35
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

(ومن كلام له عليه السلام)

(في الموعظة أيضا)

۰.قال : إنّ بين الليل والنهار روضة يرتع في نَوْرِها ۱ الأبرار ۲ ، ويتنعّم في حدائقها المتقون ، فَدأبوا ۳ سَهرا في الليل ، وصياما في النهار ، فعليكم بتلاوة القرآن في صدره ، وبالتضرع والاستغفار في آخره ، وإذا ورد النهار فاحسنوا مصاحبته بفعل الخيرات ، وترك المنكرات ، وترك ما يُرديكم من محقّرات الذنوب ، فإنّها مشرفة بكم على قبائح العيوب ، وكأنّ الموت قد دهمكم ۴ والساعة قد غشيتكم ، فإنّ الحادي قد حدا بكم يَحدِى ، لا يلوي دون غايتكم ۵ ، فاحذروا ندامة التفريط ، حيث لا ينفع الندامة إذا زلّت الأقدام ۶ . ۷

(ومن كلام له عليه السلام)

(في أوصاف الزّاهدين)

۰.إنّ علامة الزاهدين في الدنيا ، الراغبين في الآخرة ، تركهم كلّ خليط وخليل ، ورفضهم كلّ صاحب ، لا يريد ما يريدون ، ألا وإنّ العامل لثواب الآخرة هو الزاهد في عاجل زهرة الدنيا ، الآخذ للموت اُهبّته ، الحاثّ على العمل قبل فناء الأجل ،

1.«النَّوْر» ـ بفتح النون ـ : أوّل ما يطلع من الأزهار ، والروضة ما بين الطلوعين.

2.في بعض النسخ : «يرتعي في رياضها» .

3.في بعض النسخ : «فذابوا» .

4.في بعض النسخ زيادة : «وكأن الرحلة قد أضلّتكم» .

5.الحادى من يتغنى للابل ، وهنا مُستعارٌ للزمان .

6.في نسخة زيادة : «جعلنا اللّه وإيّاكم ممّن أغبطه فهمه ، ونفعه علمه» .

7.إرشاد القلوب ، ج ۱ ص ۷۰ تحقيق الشعرانى قدس سره ؛ الدرّ النظيم ، الباب السادس ، فصل في ذكر نبذ من كلامه ، (مخطوط) ؛ عنه الأنوار البهية ، ص۱۱۷ . ولا يلوى دون غايتكم ، يعنى ان الزّمان يسوقكم إلى الموت ، ولا يترككم إلى ان يوصلكم إلى غايتكم .


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
34

تقلّبني أيدي أحبّتي ، وارحمني مطروحا على المغتسل ، يغسّلني صالح جيرتي ، وارحمني محمولاً قد تناول الأقرباء أطراف جنازتي ، وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي وغربتي ووحدتي .
قال طاووس ۱ : فبكيت حتّى علا نحيبي ، فالتفت إليَّ وقال : ما يبكيك يا يمانيّ ؟ أَ و ليس هذا مقام المذنبين؟ فقلت : حبيبي ، حقيقٌ على اللّه أن لا يُردّك وجدّك محمّد صلى الله عليه و آله .
قال: فبينا نحن كذلك ، إذ أقبل نفر من أصحابه ، فالتفت إليهم فقال: معاشر أصحابي ، أوصيكم بالآخرة ، ولستُ أوصيكم بالدنيا ، فإنّكم بها مستوصون ، وعليها حريصون، وبها مستمسكون ، معاشر أصحابي! إنّ الدنيا دار ممرّ ، والآخرة دار مقرّ ، فخذوا من ممرّكم لمقرّكم ، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا يخفى عليه أسراركم ، واخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم ، أما رأيتم وسمعتم ما استدرج به من كان قبلكم من الاُمم السالفة والقرون الماضية ، ألم تروا كيف فضح مستورهم ، وأمطر مواطر الهوان عليهم بتبديل سرورهم بعد خفض عيشهم ، ولين رفاهيّتهم ، صاروا حصائد النقم ، وَمَدارج المَثُلات ۲ ، أقول قولي هذا ، وأستغفر اللّه لي ولكم . ۳

1.طاووس بن كيسان ، أبو عبد الرحمن الهمداني اليماني ، أحد أعلام التابعين ، سمع أبا هريرة وابن عبّاس ، وروى عنه مجاهد ، وعمرو بن دينار ، توفي سنة ۱۰۶ق . وعدّه الشيخ في رجاله من أصحاب الإمام السجاد عليه السلام . وفي قاموس الرجال ، التستري ، ج۵ ، ص ۱۵۶ : روى الحلية مسندا عنه ، عن بريدة ، عن النبيّ صلى الله عليه و آله قال : مَن كنتُ مولاه ، فعليٌّ مولاه . قال ابن قتيبة والطبري : طاووس شيعي ، وقد عرفت في المقدمة ، أنّه أعم من الإمامي ، وإنّما المساوق للإمامي عندهم الرافضي والشيعي الغالي .

2.«المثلة» ـ بفتح وضمّ ـ : العقوبة والتنكيل ، جمع مثلات .

3.الأمالي ، الصدوق ، ص۲۸۸ ؛ روضة الواعظين ، ص۱۹۸ ؛ المزار ، الشهيد ، ص۲۶۷ ؛ مستدرك الوسائل ، ج۳ ، ص۴۴۲ ؛ رواه عن الأمالي في بحار الأنوار ، ج۷۷۸ ، ص۱۴۶ .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 231177
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي