دور المتغلغلين
ينبغي في الختام ألّا نغفل عن نقطةٍ في تحليل فتنة الخوارج واستقصاء جذورها ، وتتمثّل هذه النقطة في دور المتغلغلين بخاصّة «القاسطين» في انحراف «المارقين» ، مع تذكيرنا بصعوبة العثور على وثائق تاريخيّة لإثبات هذا الموضوع نتيجةً للسرّيّة الموجودة في هذا المجال بشكل طبيعيّ ، بَيْد أنّنا يتسنّى لنا أن نبلغ ما نصبوا إليه إلى حدٍّما عبر قرائن معيّنة ، ومن هذه القرائن التي يمكن أن تساعد الباحث في هذا الحقل : دراسة دور الأشعث بن قيس في هذه الفتنة ۱ .
إنّ التأمّل في النصوص التاريخيّة ، لاسيّما فيما ذكره كتاب «وقعة صفّين» الثمين حول الأشعث وموقفه في ذروة القتال يوم صفّين وما بعده لا يدع مجالاً للشكّ في أنّه لم يرتبط بالإمام عليه السلام ولم يُوالِه قطّ ، وأنّه كان عنصرا متغلغلاً عميلاً لمعاوية في جيشه عليه السلام ، ويعود ذلك إمّا لإقالته عن ولاية آذربايجان ۲ ، وعزله عن رئاسة قبيلته ۳ ، أو لتقلّباته الاعتقاديّة واضطراب عقائده الدينيّة ، ممّا دفع ابن أبي الحديد أن يقول :
«كُلُّ فَسادٍ كانَ في خِلافَةِ عَلِيٍّ عليه السلام وكُلُّ اضطِرابٍ حَدَثَ فَأَصلُهُ الأشَعَثُ» ۴ .
1.راجع : ج ۷ ص ۲۵۷ (الأشعث بن قيس) .
2.وقعه صفّين : ص۲۱ .
3.وقعة صفّين : ص۱۳۷ ـ ۱۳۹ .
4.شرح نهج البلاغة : ج۲ ص۲۷۹ وليُتأمّل في تتمّة كلام ابن أبي الحديد .