فانفِروا .۶

۲۱۰۷۳.بحارالأنوار : كانَت الهِجرَةُ سَنَةَ أربَعَ عَشرَةَ مِن المَبعَثِ، وهِيَ سَنَةُ أربَعٍ وثَلاثينَ مِن مُلكِ كِسرى‏ پرويز ، سنةَ تِسعٍ لِهِرَقلَ‏۷ ، وأوّلُ هذهِ السَّنَةِ المُحرَّمُ . وكانَ رسولُ اللَّهِ صلى اللَّه عليه وآله مُقيماً بمَكّةَ لَم يَخرُجْ مِنها ، وقَد كانَ جَماعَةٌ خَرَجوا في ذي الحجّةِ ، وقالَ محمّدُ بنُ كعبِ القُرَظيّ‏۸ : اجتَمَعَ قُرَيشٌ على‏ بابِهِ وقالوا : إنّ محمّداً يَزعُمُ أ نَّكم إن

1.الطبقات الكبرى‏ : ۱ / ۲۰۷ .

2.المزّمّل : ۱۰ .

3.كنز العمّال : ۴۶۲۷۸ .

4.كنز العمّال : ۴۶۲۵۱ .

5.كنز العمّال : ۴۶۲۷۷ .

6.كنز العمّال : ۴۶۲۵۰.

7.هِرَقْل : من ملوك الروم، وهو أوّل من ضرب الدنانير ، وأوّل من أحدث البيعة (لسان العرب : ۱۱ / ۶۹۴) .

8.القُرَظيّ : بضم القاف وفتح الراء منسوب إلى‏ قُريظة ، والرجل هو محمّد بن كعب بن سليم بن أسد أبو حمزة القرظيّ المدنيّ ، كان من فضلاء المدينة ، نزل الكوفة مدّة ، ولد سنة أربعين وتوفّي بالمدينة سنة ۱۲۰ ، وقيل : قبل ذلك ، يروي عن ابن عبّاس وابن عمر وغيرهما (كما في هامش المصدر).

  • نام منبع :
    ميزان الحکمه المجلّد التّاسع
عدد المشاهدين : 145924
الصفحه من 643
طباعه  ارسل الي