105
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1

إِنَّ الجاهِلَ مَن عَدَّ نَفسَهُ بِما جَهِلَ مِن مَعرِفَةِ العِلمِ عالِما .
لأنّ الجهل بمقدار علمه أوقعه في أعماق بئر الجهل الظّلماء حيث لا نور يصل إليها فيفيده .
وعليه ، فإنّ إحدى الطرق التي تُختبر بها العقيدة ويُميَّز بين العقائد العلمية وغير العلمية هي أن يُختبر صاحب العقيدة فيما إذا كان مصابا بالغرور العلمي معتلاً باعتبار النفس عالما أم أنّه معاف منهما؟ وما إذا كان يجيز لنفسه الإدلاء برأيه فيما لايعرف أم لا؟ وأخيراً ، إلى أيّ حدّ يعتبر نفسه عالما .
لقد روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله أنّه قال :
مَن قالَ «أنا عالِمٌ» فَهُوَ جاهِلٌ.۱
فاُولى خصائص العلماء وأهل الفهم سلامتهم من الغرور العلمي ، والعلماء الحقّ يدركون ـ وهم على أول درجة من سلالم العلم ـ أنّ معارفهم لا يُعتدّ بها أصلاً إزاء ما يجهلون ، وعلى هذا يتّضح أنّ المبتلين بالغرور العلمي والذين يحسبون أنهم يحتازون علما لم يضعوا أقدامهم على اُولى درجات المعرفة بعدُ ، وهذا مصداق قول أميرالمؤمنين عليه السلام :
مَنِ ادَّعى مِنَ العِلمِ غايَتَهُ فَقَد أَظهَرَ مِن جَهلِهِ نِهايَتَهُ.۲
إنّ قصّار النظر وأصحاب الصّدور الضيّقة والسطحيّين إذا وصلوا ولو إلى نزر من العلم استبدَّ بهم الغرور العلمي ويقيسون مجهولاتهم على الإطلاق بمقياس هذا النزر من معلوماتهم ، وبالتالي يعتبرون أنفسهم علماء بصورة مطلقة .
فاُستاذ الآداب المتخصّص فيها يتصوّر أنّ كلّ من كان على شاكلته في فهم

1.راجع : ص ۳۶۲ ح ۹۵۲.

2.راجع : ص ۳۷۸ ح ۱۰۶۶ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
104

مُستَفيداً ، ولِلحَقِّ مُنكِراً ، وفِي اللَّجاجَةِ مُتَجَرِّيا ، وعَن طَلَبِ العِلمِ مُستَكبِراً. 1
فبناءً على ما جاء في هذه الرواية يتّضح أنّ علائم العقائد غير العلمية ومشخّصات أشباه العلماء سبعٌ مقابل سبع للعقائد العلمية .
وخلاصتها أنّها عبارة عن : عدم الاهتمام بمجهولاتهم ، عدم الاكتراث بآراء الآخرين ، اجتناب العلماء ، تخطئة المخالفين ، إنكار ما يجهلون ، اللجاجة في البحث العلمي ، والأنَفُ من تحصيل العلم .
وإليك التحقيق في هذه العلائم وبيانها .

1 . عدم الاهتمام بالمجهولات

إنّ أول ما يميّز أصحاب الآراء غير العلمية ـ مَن صوّر لهم مرض اعتبار النفس عالما في أنفسهم علماء ـ أنهم لايرون مجهولاتهم ، فتعاظمت معلوماتهم القليلة التافهة وبدت كبيرة في أنظارهم ، حتّى يتصورون أنفسهم علماء على الاطلاق ، حتّى وكأنه لم يعد هناك مجهول بالنسبة لهم ، ولهذا نراهم يفرضون أنفسهم في كلّ موضوع كخبراء ، ويجيزون لأنفسهم عن طريق الظنّ والتخمين أو كما يقال اليوم عن طريق «التحليل» الحقّ في إبداء الرأي في أيّ شيء كان ، على أنّه رأي علميّ قطعي .
هؤلاء الأفراد مهما كان مقدار علمهم أو معرفتهم بعلوم شتّى هم في نظر الإمام علي عليه السلام ليسوا غير أكفاء لصفة العالم أو لقبه فحسب ، بل ما أحقّهم بنعت الجهلاء الواقعيين والأغرار الفارغين :

1.بحار الأنوار : ج ۷۷ ص ۲۰۳ و راجع : ص ۳۸۸ ح ۱۱۲۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج1
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 184041
الصفحه من 480
طباعه  ارسل الي