215
موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2

۱۲۱۱.الإمامة والسياسة :خَرَجَ عُثمانُ فَصَعِدَ المِنبَرَ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ أيُّهَا النّاسُ ، إنَّ نَصيحَتي كَذَّبَتني ، ونَفسي مَنَّتني ، وقَد سَمِعتُ رَسولَ اللّهِ يَقولُ : لا تَتَمادَوا فِي الباطِلِ ؛ فَإِنَّ الباطِلَ يَزدادُ مِنَ اللّهِ بُعدا ، مَن أساءَ فَليَتُب ، ومَن أخطَأَ فَليَتُب ، وأنَا أوَّلُ مَنِ اتَّعَظَ ، وَاللّهِ لَئِن رَدَّنِي الحَقُّ عَبدا لَأَنتَسَبَنَّ نَسَبَ العَبيدِ ، ولَأَكونَنَّ كَالمَرقوقِ الَّذي إن مُلِكَ صَبَرَ ، وإن اُعتِقَ شَكَرَ ، ثُمَّ نَزَلَ ، فَدَخَلَ عَلى زَوجَتِهِ نائِلَةَ بِنتِ الفَرافِصَةِ ، ودَخَلَ مَعَهُ مَروانُ بنُ الحَكَمِ ، فَقالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ، أتَكَلَّمُ أو أسكُتُ ؟ فَقالَت لَهُ نائِلَةُ : بَلِ اسكُت ! فَوَاللّهِ لَئِن تَكَلَّمتَ لَتغرّنَّهُ ولَتوبقَنَّهُ . فَالتَفَتَ إلَيها عُثمانُ مُغضَبا ، فَقالَ : اُسكُتي ، تَكَلَّم يا مَروانُ . فَقالَ مَروانُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ ! وَاللّهِ لَو قُلتَ الَّذي قُلتَ وأنتَ في عِزٍّ ومنعة لَتابَعتُكَ ، ولكِنَّكَ قُلتَ الَّذي قُلتَ وقَد بَلَغَ السُّيلُ الزُّبى ، وجاوَزَ الحزامُ الطُّبيَينِ ، فَانقُضِ التَّوبَةَ ولا تُقِرَّ بِالخَطيئَةِ ۱ .

5 / 10

نَقضُ التَّوبَةِ وَالمُعاهَدَةِ

۱۲۱۲.تاريخ الطبري عن عليّ بن عمر عن أبيهـ في ذِكرِ عُثمانَ بَعدَ أن خَطَبَ الخُطبَةَ الَّتي أعلَنَ فيها تَوبَتَهُ ـ: فَلَمّا نَزَلَ عُثمانُ وَجَدَ في مَنزِلِهِ مَروانَ وسَعيدا ونَفَرا مِن بَني اُمَيَّةَ ، ولَم يَكونوا شَهِدُوا الخُطبَةَ ، فَلَمّا جَلَسَ قالَ مَروانُ : يا أميرَ المُؤمِنينَ أتَكَلَّمُ أم أصمُتُ ؟ فَقالَت نائِلَةُ بِنتُ الفَرافِصَةِ ـ اِمرَأَةُ عُثمانَ الكَلبِيَّةُ ـ : لا بَلِ اصمُت ؛ فَإِنَّهُم وَاللّهِ قاتِلوهُ ومُؤَثِّموهُ ، إنَّهُ قَد قالَ مَقالَةً لا يَنبَغي لَهُ أن يَنزعَ عَنها . . . .
فَأَعرَضَ عَنها مَروانُ ثُمَّ قالَ : يا أميرَ المُؤمِنينَ أ تَكَلَّمُ أم أصمُتُ ؟ قالَ : بَل تَكَلَّم .

1.الإمامة والسياسة : ج۱ ص۴۹ .


موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
214

جَميعِ ما نَقِموا ، فَرَدَدتُهُم عَنكَ ، ثُمَّ لَم تَفِ لَهُم بِشَيءٍ مِن ذلِكَ ، فَلا تَغَرَّني هذِهِ المَرَّةَ مِن شَيءٍ ؛ فَإِنّي مُعطيهِم عَلَيكَ الحَقَّ .
قالَ : نَعَم ، فَأَعطِهِم ، فَوَاللّهِ لَأَفِيَنَّ لَهُم .
فَخَرَجَ عَلِيٌّ إلَى النّاسِ ، فَقالَ : أيُّهَا النّاسُ ! إنَّكُم إنَّما طَلَبتُمُ الحَقَّ فَقَد اُعطيتُموهُ ، إنَّ عُثمانَ قَد زَعَمَ أنَّهُ مُنصِفُكُم مِن نَفسِهِ ومِن غَيرِهِ ، وراجِعٌ عَن جَميعِ ما تَكرَهونَ ، فَاقبَلوا مِنهُ ووَكِّدوا عَلَيهِ .
قالَ النّاسُ : قَد قَبِلنا فَاستَوثِق مِنهُ لَنا ؛ فَإِنّا وَاللّهِ لا نَرضى بِقَولٍ دونَ فِعلٍ .
فَقالَ لَهُم عَلِيٌّ : ذلِكَ لَكُم . ثُمَّ دَخَلَ عَلَيهِ فَأَخبَرَهُ الخَبَرَ .
فَقالَ عُثمانُ : اِضرِبَ بَيني وبَينَهُم أجَلاً يَكونُ لي فيهِ مُهلَةٌ ؛ فَإِنّي لا أقدِرُ عَلى رَدِّ ما كَرِهوا في يَومٍ واحِدٍ .
قالَ لَهُ عَلِيٌّ : ما حَضَرَ بِالمَدينَةِ فَلا أجَلَ فيهِ ، وما غابَ فَأَجَلُهُ وُصولُ أمرِكَ .
قالَ : نَعَم . ولكِن أجِّلني فيما بِالمَدينَةِ ثَلاثَةَ أيّامٍ .
قالَ عَلِيٌّ : نَعَم . فَخَرَجَ إلَى النّاسِ فَأَخبَرَهُم بِذلِكَ ، وكَتَبَ بَينَهُم وبَينَ عُثمانَ كِتابا أجَّلَهُ فيهِ ثَلاثا ، عَلى أن يَرُدَّ كُلَّ مَظلَمَةٍ ، ويَعزِلُ كُلَّ عامِلٍ كَرِهوهُ ، ثُمَّ أخَذَ عَلَيهِ فِي الكِتابِ أعظَمَ ما أخَذَ اللّهُ عَلى أحَدٍ مِن خَلقِهِ مِن عَهدٍ وميثاقٍ ، وأشهَدَ عَلَيهِ ناسا مِن وُجوهِ المُهاجرِينَ وَالأَنصارِ ، فَكَفَّ المُسلِمونَ عَنهُ ورَجَعوا إلى أن يَفِيَ لَهُم بِما أعطاهُم مِن نَفسِهِ ، فَجَعَلَ يَتَأَهَّبُ لِلقِتالِ ، ويَستَعِدُّ بِالسِّلاحِ ـ وقَد كانَ اتَّخَذَ جُندا عَظيما مِن رَقيقِ الخُمُسِ ـ فَلَمّا مَضَتِ الأَيَّامُ الثَّلاثَةُ وهُوَ عَلى حالِهِ لَم يُغَيِّر شَيئا مِمّا كَرِهوهُ ولَم يَعزِل عامِلاً ، ثارَ بِهِ النّاسُ ۱ .

1.تاريخ الطبري : ج۴ ص۳۶۹ ، الكامل في التاريخ : ج۲ ص۲۸۸ نحوه .

  • نام منبع :
    موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في الكتاب و السُّنَّة و التّاريخ ج2
    المساعدون :
    الطباطبائي، السيد محمد كاظم؛ الطباطبائي نجاد، السيد محمود
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1427 ق / 1385 ش
    الطبعة :
    الثانية
عدد المشاهدين : 167384
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي