237
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

بعيرٍ يَظْلع ۱ بغير وطآء ، ورأس أبي الحسين عليه السلامعلى عَلَمٍ ، ونسوتنا خلفي على بغالٍ مُؤكَفة ۲ ، والفارطة ۳ خلفنا وحولنا بالرماح، إن دمعت من أحدنا عين قُرع رأسه بالرمح، حتّى إذا دخلنا دمشق ،صاح صائح: «يا أهل الشام ،هؤلاء سبايا أهل البيت الملعون» ۴ . ۵

۳۳۱.وقال له جابر بن عبداللّه الأنصاريـ لمّا دخل عليه ، ووجده في محرابه قد أنضته۶العبادة ـ: يابن رسول اللّه ، أما علمت أنّ اللّه إنّما خلق الجنّة لكم ولمن أحبّكم ، وخلق النار لمن أبغضكم وعاداكم ، فما هذا الجهد الّذي كلفته نفسك؟
فقال علي بن الحسين عليهماالسلام : ياصاحب رسول اللّه ، أما علمت أنّ جدّي رسول اللّه صلى الله عليه و آلهقد غفر اللّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر ، فلم يدع الاجتهاد له ، وتعبّد بأبي هو واُمّي حتّى انتفخ الساق وورم القدم . وقيل له : اتفعل هذا ، وقد غفر اللّه لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا .
فلمّا نظر جابر إلى علي بن الحسين عليهماالسلام ، وليس يُغني فيه من قول من يستمليه من الجهد والتعب إلى القصد ، قال :
يابن رسول اللّه ، البُقيا ۷ على نفسك ، فإنك من اُسرة بهم يُستدفع البلاء ويُستكشف اللاَّْواء ۸ ، وبهم يُستمطر السماء ۹ .
فقال : ياجابر ، لا أزال على منهاج أبَوَيّ ، متأسيّا بهما ـ صلوات اللّه عليهما ـ

1.في البحار : «يطلع» ، وفي نسخة : «يطبع» .

2.في الاقبال : «أكف» وفي العوالم «فأكف» أي أميل وأشرف على السقوط .

3.«الفارطة» : الجلاوزة .

4.ردا على اللّه وجرأةٌ عليه ، إذ يقول في سورة الأحزاب : « إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا » .

5.إقبال الأعمال ، ج ۳ ، ص ۸۹ ؛ العوالم ، الإمام الحسين عليه السلام ، ص ۴۱۳ ؛ بحار الأنوار ، ج ۴۵ ، ص ۱۵۴.

6.«الإنضاء» : الإبلاء ، ورجل أنضته العبادة : أبلته وأهزلته .

7.«البُقيا» : الاسم من أبقيت عليه إبقاءً ، إذا رحمته وأشفقت عليه .

8.«اللاّواء» : الشدة والمحنة .

9.وفي نسخة : «تستمسك السماء» .


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
236

اليهود في عزير ، وما قالت النّصارى في عيسى ، فلا هم منّا ولا نحن منهم . ۱

۳۲۷.وقال عليه السلام :نحن الفلك الجارية في اللّجج الغامرة ، يأمن من ركبها ، ويغرق من تركها ، وإنّ اللّه ـ تبارك وتعالى ـ أخذ ميثاق مَن يحبّنا ، وهم في أصلاب آبائهم ، فلا يقدرون على ترك ولايتنا ؛ لأنّ اللّه عز و جل جعل جبلَّتهم على ذلك . ۲

۳۲۸.وقال عليه السلام :إنّ اللّه تعالى وكّل بالأسعار مَلكا يُدبّرها ، فلن يغلو من قلّة ، ولن يرخص من كثرة . ۳

۳۲۹.وقال عليه السلام ـ لما ذُكرت التقيّة عنده ـ :واللّه ، لو علم أبوذر ما في قلب سلمان لقتله ، ولقد آخى رسول اللّه صلى الله عليه و آله بينهما ، فما ظنّكم بسائر الخلق ، إنّ علم العلماء صعبٌ مستصعبٌ لا يحتمله إلاّ نبيٌّ مرسل ، أو ملكٌ مقرّب ، أو عبدٌ مؤمن امتحن اللّه قلبه للإيمان .
فقال : وإنّما صار سلمان من العلماء ؛ لأنّه امرؤٌ منّا أهل البيت ، فلذلك نسبته ۴ إلى العلماء ۵ . ۶

۳۳۰.وسأله ابنه الإمام محمّد الباقر عليه السلام عن حَمْل يزيد له فقال عليه السلام :حملني على

1.اختيار معرفة الرجال ، ج ۱ ، ص ۳۳۶ ؛ عنه بحار الأنوار ، ج ۲۵ ، ص ۲۸۸.

2.ينابيع المودة ، ج ۱ ، ص ۷۶ ، و ج ۳ ، ص ۳۵۹.

3.الكافي ، ج ۵ ، ص ۱۶۲ ، عن أبي عبد اللّه عليه السلام .

4.في الاقبال : «أكف» وفي العوالم «فأكف» أميل وأشرف على السقوط .

5.هذا الحديث من مشكلات الأخبار ، وقد أوضح «السيّد شبّر» فَقَراتِه في مصابيح الأنوار ، ج ۱ ، ص ۴۳۸ (ط نجف) ، وشرحه المجلسي في مرآة العقول ، ج ۱ ، ص ۳۰۰ ، فقال : وقوله عليه السلام : «لَقَتَلَه» يحتمل وجوها ، ذكرها السيد في الغرر والدرر ، وأقربها : إنّ الضمير المرفوع عائد إلى العلم الّذي في قلب سلمان ، والضمير المنصوب عائد إلى أبي ذر ، والمعنى : إنّ أبا ذر لا يحتمل كل ذلك العلم ، فلو علمه لقتله ـ ثُمَّ يقول ـ : ويؤيّده الحديثان الآتيان ، ألا ترى أنّ بعضهم جُنّ وذهب عقله بسبب حديث واحد ، وبعضهم شابَ رأسه ولحيته لأجل ذلك ، ولو لم ينس الحديث لمات ، وقتله علمه . وفي حديث النبي صلى الله عليه و آله له : لو عُرض علمك على مقداد لكفر .

6.بصائر الدرجات ، عنه عن أبيه ؛ الكافي ، ج ۱ ، ص ۴۰۱ ؛ مختصر بصائر الدرجات ، ص ۱۲۴ ؛ بحار الأنوار ، ج ۲ ، ص ۱۹۰.

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227405
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي