53
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

(ومن دعائه عليه السلام)

(في الاعتراف وطلب التوبة إلى اللّه تعالى)

۰.اللّهمّ إنّه يحجبني عن مسألتك خِلالٌ ثلاث ، وتحدوني عليها خَلّةٌ واحدة ، يحجبني أمرٌ أمرت به فأبطات عنه ، ونهيٌ نهيتني عنه فأسرعت إليه ، ونعمة أنعمت بها عليَّ فقصّرتُ في شكرها، ويحدوني على مسألتك ، تفضلّك على من أقبل بوجهه إليك ، وَوَفَد بحسن ظنّه إليك ، إذ جميعُ إحسانك عليَّ تفضّل ، وإذ كلُ نِعَمِكَ ابتداء .
فهأنذا يا إلهي واقف بباب عِزّك وقوف المُستسلم الذليل ، وسائلك على الحياء منّي سؤال البائس المُعيل ، مُقرٌّ لك بإنّي لم أستسلم وقت إحسانك إلاّ بالإقلاع عن عصيانك ، ولم أخلُ في الحالات كلّها من امتنانك ، فهل ينفعني يا إلهي إقراري عندك بسوء ما اكتسبتُ؟ وهل يُنجيني منك اعترافي لك بقبيح ما ارتكبتُ؟ أم أوجبت لي في مقامي هذا سخطك ، أم لَزمَني في وقت دُعائي مَقْتُك ، سُبحانك لا أيئسُ منك ، وقد فتحت لي باب التوبة إليك ، بل أقول مقال العبد الذليل الظالم لنفسه ، المستخف بحرمة ربّه ، الّذي عظمت ذنوبه فجلّتْ ، وَأدْبرتْ أيّامُه فولّت ، حتّى إذا رأى مدّة العمل قد انقضت ، وَغايَةَ العمر قد انتهت ، وَأيْقنَ إنّه لا محيص له منك ، ولا مهرب له عنك ، تلقّاك بالإنابة ، وأخلص لك التوبة ، فقام إليكَ بقلبٍ طاهِرٍ نقيٍّ ، ثُمَّ دعاك بصوتٍ حائلٍ خَفِيٍّ ، قد تطأطأ لَكَ فانحنى ، ونكّس رأسه فانثنى ، قد أرعشت خشيتُه رجليه ، وغرّقتْ دموعه خدّيه ، يدعوك يا أرحم الراحمين ، ويا أرحم مَن انتابه المسترحمون ، ويا أعطف من أطافَ به المستغفرون ، ويا من عفوُه أكثر من نِقْمَته ، ويا من رضاه أوفرُ من سخطِه ، ويا من تحمّدَ إلى خلقه بحسن التجاوز ، ويا من عوّد عِبادَه قبول الإنابة ، ويا من استصلح فاسدهم بالتوبة ، ويا من رَضا من فعلهم باليسير ، ويا من كافى


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
52

حَتما ، وارضِ عنهما بشفاعَتي لهما رضىً عَزما ، وَبَلِّغهُما بالكرامة مواطن السّلامة.
اللّهمّ وإن سَبَقت مغفرتُكَ لهُما ، فَشَفِّعهُما فِيَّ ، وإن سَبَقَت مغفرتك لي ، فَشفِّعني فيهما حتّى نجتمع برأفتك في دار كرامتك ، ومَحَلِّ مغفرتك ورحمتك ، إنّك ذو الفضل العظيم والمنّ القديم ، وأنت أرحم الراحمين ۱ . ۲

(ومن دعائه عليه السلام)

(لمّا تهيّأ إلى الصّلاة ووثب قائما)

۰.يا مَن جاز كلّ شيءٍ ملكوتا ، وقهر كلّ شيءٍ جبروتا ، أوْلجْ قلبي فرح الإقبال عليك ، وألحقني بميدان المطيعين لك .
يا من قصده الضالّون ۳ فأصابوه مرشدا ، وَأمَهُ الخائفون فوجدوه مَعْقلاً ۴ ، وَلجأ إليه العابدون فوجدوه موئلاً ۵ ، متى راحة مَن نَصَبَ لغيرك بدنه ، ومتى فرح من قصد سواك بنيّته .
إلهي ، قد انقشع الظلام ولم أقضِ خدمتك وَطَرا ، ولا من حياض مناجاتك صدرا ، صلِّ على محمّد وآله ، وافعل بي أولى الأمرين بك ، يا أرحم الراحمين . ۶

1.في مفاهيم انسانيّة للعلاّمة البحّاثة مُغنيّة قال : أهديت نسخا من الصحيفة السجّادية إلى شيوخ مصر و فلسطين و لبنان ، ثُمَّ أهديت إلى الاُسقُف الماروني بولس معوشي ، و بعد أيّام تشكّر منّي الأسقف من هذه الهدية الثمينة ، و سئلت منه : حضرت الأسقف أيّ شيء جلب نظرك من هذه الصحيفة؟ أجاب : دعاء الإمام لأبويه ، لمّا قرأته أثّر فيّ عميقا ، ولهذا التأثر في ذهني أشكرك .

2.الصحيفة السجادية ، دعاء ۲۵ و ۶۳ .

3.في بعض المصادر : «الطالبون» .

4.في بعض المصادر : «متفضلاً» .

5.في بعض المصادر : «نوالاً» .

6.الصحيفة السجادية الجامعة ، دعاء۸۴ ؛فتح الأبواب ، ص۴۶ ؛ مناقب آل أبي طالب ، ابن شهرآشوب ، ج۴ ، ص۱۴۲ ؛ الخرائج والجرائح ، ج۱ ، ص۲۶۶ ؛ بحار الأنوار ، ج۴۶ ، ص۷۷ .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 227370
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي