73
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2

الإنسان من خلالها العروج إلى قمّة الكمال الإنساني.
وممّا ينبغي معرفته أن الدرجة الاُولى من تلك المِرقاة ـ أعني الحكمة العلمية ـ قد وضع أنبياء اللّه تعالى حجر أساسها، أما الدرجة الثانية منها ـ أعني الحكمة العملية ـ فعلى الإنسان أن يتحمّل أعباءها وبعد الارتقاء إلى سُلّم هذه الدرجة تبقى الدرجة الأخيرة، وهي الحركة إلى مقام الكمال الإنساني، وتلك هي الحكمة الحقيقية التي تنال بالأسباب التي يهيئها الحقّ تعالى، وفيما يلي توضيح مختصر حول الأنواع الثلاثة من الحكمة :

1 . الحكمة العلمية

إنّ المراد من الحكمة العلمية مطلق المعارف والعلوم الضرورية للوصول إلى مرتبة الكمال الإنساني، بعبارة اُخرى إنّ العلوم المتعلّقة بالعقائد والعلوم المتعلّقة بالأخلاق والأعمال كلّها حكمة، وفي هذا الاتجاه يقدّم القرآن الكريم ارشادات مختلفة في مجال العقائد والأخلاق والأعمال، وقد سمّاها جميعا الحكمة، يقول تعالى:
«ذَ لِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ»۱ .
جدير بالذكر أنّ هذا المفهوم من الحكمة أكّده القرآن الكريم في آيات عديدة باعتباره الخطوة الاُولى في فلسفة بعث الأنبياء، منها قوله تعالى:
«لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ ءَايَـتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَـبَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِى ضَلَـلٍ مُّبِينٍ»۲ .

1.الإسراء : ۳۹ .

2.آل عمران : ۱۶۴ وانظر البقرة : ۱۲۹ و ۱۵۱ ، الجمعة : ۲ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
72

شيء مُحكَم مُتقَن غير قابل للنفاذ سواء كان ماديّا أو معنويا .

الحكمة في القرآن والحديث

لقد جاءت كلمة (الحكمة) في القرآن الكريم عشرين مرة، وامتدح الحقّ تعالى ذاته المقدّسة في الكتاب الكريم بصفة (الحكيم) 91 مرّة.
إنّ التأمّل في الموارد المستعملة لهذا المصطلح في النصوص الإسلامية، يشير إلى أنّ الحكمة من وجهة نظر القرآن والحديث عبارة عن المقدّمات العلمية والعملية والروحية المحكمة المتقنة لنيل المقاصد الإنسانية السامية ، وما أوردوه في الأحاديث الشريفة في تفسير الحكمة في الواقع مصداق من مصاديق هذا التعريف المجمل .

أقسام الحكمة

بناءً على ما ذكرناه في التعريف الإجمالي المتقدّم، فإنّ الحكمة من وجهة نظر القرآن والحديث تقسم إلى ثلاثة أنواع: الحكمة العلمية، الحكمة العملية، والحكمة الحقيقية ۱ .
إنّ مما يجدر ذكره أن هذا التقسيم وتلك التسميات هي حصيلة التأمل في استعمالات مصطلح الحكمة في القرآن المجيد والحديث الشريف ۲ ، وكلّ واحدمن أقسام الحكمة ، من هذا المنظار يعتبر بمثابة درجة لمِرقاة راسخة ثابتة يستطيع

1.الروايات المرقّمة ۱۵۵۳ ، ۱۵۶۰ و ۱۵۶۲ تشير إلى الحكمة العلمية ، و الروايتان المرقمتان ۱۵۵۸ و ۱۵۵۹ تشيران إلى الحكمة العلمية والعملية، والروايات المرقمة ۱۵۵۲، ۱۵۵۵ ـ ۱۵۵۷ تشير إلى الحكمة الحقيقية.

2.لمزيد الاطلاع على سائر تقسيمات هذا المصطلح، راجع : فرهنگ معارف اسلامى (بالفارسية) : ج ۲ ص ۷۵۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج2
    المساعدون :
    برنجکار، رضا؛المسعودي، عبدالهادي
    المجلدات :
    5
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 99328
الصفحه من 511
طباعه  ارسل الي