247
موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3

النجوم غير منظّمة ومداراتها غير معينة ، كيف يستطيع الإنسان أن يهتدي إِلى طريقه وهو في عرض البحار أو مفازات الصحاري الجرداء أو الطرق المجهولة في السَّماء؟ إِنّها النجوم التي تساعده في تعيين جهته ، ومداراتها التي تُعينه على الاهتداء إِلى طريقه ۱ ، وقد عبّر القرآن الكريم عن هذا الدرس التوحيدي بقوله :
«هُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِى ظُـلُمَـتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْايَـتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ»۲ .
ولكن يشترط هنا الأَخذ بنظر الاعتبار توضيحنا المتقدّم ۳ ، وهو أنّ الذين يستطيعون الاستفادة من هذه الدروس في مسير التوحيد ومعرفة اللّه ، هم أُولئك الذين أَزالوا حُجب المعرفة عن أَبصار عقولهم وفهمهم فحسب ، كما في قوله تعالى :
«قَدْ فَصَّلْنَا الْأيَـتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ » .
هؤلاء هم الذين كلما ازدادت معرفتهم بأَسرار السَّماء وما فيها من الآيات ، ازدادوا إِيمانا ويقينا ، كما روي عن أَميرالمؤمنين عليه السلام :
مَنِ اقتَبَسَ عِلما مِن عِلمِ النُّجومِ مِن حَمَلَةِ القُرآنِ ازدادَ بِهِ إيمانا ويَقينا ، ثُمَّ تَلا :«إِنَّ فِى اخْتِلَـفِ الَّيْلِ وَ النَّهَارِ وَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِى السَّمَـوَ تِ وَ الْأَرْضِ لَأيَـتٍ لِّقَوْمٍ يَتَّقُونَ»۴.۵

1.راجع : ص ۲۳۹ ح ۳۶۳۹، إثبات وجود خدا (بالفارسية) : ص ۲۶۱ .

2.الأنعام : ۹۷ .

3.راجع : ص ۲۲۷ «تأمّلات في آيات معرفة اللّه في خلق اللَّيل والنهار» .

4.يونس : ۶ .

5.ربيع الأبرار : ج ۱ ص ۱۰۰ ح ۷۳ .


موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
246

الكوكب والثانية ترتبط بحركته ، وذلك التعادل بصورة عمود غير مرئيّ يحافظ على الأَجرام السَّماوية في مواضعها .

خامسا : النظام الدقيق السَّائد على الأَجرام السَّماوية

إِنّ الحركة المنظّمة الدّقيقة للأَجرام السَّماوية في مداراتها الخاصَّة درس آخر للتوحيد ، فإنّ النظام السَّائد على الأَجرام السَّماوية لا يضمن عدم اصطدام بعضها ببعض فحسب ، بل يساعد على التّنبّؤ بالنسبة إِلى الأَحداث السَّماوية ، فهل يمكن التصديق بالقول : إِنّ الصدفة العمياء ، هي التي جعلت مليارات الأَجرام السَّماوية التي أَكثرها أَكبر حجما من الأَرض بآلاف المرات ، تتحرك ملايين السنين بسرعة فائقة بدون أَدنى انحراف عن مداراتها؟
إِنّ القرآن الكريم قد بيّن هذا الدرس عن معرفة اللّه سبحانه في قوله :
«إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَـوَ تِ وَ الْأَرْضَ أَن تَزُولَا وَ لَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا»۱ .
وفي قوله تعالى :
«أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى الْأَرْضِ وَ الْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَ يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَا بِإِذْنِهِ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ»۲ .

سادسا : الاهتداء بالنجوم

إِنّ الدرس الحكيم الآخر في خلق السَّماء الذي أَشار إِليه القرآن هو الاهتداء بالنجوم ، الذي يعتبر أَحد بركات النظام المهيمن على السَّماء ، فلو كانت حركة

1.فاطر : ۴۱ .

2.الحجّ : ۶۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الإسلاميّة ج3
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دارالحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالث
عدد المشاهدين : 103828
الصفحه من 488
طباعه  ارسل الي