207
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2

ب ـ حُجُب سميكة عرضة للزّوال

إذا لم تُعالج حُجُب المعرفة فإنّ حُجُب الفكر والقلب تتراكم تدريجا ، وهذه الحُجُب المتراكمة تُعالَج مادامت لا تُفسِد جوهر مرآة القلب ، وقد يُستعان بدواء البلاء من أجل تمزيق هذه الحُجُب ، وهذا الدّواء أقوى من دواء الموعظة . إنّ جلاء صدأ القلب بالموعظة كجلاء المرآة بالماء ، وجلاء صدأ القلب بالبلاء صقل للسّيف بالنّار ؛ فإنّ كثيرا من أنواع الصدأ لايمكن أن يُعالَج إلّا بالنّار . من هنا قال القرآن الكريم في فلسفة البلاء ومصائب الحياة : «وَ لَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ»۱ . وقد قال الإمام أميرالمؤمنين عليه السلام في هذا المجال : «إذا رَأيتَ اللّهَ سُبحانَهُ يُتابِعُ عَلَيكَ البَلاءَ فَقَد أيقَظَكَ»۲.

ج ـ حُجُب سميكة لن تزول

إذا تراكم صدأ حُجُب المعرفة بنحو فسد معه جوهر مرآة القلب ، فإنّ نار البلاء تعجز عن صقل جوهر الرّوح ، وحينئذٍ يتعذّر علاج المريض كما قال عليٌّ عليه السلام :
«ومَن لَم يَنفَعُهُ اللّهُ بِالبَلاءِ وَالتَّجارِبِ لَم يَنتَفِع بِشَيءٍ مِنَ العِظَةِ»۳، أجل «كَيفَ يُراعِي النَّبأَةَ مَن أصَمَّتهُ الصَّيحَةُ»۴!
إنّ علامة مرض المعرفة الّذي يتعذّر علاجه هي أنّ المريض يُمنى بتعصّب شديد في عقائده الباطلة ، ولا يستعدّ لقبول الحقّ أبدا ، وفي وصف أمثاله قال تعالى : «وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ»۵ .

1.السجدة : ۲۱ .

2.غرر الحكم : ح ۴۰۴۶ ، عيون الحكم والمواعظ : ص ۱۳۵ ح ۳۰۶۹ .

3.نهج البلاغة : الخطبة ۱۷۶ ، بحارالأنوار : ج ۲ ص ۳۱۲ ح ۷۶ .

4.نهج البلاغة : الخطبة ۴، الإرشاد : ج ۱ ص ۲۵۳ وفيه «يراع للنبأة» ، بحارالأنوار : ج ۳۲ ص ۲۳۷ ح ۱۹۰ .

5.الجاثية : ۲۳ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
206

«الدّواء التّكويني» .
بعبارة أُخرى : جعل اللّه تعالى دواءين في نظام الخِلْقة لعلاج المرضى المصابين بمرض حُجُب العلم والحكمة : أحدهما تعاليم الأنبياء ، والآخر الحوادث الطّبيعيّة المرّة المثيرة للعِبَر .
إنّ القرآن الكريم ، الّذي هو أكمل المناهج في تعاليم الأنبياء ، يعالج مرضى المعرفة عن طريق الموعظة ، والتّقوى ، وذكر اللّه ، والدّعاء ، والاستعاذة بالحقّ ، والتّوبة .
إنّ البلايا والحوادث المُرّة تعتبر الدّواء المهدِّئ لهذه الأمراض، إلى جانب تعاليم الأنبياء الّتي هي الدّواء الأساس لأمراض الرّوح ، بخاصّة أمراض المعرفة ، وهي توصَف عند الضّرورة : «وَمَا أَرْسَلْنَا فِى قَرْيَةٍ مِّن نَّبِىٍّ إِلَا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِوَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ»۱ .

5 . أقسام حُجُب المعرفة

إنّ حُجُب العلم والحكمة ثلاثة ، اثنان منها تُعالَج بأدوية المعرفة ، وواحدة لا يتسنّى علاجها :

أ ـ حُجُب رقيقة

إنّ حُجُب العلم والحكمة الّتي مرّ شرحها في الفصل الأوّل جراثيم مرض الروح وحُجُب القلب الحائلة دون نور العلم ، وهذه الحُجُب رقيقة في بداية المرض ، يمكن لتعاليم الأنبياء أن تزيلها بيُسرٍ .

1.الأعراف: ۹۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
    المساعدون :
    برنجکار، رضا؛المسعودي، عبدالهادي
    المجلدات :
    5
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 99343
الصفحه من 511
طباعه  ارسل الي