۶.عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد ، عن سليمانَ بن داود المِنْقَريّ ، عن حفص بن غياث ، قال :قال لي أبو عبداللّه عليه السلام : «مَن تَعَلَّمَ العلمَ ، وعَمِلَ به ، وعَلَّمَ للّه ، دُعِيَ في ملكوت السماوات عظيما ، فقيل : تَعَلَّمَ للّه ، وَعَمِلَ للّه ، وعَلَّمَ للّه » .
باب صفة العلماء
۱.محمّد بن يحيى العطّار ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن الحسن بن محبوب عن معاويةَ بن وَهْب ، قال : سمعتُ أبا عبداللّه عليه السلام يقول :«اطلبوا العلمَ ، وتَزيّنوا معه بالحلم والوَقار ، وتواضَعوا لمن تُعلِّمونه العلمَ ، وتَواضَعوا لمن طلبتم منه العلمَ ، ولا تكونوا علماءَ جبّارين فيَذْهَبَ باطلُكُم بحقِّكُمْ» .
قوله عليه السلام في حديث حفص بن غياث : (مَن تَعَلَّمَ العلمَ وعَمِلَ به وعَلَّمَ للّه دُعِيَ في ملكوتِ السماواتِ عظيماً ، فقيل : تَعَلَّمَ للّه ، وعَمِلَ للّه ، وعَلَّمَ للّه ) .
قوله عليه السلام : «للّه » قيدٌ للثلاثة ، و«دعي في ملكوت السماوات عظيماً» أي ذكر ذكراً عظيما ، أو وصف وصفاً عظيما ونحو ذلك .
ويحتمل أن يكون المعنى : سمّي بهذا الاسم ، فيقال : فلان عظيمٌ ؛ فإنّه تعلّم للّه وعمل للّه وعلّم للّه .
وعلى الأوّلين يكون هذا القول هو العظيم ، فإنّ وصف تعلّمه وعمله وتعليمه بكونها للّه وصف عظيم ؛ واللّه أعلم .
باب صفة العلماء
قوله عليه السلام في حديث معاوية بن وهب : (ولا تَكُونوا علماءَ جَبّارينَ فيَذْهَبَ باطلُكُم بحقّكم) . أي يكون الباطل الذي هو التجبّر مذهبا لثمرة علمكم عنكم وإبقاء محض الاسم عليكم ، فإنّكم لا تستحقّون ثمرة العلم إلاّ بترك التجبّر .
ويحتمل أن يراد بالباطل التجبّر وغيره ممّا قد لا يكون فعله مذهباً للحقّ وثوابه ، ولكن وجود التجبّر سبب لذهاب الباطل بالحقّ .
ومعنى ذهاب الباطل بالحقّ أنّه يأخذه معه عنهم فيكون ذاهباً به ، وقد يكون بمعنى إذهابه ، فلا يحتاج إلى أن يكون الباطل ذاهباً أيضاً . وهذا الذي حقّقه بعض النحاة من أنّ ذَهَبَ به بمعنى أذهبه لقوله تعالى : «ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ»۱ . وفرّق بعضهم بينهما بأنّ ذَهَبَ به يقتضي ذهابه معه ۲ . والوجه الأوّل مبنيّ على هذا .
ويمكن أن يقال : إنّه يأتي بمعنى أذهبه ، ومنه الآية وذهب معه ومنه غيرها ممّا يناسبه ؛ واللّه أعلم .
ويحتمل أن يكون الباء للمصاحبة ، والمعنى يذهب باطلكم مصاحباً لحقّكم .
وفيه تأمّل .
وقد يقال : إنّه يدلّ على الإحباط .
ويمكن الجواب بأنّ معناه أنّه بسبب التكبّر الذي هو الباطل لا يكتب للعالم ثوابٌ ، لا أنّه يحبط به العمل .