217
منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله

الباب الثامن : البركة

كلام حول «البركة»

البَرَكة في اللغة بمعنى دوام الخير وثبوته بالزيادة والنماء. لهذا فسّر ابن عبّاس البركة بالكثرة والنماء في كلّ خير كان ، كما فسّر رسول اللّه صلى الله عليه و آله لفظ «مُبارَك» ب «نفّاع» .
ملاحظة عامّة للقسم الثاني من هذه المجموعة تُومئ إلى المدى الذي بلغه استعمال لفظ البركة في القرآن والحديث ، والمجالِ الذي امتدّ إليه هذا الاستعمال على مختلف الصعُد والأبعاد ؛ من هنا تبرز الأهميّة الاستثنائية الفائقة التي تحظى بها عملية دراسة هذه النصوص وتحليلها.

تجاور العلل المادّية والعوامل المعنويّة

إنّ النقطة الاُولى التي تلفت النظر في بحث أسباب البركة ودواعيها من منظور الرؤية القرآنيّة والحديثيّة ؛ هي التجاور الذي يبرز في النصوص الإسلاميّة بين العوامل المعنويّة للبركة ، والأسبابِ والعلل المادّية لها . فمن جهة تتحدّث هذه النصوص عن التقوى ، والعبادة ، والطهارة ، والدعاء ، والصلاة ، والحج ، والاستغفار ، وأمثال ذلك بوصفها مبادئ للبركة والنموّ في الحياة ، ومن جهة اُخرى تراها تُعلن عن الرعي وتربية الحيوانات ، والزراعة ، والتجارة ، والعمل باعتبارها رصيدا للبركة ، وعناصر في تحقّق الخير ونموّه وازدهاره . والمعنى الذي يبرز من ثنايا هذا التجاور والجمع بين المعنوي والمادّي في إطار مركّب واحد ؛ أنّ الإيمان بتأثير المعنويّات في الخير والبركة والازدهار المادّي لا يعني في الرؤية الكونية الإسلاميّة نفي الأسباب والعلل المادّية أو التقليل من أهمّيتها في تحقيق التنمية ، بل يعني أنّ الإسلام يؤمن ـ بالإضافة إلى الأسباب والشروط والعناصر المادّية المعروفة في التنمية ـ بعوامل اُخرى غير مرئية يعتقد أنّ لها أثرها في هذا المسار . فالإسلام يؤمن بأنّ للمعتقدات الدينيّة الصحيحة والأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة دورها أيضا في تحقيق الازدهار والنموّ الاقتصادي للمجتمع .
فالقرآن الكريم يسجّل صراحةً :
«وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى ءَامَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَـتٍ مِّنَ السَّمَآءِ وَالأَْرْضِ» . ۱

انبثاق البركات المعنويّة من صلب البركات المادّية

من النقاط الاُخرى التي تتّسم بأهميّة فائقة أنّ الرؤية الإسلاميّة لا تكتفي بما للقيم المعنويّة من تأثير في البركات المادّية وما لها من أثر تتركه في التنمية الاقتصادية المستديمة وحسب ، بل ترى أنّ عكس هذه القضية صادق أيضا ؛ بمعنى أنّ البركات المادّية حين تتفتّح في نطاق التعاليم الإسلاميّة تقود إلى

1.الأعراف : ۹۶ .


منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
216

۱۲۱۹.عنه صلى الله عليه و آلهـ في مَوعِظَتِهِ لابنِ مَسعودٍ ـ: يَابنَ مَسعودٍ ، قَصِّر أمَلَكَ ، فَإِذا أصبَحتَ فَقُل : إنّي لا اُمسي وإذا أمسَيتَ فَقُل : إنّي لا اُصبِحُ ، وَاعزِم عَلى مُفارَقَةِ الدُّنيا ، وأحِبَّ لِقاءَ اللّهِ ولا تَكرَه لِقاءَهُ ؛ فَإِنَّ اللّهَ يُحِبُّ لِقاءَ مَن أحَبَّ لِقاءَهُ ويَكرَهُ لِقاءَ مَن يَكرَهُ لِقاءَهُ. ۱

۱۲۲۰.عنه صلى الله عليه و آلهـ في دُعاءِ الأَسماءِ الحُسنى ـ: يا كَريمُ أنتَ سَيِّدي ورَجائي وذُخري و ذَخيرَتي وأمَلي ، فَقَصِّر فِي الدُّنيا آمالي وأدِم رَغبَتي إلَيكَ وآمالي. ۲

الفصل الرابع : التّحذير من الآمال الباطلة

۱۲۲۱.رسول اللّه صلى الله عليه و آلهـ مِن خُطبَتِهِ في حَجَّةِ الوَداعِ ـ: فَوا عَجَبا لِقَومٍ ألهَتهُم أموالُهُم ، وطالَت آمالُهُم ، وقَصُرَت آجالُهُم وهُم يَطمَعونَ في مُجاوَرَةِ مَولاهُم ، ولا يَصِلونَ إلى ذلِكَ إلّا بِالعَمَلِ ، ولا يَتِمُّ العَمَلُ إلّا بِالعَقلِ. ۳

۱۲۲۲.عنه صلى الله عليه و آلهـ في دُعاءِ الأَسماءِ الحُسنى ـ: وهذِهِ يَدايَ يا سَيِّداه يا مَولاياه مَرفوعَةٌ إلَيكَ ، ومُتَوَكِّلٌ عَلَيكَ وتائِبٌ إلَيكَ فيما أتَيتُ مِن سوءِ فِعالي وقَبيحِ أعمالي وطولِ آمالي. ۴

الفصل الخامس : مضارّ الآمال الباطلة

۱۲۲۳.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :إنَّ أخوَفَ ما أخافُ عَلى اُمَّتِي الهَوى وطولُ الأَمَلِ ؛ أمَّا الهَوى فَإِنَّهُ يَصُدُّ عَنِ الحَقِّ ، وأمّا طولُ الأَمَلِ فَيُنسِي الآخِرَةَ. ۵

۱۲۲۴.عنه صلى الله عليه و آله :كونوا مِنَ اللّهِ عَلى حَذَرٍ ؛ فَمَن كانَ يَأمُلُ أن يَعيشَ غَدا يَأمُلُ أن يَعيشَ أبَدا ، ومَن كانَ يَأمُلُ أن يَعيشَ غَدا يَقسو قَلبُهُ ويَرغَبُ فِي الدُّنيا ويَزهَدُ فيما لَدى رَبِّهِ عز و جل . ۶

۱۲۲۵.عنه صلى الله عليه و آله :سِتَّةُ أشياءَ تُحبِطُ الأَعمالَ : الاِشتِغالُ بِعُيوبِ الخَلقِ ، وقَسوَةُ القَلبِ ، وحُبُّ الدُّنيا ، وقِلَّةُ الحَياءِ ، وطولُ الأَمَلِ ، وظُلمٌ لا يَنتَهي. ۷

۱۲۲۶.عنه صلى الله عليه و آله :إيّاكُم وَالتَّسويفَ وطولَ الأَمَلِ ؛ فَإِنَّهُ كانَ سَبَبا لِهَلاكِ الاُمَمِ . ۸

1.مكارم الأخلاق : ج ۲ ص ۳۵۰ ح ۲۶۶۰.

2.البلد الأمين : ص ۴۲۳ .

3.جامع الأخبار : ص ۳۹۷ ح ۱۱۰۰.

4.البلد الأمين : ص ۴۲۱ .

5.الخصال : ص ۵۱ ح ۶۲.

6.الفردوس : ج ۳ ص ۲۴۱ ح ۴۷۰۹.

7.كنز العمّال : ج ۱۶ ص ۸۵ ح ۴۴۰۲۳.

8.مروج الذهب : ج ۲ ص ۳۰۳ .

  • نام منبع :
    منتخب حكم النبيّ الأعظم صلّى الله عليه و آله
    المساعدون :
    خوش نصیب، مرتضی؛ لجنة من المحققين
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    مشعر
    مکان النشر :
    قم
    تاریخ النشر :
    1430 ق / 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 230563
الصفحه من 604
طباعه  ارسل الي