131
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

تهمته فلا يجوز لك ، إذا كان عندك ممّن يستحقّ المشاورة ، ولا تدع شكره على ما بدا لك من إشخاص رأيه وحسن وجه مشورته ، فإذا واقفك حمدت اللّه ، وقبلت ذلك من أخيك بالشُّكر والإرصاد بالمكافأة في مثلها إن فزع إليك ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

41 . وأما حق المستنصح :

۰.فإنّ حقَّه أن تؤدّي إليه النصيحة على الحقّ الّذي ترى له أن يحمل ، وتخرج المخرج الّذي يلين على مسامعه ، وتكلّمه من الكلام بما يطيقه عقله ، فإنّ لكلّ عقل طبقة من الكلام يعرفه ويجتنبه ، وليكن مذهبك الرحمة ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

42 . وأمّا حقّ الناصح :

۰.فأن تلين له جناحك ثُمَّ تَشْرَئِبَّ ۱ له قلبك ، وتفتح له سمعك ، حتّى تفهم عنه نصيحته ، ثُمَّ تنظر فيها ، فإن كان وُفِّقَ فيها للصواب حمدت اللّه على ذلك ، وقبلت منه ، وعرفت له نصيحته ، وإن لم يكن وُفِّقَ لها فيها رحمته ولم تتّهمه ، وعلمت أنه لم يألك نصحا إلاّ أنّه أخطأ ، إلاّ أن يكون عندك مستحقا للتهمة ، فلا تعبأ بشيء من أمره على كلّ حال ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

ثُمَّ حق السن

43 . وأمّا حقّ الكبير :

۰.فإنّ حقَّه توقير سنّه ، وأجلال إسلامه ، إذا كان من أهل الفضل في الإسلام ، بتقديمه فيه ، وترك مقابلته عند الخصام ، ولا تسبقه إلى طريق ، ولا تؤُمَّه في طريق ، ولا تستجهله ، وإن جهل عليك تحمّلت ، وأكرمته بحقّ إسلامه مع سنّه ، فإنّما حقّ السنِّ بقدر الإسلام ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

44 . وأمّا حق الصغير :

۰.فرحمته وتثقيفه وتعلميه ، والعفو عنه ، والستر عليه ، والرِّفق به ، والمعونة له ،

1.«اشْرأبّ الرجل للشيء وإلى الشيء» : مدّ عنقه إليه.


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
130

دعوته ، وكنت خصم نفسك له ، والحاكم عليها ، والشاهد له بحقّه دون شهادة الشهود ، فإنّ ذلك حقّ اللّه عليك ، وإن كان ما يدّعيه باطلاً رَفقت به وروعته ۱ ، وناشدته بدينه ، وكسرت حِدَّته عنك بذكر اللّه ، وألقيت حَشْو الكلام ولَغْطه الّذي لا يردّ عنك عادية عدوّك ، بل تبوء ۲ بإثمه ، وبه يشحذ عليك سيف عداوته ؛ لأنّ لفظة السوء تبعث الشر ، والخير مقمعةٌ للشر ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

38 . وأمّا حقّ الخصم المُدَّعى عليه :

۰.فإن كان ما تدّعيه حقّا ، أجملت في مقاولته بمخرج الدَّعوى ، فإنّ للدّعوى غلظةً في سمع المُدَّعى عليه ، وقصدت قصد حجّتك بالرِّفق ، وأمهل المهلة ، وأبين البيان ، وألطف اللُّطف ، ولم تتشاغل عن حجّتك بمنازعته بالقيل والقال ، فتذهب عنك حجّتك ، ولا يكون لك في ذلك دركٌ ، ولا قوّة إلاّ باللّه .

ثُمَّ حقُّ المشاورة والنّصيحة

39 . وأمّا حقُّ المستشير :

۰.فإن حضرك له وجه رأي ، جهدت له في النصيحة ، وأشرت عليه بما تعلم ، أنّك لو كنت مكانه عملت به ، ليكن ذلك منك في رحمة ولين ، فإنّ اللّين يؤنس الوحشة ، وإنّ الغلظ يوحش موضع الأُنس ، وإن لم يحضرك له رأي ، وعرفت له من تثق برأْيه ، وترضى به لنفسك ، دللته عليه ، وأرشدته إليه ، فكنت لم تأله خيرا ، ولم تَدّخِرْه نُصحا ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه .

40 . وأمّا حقّ المُشير عليك :

۰.فلا تتّهمه فيما لا يُوافقك عليه من رأيه إذا أشار عليك ، فإنّما هي الآراء ، وَتَصرُّف الناس فيها واختلافهم ، فكن عليه في رأيه بالخيار إذا اتّهمت رأيه ، فأمّا

1.وفي بعض النسخ «وَرَوّعته» ، والصحيح ما أثبتناه .

2.اى تقرّ باثمه .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227347
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي