167
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

الحديث الشريف فيما يتعلّق بإمامة أهل البيت عليهم السلام وزعامتهم :

1 . عصمة أهل البيت عليهم السلام

ضمن اللّه ـ سبحانه وتعالى ـ عصمة القرآن من كلّ خطأ واشتباه ، كما في صريح قوله :
«إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَ إِنَّا لَهُ لَحَـفِظُونَ» . ۱
والرسالة الواضحة للتلازم بين أهل البيت والقرآن في حديث الثّقلين هي عصمة أهل البيت عليهم السلام ، للأسباب التالية :
أوّلاً : إنّ أمر النبيّ صلى الله عليه و آله القاضي بالتمسّك بأهل البيت إلى جانب القرآن يعني وجوب طاعتهم ، فإذا لم يكن أهل البيت معصومين من الخطأ كالقرآن ، فلا مبرّر لوجوب طاعتهم .
ثانيا : إنّ عدم عصمة أهل البيت عن الخطأ ، يخلّ بارتباطهم بالقرآن ، في حين أنّ حديث الثّقلين أعلن بصراحة الترابط الوثيق بين القرآن وأهل البيت وعدم افتراقهما .

2 . المرجعية العلميّة لأهل البيت عليهم السلام

تمثّل المرجعية العلميّة لأهل البيت ثاني رسالة واضحة لحديث الثّقلين إلى الاُمّة الإسلاميّة ، ومعادلة أهل البيت للقرآن وعصمتهم العلميّة تكفيان لإثبات هذه الرسالة . وهذا يعني أن لا أحد ـ سوى أهل البيت ـ بإمكانه أن يبيّن حقائق القرآن للناس ويبيّن لهم المعارف الأصيلة للإسلام .

3 . التلازم بين الإعراض عن أهل البيت عليهم السلام والإعراض عن القرآن

إنّ حديث الثّقلين هو ـ في الحقيقة ـ الوصيّة السياسيّة الإلهيّة لرسول اللّه ، فقد كان صلى الله عليه و آله يعلم جيّدا أنّ من غير الممكن من الناحية العمليّة الفصل بين مرجعيّة أهل البيت عليهم السلام العلميّة وزعامتهم السياسيّة ، فلمّا لم تكن قيادة الاُمّة لهم ، لم يكن بإمكان المجتمع الإسلامي والعالم الانتفاع من بحر علم أهل البيت اللامحدود بالنحو المطلوب . ولذلك فإنّ حديث الثّقلين يحمل للاُمّة الإسلاميّة رسالة سياسيّة إلهيّة هامّة ، هي التلاحم المصيري بين القرآن والعترة ، وبعبارة اُخرى : فإنّ القرآن ـ الّذي يمثّل رسالة التكامل المادّي والمعنوي للإنسان ـ لا يمكن أن ينفصل عن العترة الّتي تحفظ هذه الرسالة ، وتواصل نهج السنّة النبويّة . وباختصار فإنّ الدين لا ينفصل عن السياسة ، وإن هجر كلّ منهما في المجتمع الإسلامي يعني هجر الآخر .

الفصل الحادى عشر : معنى أهل البيت عليهم السلام

11 / 1 . أزواجُ النَّبِيِّ ومَعنى أهلِ البَيتِ عليهم السلام

۸۹۲.المستدرك على الصحيحين عن عطاء بن يسار عن اُمِّ سلمة :في بَيتي نَزَلَت : «إنَّما يُريدُ اللّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أهلَ البَيتِ ويُطَهِّرَكُم تَطهيرًا» . قالَت : فَأَرسَل رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله إلى عَلِيٍّ وفاطِمَةَ والحَسَنِ والحُسَينِ ، فَقالَ : هؤُلاءِ أهلُ بَيتي . ۲

۸۹۳.تاريخ دمشق عن أبي سَعيدٍ الخُدرِيّ عن اُمّ سَلَمَة :

1.الحجر : ۹ .

2.المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۱۵۸ ح ۴۷۰۵ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
166

دراسة حول حديث الثقلين ودلالته على استمرار إمامة أهل البيت عليهم السلام

يعتبر حديث الثّقلين ـ الّذي عرّف فيه خاتمُ الأنبياء صلى الله عليه و آله أهلَ بيته عليهم السلام عِدلاً للقرآن ، ودعا جميع الاُمّة الإسلامية إلى لزوم اتّباعهم إلى جانب القرآن ـ أحد الأسس الثابتة الّتي لا يرقى إليها الشكّ لمعرفة أهل البيت عليهم السلام ؛ مرجعيّتهم العلميّة ، إمامتهم ، وقيادتهم إلى يوم القيامة .

أوّلاً : نصّ الحديث

روت مصادر الحديث المعتبرة حديث الثّقلين بقليلٍ من الاختلاف في اللفظ ، عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، وهذا نصّه :
إِنِّي تارِكٌ فيكُمُ الثَّقَلَينِ ، ما إِن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلُّوا ؛ كِتابَ اللّهِ وعِترَتي أهلَ بَيتي ؛ فَإِنَّهُما لَن يَفتَرِقا حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ .

ثانيا : سند الحديث

هذا الحديث من الأحاديث المعدودة المتواترة المرويّة في المصادر الحديثية لأهل السنّة وأتباع أهل البيت عليهم السلام بطرقٍ مختلفة ، ويعدّ صدوره عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله قطعيا لا يرقى إليه الشكّ ، ومتّفقا عليه بين جميع المسلمين . فانه رواه أربعة وأربعون نفرا من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وروى في الطبقة التالية لأصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ مضافا لعدد من أهل البيت عليهم السلام سبعة عشر من التابعين .
وبعد الصحابة وتابعيهم ، أورد الكثير من العلماء وأئمّة الحديث وكبار أهل السنّة من القرن الثاني الهجري حتّى القرن الرابع عشر هذا الحديث في مؤلّفاتهم ، وقد ذُكرت أسماء أكثر من ثلاثمئة منهم في بعض الكتب الّتي تناولت هذا الموضوع . ۱

ثالثا : صحّة الحديث وصدوره

إنّ التأمّل في تواتر حديث الثّقلين معنىً ـ بل لفظا ـ وكثرة رواته في جميع الطبقات من جهة ، وعدم التجانس بين الاتّجاهات الفكرية والسياسيّة لرواة هذا الحديث ، يزيل كلّ شكّ في صحّته وصدوره ، ويغني الباحث عن تقييم السند . ومع ذلك فإنّ دراسة أسناد حديث الثّقلين ، تدلّ على صحّة الكثير منها واعتبارها أيضا .

رابعا : المُراد من العترة وأهل البيت عليهم السلام

بيّن رسول اللّه صلى الله عليه و آله بنفسه المُراد من عترته وأهل بيته ـ في تفسيره آية التطهير ـ بحيث لم يبقَ أيّ مجال للإبهام والترديد أو التفسير والتأويل ، ولا أحد يشكّ في أنّ مراده من أهل البيت في حديث الثّقلين ـ الّذي اعتبرهم فيه عِدلاً للقرآن ـ هو نفس الّذين نزلت آية التطهير بشأنهم .

خامسا : رسائل حديث الثقلين

من خلال رسائل هذا الحديث الشريف سنشير إشارة قصيرة إلى ثلاث رسائل مهمّة ومصيريّة تضمّنها هذا

1.راجع : نفحات الأزهار : ج ۱ ص ۱۹۹ و ج ۲ ص ۹۱ .

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 230434
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي