295
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1

الفرضيّة الثانية : إيكال المستقبل إلى الاُمّة

وهي أن نؤمن بأنّ النبيّ صلى الله عليه و آله لم يعيّن للاُمّة قائد المستقبل ، بل عهد قيادة الرسالة والقيمومة عليها إلى الاُمّة ، لكي يحدّد الجيل الطليعي من المهاجرين والأنصار طبيعة هذا المستقبل على أساس نظام الشورى .
والسؤال : هل يمكن الإقرار بهذا التصوّر ؟ وإلى أيّ مدى يتطابق مع الحقيقة ؟
هناك عدد من النقاط التي تحفّ هذه الفرضية الغريبة ، يمكن الإشارة لها كما يلي :
أ : لو كان النبيّ صلى الله عليه و آله قد اتّخذ من مستقبل الاُمّة والرسالة مثل هذا الموقف ، لكان حريّاً به أن يقوم بعمليّة توعية للاُمّة بطبيعة نظام الشورى وحدوده ومكوّناته وضوابطه ، والسبيل إلى تطبيقه وكلّ ما يمتّ إلى الموضوع بصلة ، بالأخصّ وإنّ ما يزيد في أهمّية هذه العمليّة أنّ المجتمع لم يكن قد عرف ـ حتى ذلك الوقت ـ نظام الشورى ، ولم تكن قد تمّت تجربته في بنية الحكم وهيكليّته ، فهل من المنطقي أن نزعم أنّ النبيّ القائد صلى الله عليه و آله أحال الاُمّة في خيارها المستقبلي ، وطبيعة القيادة التي تنتظرها ، إلى اُسلوب غائم غير واضح ، وغير محدّد المعالم والتفاصيل !
على أنّ الذي يدحض هذا التصوّر ويستبعده تماماً هو موقف التيّار الذي طالب بالخلافة ، ثمّ تبوّأ مقعدها ؛ فكلّ الأرقام والشواهد في حياة هؤلاء تدلّ بصورة لا تقبل الشكّ أنّ أيّ واحد من هؤلاء لم يستند إلى الشورى كميراث نبوي ، ولم


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
294

أ وَيجوز أن يخامرنا مثل هذا التصوّر الذي يفترض السلبيّة واللامبالاة ، وقد بلغ من تفاني رسول اللّه صلى الله عليه و آله وتضحيته من أجل الرسالة أ نّه لم يترك تدبير أمرها إلى آخر لحظة من حياته ، حيث كان ينادي بتجهيز جيش اُسامة ويحثّ عليه وهو على فراش الموت وقد ثقل عليه المرض ؟ !
أ وَلا تكفينا رزيّة «يوم الخميس» وقد طلب رسول اللّه صلى الله عليه و آله في آخر لحظات حياته أن يأتوه بدواة وقلم كي يكتب للاُمّة كتاباً لن تضلّ بعده أبداً ، لنكفّ عن هذا التصوّر الواهي ، ونعدّ ما يُزعم من سكوته عن مستقبل الاُمّة جرأة على رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، ودعوى واهية لا تليق بمقام هذا العظيم ، وحريّ بنا أن ننزّه ساحته عنها وعن أمثالها ؟ !
على ضوء ذلك كلّه ، ليس من الممكن افتراض الموقف السلبي بحال من الأحوال . وهكذا تسقط الفرضيّة الاُولى .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج1
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 156953
الصفحه من 664
طباعه  ارسل الي