دور الشعر في تعليم الطفل وتربيته - الصفحه 1

دور الشعر في تعليم الطفل وتربيته

يدلّ تأكيد الإمام عليّ عليه السلام على تعليم شعر والده أبي طالب للأبناء وتوصية الإمام الصادق عليه السلام بتعليمهم شعر العبدي ، على أنّ للشعر ـ من وجهة نظر أهل البيت عليهم السلام ـ دورا أساسيا وساميا ليس في نطاق الثقافة والأدب فحسب ، بل وفي مجال التعليم والتربية أيضا ، خاصّة تربية الجيل الجديد ، واستنادا إلى هذا التوجيه، فإنّ من الواجب على الاُدباء والشعراء الملتزمين والمسلمين أن يخصصوا لشعر الأطفال فصلاً خاصّا في دواوينهم الشعرية .
وممّا لا شكّ فيه أنّ نظم الشعر للأطفال وخاصّة الشعر المفيد والبنّاء الّذي بإمكانه أن يعرض المفاهيم العقائدية والأخلاقية والاجتماعية السامية بشكل مبسّط وسلس وجذاب ومتناسب مع ذهنية الطفل، هو عمل يتطلّب جهودا كبيرة ولا يمكن لأي شاعر القيام به .
والملاحظة المهمّة الّتي وردت الإشارة إليها في الروايتين السابقتين ، أنّ الشعر التربوي فضلاً عن أنّه يجب أن يكون في مستوى ممتاز ومقبول من الناحية الأدبية ، ومن أجل أن يستطيع الجيل الجديد الانتفاع منه تربويا إلى الحدّ الأقصى ، ينبغي أن يشتمل على العناصر التالية :
أوّلاً : أن يتمتّع ناظم الشعر بالالتزام الدِّيني ، فقد ورد التأكيد خلال التوصية بتعليم الأبناء شعر أبي طالب والعبدي ، على التزامهما الدِّيني .
ثانيا : أن يتضمّن الشعر المعلومات الّتي يحتاجها الطفل في المجالات العقيدية الأخلاقية والعمليّة ، فنحن نلاحظ أن الإمام عليّا عليه السلام إنّما يؤكّد على تعليم شعر أبي طالب؛ لأنّه يتضمّن علما غزيرا ، فضلاً عن الالتزام الدِّيني للشاعر .
ثالثا : نظرا إلى الدور المصيري للتعرّف على أهل البيت عليهم السلاموالإنس بهم ـ بالنسبة إلى الطفل ـ فإنّ من المناسب أن تتضمّن الأشعار والأناشيد معرفتهم ومحبّتهم . والهدف من تأكيد الإمام الصادق عليه السلام على تعليم الأولاد أشعار العبدي ، هو أنّ أشعاره تزخر بالمعارف المتعلّقة بأهل بيت الرسالة ، وفيما يلي نشير على سبيل المثال إلى بضعة أبيات من قصيدته الطويلة والجميلة . ۱
هل في سؤالك رسم المنزل الخرببرء لقلبك من داء الهوى الوصب؟!
أم حره يوم وشكّ البين يبردهما استحدثته النوى من دمعك السرب
يا راكبا جسرة تطوي مناسمهاملاءة البيد بالتقريب والجنب
بلغ سلامي قبرا بالغري حوىأوفى البرية من عجم ومن عرب
واجعل شعارك اللّه الخشوع بهوناد خير وصي صنو خير نبي
وكان عنها لهم في «خم» مزدجرلما رقى أحمد الهادي على قتب
وقال والناس من دان إليه ومنثاوٍ لديه ومن مصغ ومرتقب
قم يا علي فإنّي قد أمرت بأنأبلغ الناس والتبليغ أجدر بي
إنّي نصبت عليا هاديا علمابعدي وإن عليا خير منتصب
وزوج بضعته الزهراء يكنفهادون الورى وأبو أبنائه النجب
من كلّ مجتهد في اللّه معتضدباللّه معتقد للّه محتسب
هادين للرشد إنّ ليل الضلال دجاكانوا لطارقهم أهدى من الشُّهب
صلاة ذي العرش تترى كلّ آونةعلى ابن فاطمة الكشاف للكرب
وابنيه من هالك بالسم مخترمومن معفر خد في الثرى ترب
والعابد الزاهد السجاد يتبعهوباقر العلم داني غاية الطلب
وجعفر وابنه موسى ويتبعه البرالرضا والجواد العابد الدئب
والعسكريين والمهدي قائمهمذو الأمر لابس أثواب الهدى القشب
من يملأ الأرض عدلاً بعد ما ملأتجورا ويقمع أهل الزيغ والشغب
يا صاحب الكوثر الرقراق زاخرهذُد النواصب عن سلساله العذب
قارعت منهم كماة في هواك بماجردت من خاطر أو مقول ذرب
حتّى لقد وسمت كلما جباههمخواطري بمضاء الشعر والخطب
صحبت حبّك والتقوى وقد كثرتلي الصحاب فكانا خير مصطحب
فاستجل من خاطر العبدي آنسةطابت ولو جاوزتك اليوم لم تطب
جاءت تمايل في ثوبي حيا وهدىإليك حالية بالفضل والأدب
أتعبت نفسي في مدحيك عارفةبأنّ راحتها في ذلك التعب

1.للاطلاع على النصّ الكامل لأشعاره راجع الغدير : ج ۲ ص ۲۹۰ .

الصفحه من 3