دراسة حول حديث الثقلين ودلالته على استمرار إمامة أهل البيت عليهم السلام
يعتبر حديث الثّقلين ـ الّذي عرّف فيه خاتمُ الأنبياء صلى الله عليه و آله أهلَ بيته عليهم السلام عِدلاً للقرآن ، ودعا جميع الاُمّة الإسلامية إلى لزوم اتّباعهم إلى جانب القرآن ـ أحد الأسس الثابتة الّتي لا يرقى إليها الشكّ لمعرفة أهل البيت عليهم السلام ؛ مرجعيّتهم العلميّة ، إمامتهم ، وقيادتهم إلى يوم القيامة .
أوّلاً : نصّ الحديث
روت مصادر الحديث المعتبرة حديث الثّقلين بقليلٍ من الاختلاف في اللفظ ، عن النبيّ صلى الله عليه و آله ، وهذا نصّه :
إِنِّي تارِكٌ فيكُمُ الثَّقَلَينِ ، ما إِن تَمَسَّكتُم بِهِما لَن تَضِلُّوا ؛ كِتابَ اللّهِ وعِترَتي أهلَ بَيتي ؛ فَإِنَّهُما لَن يَفتَرِقا حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ .
ثانيا : سند الحديث
هذا الحديث من الأحاديث المعدودة المتواترة المرويّة في المصادر الحديثية لأهل السنّة وأتباع أهل البيت عليهم السلام بطرقٍ مختلفة ، ويعدّ صدوره عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله قطعيا لا يرقى إليه الشكّ ، ومتّفقا عليه بين جميع المسلمين . فانه رواه أربعة وأربعون نفرا من أصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله .
وروى في الطبقة التالية لأصحاب رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ مضافا لعدد من أهل البيت عليهم السلام سبعة عشر من التابعين .
وبعد الصحابة وتابعيهم ، أورد الكثير من العلماء وأئمّة الحديث وكبار أهل السنّة من القرن الثاني الهجري حتّى القرن الرابع عشر هذا الحديث في مؤلّفاتهم ، وقد ذُكرت أسماء أكثر من ثلاثمئة منهم في بعض الكتب الّتي تناولت هذا الموضوع . ۱
ثالثا : صحّة الحديث وصدوره
إنّ التأمّل في تواتر حديث الثّقلين معنىً ـ بل لفظا ـ وكثرة رواته في جميع الطبقات من جهة ، وعدم التجانس بين الاتّجاهات الفكرية والسياسيّة لرواة هذا الحديث ، يزيل كلّ شكّ في صحّته وصدوره ، ويغني الباحث عن تقييم السند . ومع ذلك فإنّ دراسة أسناد حديث الثّقلين ، تدلّ على صحّة الكثير منها واعتبارها أيضا .
رابعا : المُراد من العترة وأهل البيت عليهم السلام
بيّن رسول اللّه صلى الله عليه و آله بنفسه المُراد من عترته وأهل بيته ـ في تفسيره آية التطهير ـ بحيث لم يبقَ أيّ مجال للإبهام والترديد أو التفسير والتأويل ، ولا أحد يشكّ في أنّ مراده من أهل البيت في حديث الثّقلين ـ الّذي اعتبرهم فيه عِدلاً للقرآن ـ هو نفس الّذين نزلت آية التطهير بشأنهم .
خامسا : رسائل حديث الثقلين
من خلال رسائل هذا الحديث الشريف سنشير إشارة قصيرة إلى ثلاث رسائل مهمّة ومصيريّة تضمّنها هذا