275
الدرّ المنظوم من كلام المعصوم

۳.عليُّ بن محمّد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمّد الأشعريّ، عن عبداللّه بن ميمون القدّاح ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :قال : «إنَّ هذا العلمَ عليه قُفْلٌ ، ومفتاحُه المسألةُ» .
عليُّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن النوفليّ ، عن السكونيّ ، عن أبي عبداللّه عليه السلام مثلَه .

۴.عليُّ بن إبراهيمَ ، عن محمّد بن عيسى بن عُبيد ، عن يونس بن عبدالرحمن ، عن أبي جعفر الأحول ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال :«لا يَسَعُ الناسَ حتّى يَسألوا ويَتفقّهوا ويَعرفوا إمامَهم ، ويَسعُهم أن يَأخُذوا بما يقولُ وإن كان تقيّةً» .

قوله عليه السلام في حديث عبداللّه بن ميمون: (إنّ هذا العلمَ عليه قُفلٌ، ومِفتاحُه المَسألةُ) .
في قوله عليه السلام : «هذا العلم» إشارة إلى أنّ العلم الحقيقي هو الذي يكون محفوظاً ومصوناً ، وغيره مبتذل لا يستحقّ أن يُصان ويضرب عليه بقفل ، فإنّه لا يستحقّ من العلم إلاّ لفظه .
وفي التشبيه بالقفل وجعل مفتاحه المسألة إيماءٌ إلى أنّ مَن أراد فتح هذا القفل بغير مفتاح ونحوه ، احتاج إلى كسره ، فلا يكون قفلاً صحيحا يستحقّ التسمية بالقفل بعد الكسر ، فكذا من أراد أخذ هذا العلم من غير مسألة ، كان كاسرا لقفل العلم ومخرجاً للعلم عن صيانته ، فلا يكون ذلك العلمَ المصونَ ، بل غيرَه .
قوله عليه السلام في حديث أبي جعفر الأحول : (لا يَسَعُ الناسَ حتّى يَسألوا ويَتفقّهوا ويَعرِفوا إمامَهم ، ويَسَعُهم أن يَأخُذوا بما يقولُ وإن كانت۱تقيّة) .
أي مضيّق عليهم وغير جائز لهم أن يقولوا أو يفعلوا أو يعتقدوا شيئاً من أحكام اللّه تعالى من غير أن يسألوا عنه من يعلمه ، وموسّع لهم أن يأخذوا بكلّ ما يقوله الإمام عليه السلام وإن وجدت تقيّة فيما يقوله .
والتوسعة في غير التقيّة كالأخذ من باب التسليم مع الاختلاف ونحوه ، فإنّ
كلاًّ منهما مع كونه مأخوذاً عن الإمام يكون له وجه ، وقد لا يعرف ذلك الوجه ، بخلاف التقيّة ، فإنّها لا وجه للأمر بما يقتضيه إلاّ التقيّة ؛ فلهذا أتى ب «إن» ؛ فليفهم .
ولعلّ تأخير معرفة الإمام عليه السلام في الذكر ـ وإن كانت الواو لا تدلّ على الترتيب ـ باعتبار أنّ السؤال والتفقّه ينبغي أن يكونا من إمام يعرفونه بالإمامة أو عنه ؛ فهو في قوّة أن يقال : لا يسعهم حتّى يسألوا ويتفقّهوا من إمامهم أو عنه ويسعهم إلخ ؛ واللّه أعلم .
و«كان» هنا تامّة كما سبق التنبيه عليه .
و«حتّى» إمّا بمعنى «إلاّ» كما قيل في حديث «كلّ مولود يولد على الفطرة حتّى يكون أبواه هما اللذان يُهوّدانه ويُنصرّانه» ، ۲ أي إلاّ أن يكون أبواه .
وكما في قول الشاعر :
ليس العطاء من الفضول سماحةحتّى تجود وما لديك قليل۳
أي إلاّ أن تجود .
فالمعنى في الحديث : لا يسع الناس إلاّ أن يسألوا .
أو بمعنى «إلى» أي لا يكونون في سعة من ضيق الجهل إلى وقت السؤال ، بمعنى أنّهم مضيّق عليهم إلى ذلك الوقت .
وهي بمعنى «إلى» أكثر ، ومعنى «إلاّ» هنا أنسب ؛ واللّه أعلم .

1.في بعض نسخ الكافي والمطبوع : «وإن كان» .

2.الفقيه ، ج ۲ ، ص ۴۹ ، ح ۱۶۶۸ ؛ علل الشرايع ، ص ۳۷۶ ، باب ۱۰۴ ، ح ۲ ؛ تصحيح الاعتقاد ، للمفيد ، ص ۶۱ ، معنى فطرة اللّه ؛ شرح نهج البلاغة ، لابن أبي الحديد ، ج ۴ ، ص ۱۱۴ ؛ و ج ۶ ، ص ۱۴۰ ؛ عوالي اللئالي ، ج ۱ ، ص ۳۵، ح ۱۸ ؛ وسايل الشيعة ، ج ۱۵ ، ص ۱۲۵ ، ح ۲۰۱۳ ؛ بحارالأنوار ، ج ۳ ، ص ۲۸۱ ، باب الدين الحنيف والفطرة ... ، ح ۲۲ .

3.مغني اللبيب ، ج ۱ ، ص ۱۲۵ .


الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
274

باب سؤال العالم وتذاكره

۱.عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبداللّه عليه السلام ، قال : سألتُه عن مَجدور أصابَتْهُ جَنابةٌ ، فغسّلوه فماتَ ، قال :«قتلوه ألاّ سألوا ، فإنَّ دَواءَ العِيِّ السؤالُ» .

۲.محمّد بن يحيى ، عن أحمدَ بن محمّد بن عيسى ، عن حمّاد بن عيسى ، عن حريزٍ ، عن زرارةَ ومحمّد بن مسلم وبريد العجليّ، قالوا :قال أبو عبداللّه عليه السلام لحُمْرانَ بن أعينَ في شيء سَأَلَه : «إنّما يَهْلِكُ النّاسُ لأنّهم لا يَسألونَ» .

باب سؤال العالم وتذاكره

في بعض النسخ «العلم» وهو أنسب بتذاكره ، والأنسب بالعالم «مذاكرته» إلاّ أنّ «تذاكره» هو الواقع في الباب ، ومعناه حينئذٍ : تذاكر العلم ، فهو معطوف على «سؤال» .
قوله عليه السلام في حديث ابن أبي عمير : (قَتَلُوه ، ألاّ سألوا ، فإنّ دواءَ العِيِّ السؤالُ) .
عيَّ الأمر و عيي كرضي : لم يهتد لوجه مراده ، أو عجز عنه ولم يطق أحكامه ؛ كذا في القاموس . ۱ وقيل : أصل العيّ التحيّر في الكلام ۲ ، والمراد به هنا الجهل .
وفي الحديث تنبيه على أنّ الجاهل قد يؤدّيه هوى نفسه وحُبّ عدم الاعتراف بجهله إلى إهلاك النفس ، وفيه مع ذلك هلاك نفسه كما في الحديث الذي بعده : «إنّما يَهلك الناس لأنّهم لا يسألون» .
و«المجدور» مَن به الجُدَري ـ بضمّ الجيم وفتح الدال وفتحهما ـ وهي القروح في البدن تنقط وتقيح ؛ كذا في القاموس والصحاح . ۳ ويحتمل إرادة ما يشمل غيره .

1.القاموس المحيط ، ج ۴ ، ص ۳۶۸ (عيي) .

2.راجع : مرآة العقول ، ج ۱ ، ص ۱۲۹ ؛ شرح اُصول الكافي ، للمازندراني ، ج ۲ ، ص ۱۰۵ .

3.القاموس المحيط ، ج ۱ ، ص ۳۸۷ ؛ الصحاح ، ج ۲ ، ص ۶۰۹ (جدر) .

  • نام منبع :
    الدرّ المنظوم من كلام المعصوم
    المساعدون :
    الدرایتي محمد حسین
    المجلدات :
    1
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1430 ق/ 1388 ش
    الطبعة :
    الاولى
عدد المشاهدين : 84532
الصفحه من 715
طباعه  ارسل الي