143
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

(كتابه عليه السلام)

(إلى عبد الملك بن مروان جوابا)

۰.وذلك أنّه لمّا تزوّج سَريّة كانت للحسن بن عليّ عليهماالسلام ، فبلغ ذلك إلى عبد الملك بن مروان ، فكتب إليه في ذلك كتابا : إنّك صرت بعل الإماء .
فكتب عليه السلام : إنّ اللّه رفع بالإسلام الخسيسة ، وأتمّ به الناقصة ، وأكرم به من اللُّؤم ، فلا لؤم على مسلم ، وإنّما اللُّؤم لؤم الجاهليّة ، إنّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنكح عبده ، ونكح أمته .
فلمّا انتهى الكتاب إلى عبد الملك ، قال لمن عنده : أخبروني عن رجل إذا أتى ما يضع الناس لم يزده إلاّ شرفا؟ قالوا : ذاك أمير المؤمنين . قال : لا واللّه ، ما هو ذاك! قالوا : ما نعرف إلاّ أمير المؤمنين . قال : فلا واللّه ، ما هو بأمير المؤمنين ، ولكنّه عليّ بن الحسين . ۱

(كتابه عليه السلام)

(إلى عبد الملك بن مروان أيضا جوابا)

۰.لما بلغ عبد الملك إنّ سيف رسول اللّه صلى الله عليه و آله عنده ، فبعث يستوهبه منه ، ويسأله الحاجة ، فأبى عليه السلام ، فكتب إليه عبد الملك يهدّده ، وإنّه يقطع رزقه من بيت المال .
فأجابه عليه السلام ، أمّا بعد : فإنّ اللّه ضمن للمتقين المخرج من حيث يكرهون ، والرزق من حيث لايحتسبون، وقال ـ جلّ ذكره ـ : «إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ».۲
فانظر أيّنا أولى بهذه الآية؟ ۳

1.الكافي ، ج۵ ، ص۳۴۶ ؛ عنه بحار الأنوار ، ج۴۶ ، ص۱۰۵ .

2.الحج : ۳۸ .

3.مناقب آل أبي طالب ، ابن شهرآشوب ، ج۳ ، ص۳۰۲ ؛ بحار الأنوار ، ج۴۶ ، ص۹۵.


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
142

48 . وحقّ من سرّك للّه تعالى أن تحمد اللّه عز و جل أوّلاً ، ثُمَّ تشكره .
49 . وحقّ من ساءك ، أن تعفو عنه ، وإن علمت أن العفو عنه يضرّه انتصرت ، قال اللّه ـ تبارك وتعالى ـ : « وَ لَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُـلْمِهِى فَأُوْلَـلـءِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ » .۱
50 . وحقّ أهل ملّتك إضمار السلامة لهم ، والرحمة بهم ، والرفق بمسيئهم ، وتألّفهم واستصلاحهم ، وشكر محسنهم ، وكفّ الأذى عنهم ، وإن تحبّ لهم ما تحبّ لنفسك ، وتكره لهم ما تكره لنفسك ، وأن تكون شيوخهم بمنزلة أبيك ، وشبابهم بمنزلة أُخوتك ، وعجائزهم بمنزلة اُمّك ، فالصغار بمنزلة أولادك .
51 . وأمّا حقّ أهل الذمة أن تقبل منهم ما قبل اللّه عز و جل منهم ، ولا تظلمهم ما وفوا للّه عز و جل بعهده ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه ، والحمد للّه ربّ العالمين ، وصلاته على خير خلقه محمّد وآله أجمعين وسلّم تسليما . ۲

الخاتمة

فهذه خمسون حقا محيطا بك ، لا تخرج منها في حال من الأحوال ، يجب عليك رعايتها والعمل في تأديتها ، والاستعانة باللّه ـ جلّ ثناؤه ـ على ذلك ، ولا حول ولا قوّة إلاّ باللّه ، والحمد للّه ربّ العالمين . ۳

1.الشورى : ۴۱ .

2.الخصال ، الصدوق ، ص ۵۶۴ ، ح ۲ ؛ كتاب من لا يحضره الفقيه ، ج ۲ ، ص ۶۷ ؛ مكارم الأخلاق ، الطبرسي ، ص ۴۵۵ . ويقول الشيخ النوري رحمه الله في مستدرك الوسائل ، ج ۱۱ ، ص ۱۶۹ : إنّ هذا الخبر الشريف المعروف بحديث الحقوق مروي في رسائل الكليني على النحو المعروف في التحف ، لا على المعروف الموجود في الفقيه والخصال ، والظّاهر لكلّ من له اُنس بالأحاديث ، أنّ الثاني مختصر من الأوّل ، واحتمال أنّه عليه السلام ذكر هذه الحقوق ـ بهذا الترتيب ـ مرّة مختصرة لبعضهم ، وأُخرى بهذه الزيادات لآخر في غاية البعد ، ويظهر من بعض المواضع أنّ الصدوق رحمه اللهكان يختصر الخبر الطويل ، ويسقط منه ما أدّى نظره لاسقاطه .

3.تحف العقول ، ابن شعبة ، ص ۲۲۵ (ط طهران) ؛ وعنه أعيان الشيعة ، ج ۴ ، ص ۵۰۱ .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227309
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي