93
بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)

الأسى ، وقد حرمت علينا جديد العرى ، فإن تسأل فها أنا كما ترى ، قد شمتت فينا الأعداء ، ونترقّب الموت صباحا ومساءً . ثُمَّ قال عليه السلام : قد أصبحت العرب تفتخر على العجم بأنّ محمّد ا صلى الله عليه و آله منهم ، وأصبحت قريش تفتخر على سائر الناس ، بأنّ محمّدا صلى الله عليه و آلهمنهم ، ونحن أهل بيته أصبحنا مقتولين مظلومين! قد حللت بنا الرزايا ، نُساق سبايا ، ونُجلب هدايا! كأنّ حَسَبنا من أسقط الحَسَب! ونسبنا من أرذل النَسب! كأن لم نكن على هام المجد رقينا ، وعلى بساط جليل سعينا ، وأصبح المُلك ليزيد ـ لعنه اللّه ـ وجنوده ، وأصبحت بنو المصطفى صلى الله عليه و آله ، من أدنى عبيده . ۱

(ومن خطبة له عليه السلام)

(في الإحتجاج على أهل الكوفة ، وفيها بيان غدرهم)

۰.قال حذيم ۲ بن شريك الأسدي : خرج زين العابدين عليه السلامإلى الناس ، وأومئ إليهم أن اسكتوا فسكتوا ـ وهو قائم ـ ، فحمد اللّه وأثنى عليه ، وصلّى على نبيه ، ثُمَّ قال :
أيها الناس ، مَن عرفني فقد عرفني ، ومَن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين ، المذبوح بشط الفرات من غير ذُحلٍ ۳ ولا تِراتٍ ، أنا ابن مَن أُنتهك حريمه ، وسُلب نعيمه ، وانتُهب ماله ، وسُبي عياله ، أنا ابن مَن قُتل صبرا ۴ ، وكفى بذلك فخرا . أيها الناس ، ناشدتكم باللّه هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه! وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة! وقاتلتموه وخذلتموه ، فتبا لكم ما قدمتم لأنفسكم ، وسوأةً لرأيكم ، بأية عين تنظرون إلى رسول اللّه صلى الله عليه و آله إذ يقول لكم : قتلتم عترتي ، وانتهكتم حرمتي ، فلستم من أُمتي ؟!

1.مقتل الحسين ، أبو مخنف ، ص ۲۱۷ .

2.في نسخةٍ : «حذام» .

3.«الذُّحْل» : الثّار ، و«التِّرات» ـ جمع ترة ، وهي أيضا ـ : الثّار .

4.«قتلته صبراً» : وكل ذي روح يُوثق حتّى يُقتل ، فقد قُتل صبرا . كما في المصباح المنير للفيّومى .


بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
92

(ومن كلام له عليه السلام)

(كان يقوله في أسر بني أمية له )

۰.أيّها النّاس ، إن كلّ صَمت ليس فيه فكر فهو عَيٌّ ، وكلّ كلام ليس فيه ذكر فهو هباء ، ألا وإنّ اللّه تعالى أكرم ۱ أقواما بآبائهم ، فحفظ الأبناء بالآباء لقوله تعالى : « وَ كَانَ أَبُوهُمَا صَــلِحًا »۲ فأكرمهما ، ونحن واللّه عترة رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، فاكرمونا ۳ لأجل رسول اللّه ؛ لأنّ جدّي رسول اللّه كان يقول في مِنبره : «احفظوني في عترتي ، وأهل بيتي ، فمَن حفظني حفظه اللّه ، ومَن آذاني فعليه لعنة اللّه . ألا لعنة اللّه على من آذاني فيهم» . حتّى قالها ثلاث مرّات .
ونحن واللّه أهل بيت أذهب اللّه عنّا الرجس ، والفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ونحن واللّه أهل بيت اختار اللّه لنا الآخرة ، وزَوى عنّا الدنيا ولذّاتها ، ولم يُمتّعنا بلذّاتها . ۴

(ومن كلام له عليه السلام)

(في بيان ما جرى عليه وعلى بقيّة العترة من المصائب والهوان)

(بعد ما قال له منهال : كيف أصبحت يا بن رسول اللّه ؟)

۰.فقال عليه السلام : كيف حال مَن أصبح وقد قُتل أبوه ، وقلّ ناصره ؟ وينظر إلى حرم من حوله اُسارى ، قد فقدوا الستر والغطاء ، وقد أعدموا الكافل والحمى ، فما تراني إلاّ أسيرا ذليلاً ، قد عدمت الناصر والكفيل ، قد كُسيت أنا وأهل بيتي ثياب

1.في بعض المصادر «ذكر» بدل «أكرم» .

2.الكهف : ۸۲ .

3.في بعض المصادر : «فاحفظونا» .

4.منتخب الطريحي ، ص ۲۳۶ .

  • نام منبع :
    بلاغة الامام علي بن الحسين (ع)
    المساعدون :
    الحائری، جعفر عباس
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1425 ق / 1383 ش
    الطبعة :
    الاولي
عدد المشاهدين : 231167
الصفحه من 336
طباعه  ارسل الي