387
موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6

الخلق على أساس نظامه الخاص ، فالقرآن الكريم يؤكّد مرارا أنّ « سنّة اللّه » غير قابلة للتغيير . ۱
هذا يعني أنّ التدبير الإلهيّ وإجراءات اللّه ـ تعالى ـ لها قانونها الخاصّ بها ، وهو قانون ثابت غير قابل للتغيير، ليس كمثل القوانين التعاقديّة والاعتباريّة القابلة للتغيير.
وقد أوضح الإمام الصادق عليه السلام في رواية عنه، هذه الحقيقة في قوله:
أبى اللّهُ أَن يُجرِيَ الأشياءَ إلّا بِأسبابٍ فَجَعَلَ لِكُلِّ شَيءٍ سَبَبا .۲
استنادا إلى قانون الأسباب والسنّة الإلهيّة الثابتة في تدبير اُمور عالم الخلق ، يمكننا أن نذكر عوامل المصائب والبلايا الّتي يبتلى بها المستضعفون كالتالي :

1 . الاستغلال السيّئللحرّية

إنّ نتيجة تمتّع الإنسان بالحرّية والاختيار في عالم الأسباب ، هي أنّ البعض يسيئون استغلال حرّيتهم ويتجاوزون على حقوق الآخرين، كما جاء في القرآن حول سوء استغلال أحد رؤوس الاستكبار لحريّته :
«إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِى الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَـائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَ يَسْتَحْيى نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ» . ۳
بناء على ذلك ، فإنّ استغلال الأشخاص الواعين لحريّاتهم يؤدّي إلى ظهور طبقتي الظالمين والمظلومين، والمستثمِرين، والمستثمَرين ، لا أن إرادة اللّه تعلقت بذلك كي تثار التساؤلات حول عدالته ، كما روي عن الإمام عليّ عليه السلام :
ما جاعَ فَقيرٌ إلّا بِما مُتِّعَ بِهِ غَنِيٌّ .۴

1.راجع الأحزاب : ۲۳ و ۲۶ ، الفتح : ۲۳ ، الاسراء : ۷۷ ، فاطر : ۴۳ و ۳۵ .

2.الكافي : ج ۱ ص ۱۸۳ .

3.القصص : ۴ .

4.نهج البلاغة : الحكمة ۳۲۸ .


موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
386

من الطريف أنّ كلّ ما بيّناه حول فلسفة المصائب، يمكن أن نلاحظه في رواية قصيرة عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، حيث قال:
إنَّ البَلاءَ لِلظّالِمِ أدَبٌ ، ولِلمُؤمِنِ امتِحانٌ ، ولِلأَنبِياءِ دَرَجَةٌ ، ولِلأَولِياءِ كَرامَةٌ .۱

ثامنا : عوامل فشل المستضعفين

إنّ ما ذكرناه حتّى الآن حول فلسفة الشرور والمصائب ، يتعلّق بالأشخاص الواعين الذين بلغتهم الرسالة الإلهيّة وأقيمت الحجّة عليهم ، والآن لنرى ما الحكمة من وراء الشرور والإخفاقات الّتي يواجهها الأشخاص غير الواعين ، أو المستضعفون ؟
بعبارة اُخرى : فقد كان وما يزال على مرّ التاريخ الكثير ممّن لم تصلهم الرسالة الإلهيّة لأسباب مختلفة ولم يستطيعوا أن يدركوا مسؤوليّتهم كي يعيّنوا مصيرهم من خلال العمل، أو عدم العمل بمسؤوليّاتهم، ومن المصاديق البارزة لهذا النوع من البشر : الأطفال المشرّدون، والأشخاص المتخلّفون عقليّا والمجانين، فكيف يمكن أن نبرّر بلايا هؤلاء الأشخاص الذين يطلق عليهم «المستضعفون» اصطلاحا ؟
الجواب الإجمالي عن ذلك هو :
أوّلاً : إنّ مسؤوليّة المصائب الّتي يبتلى بها المستضعفون وغير الواعين تلقى على عاتق الأشخاص الواعين باستثناء الحالات الّتي لها حِكَم خاصّة .
ثانيا : إنّ اللّه سيعوّض الأبرياء في الآخرة عن الأضرار الّتي لحقت بهم في الدنيا.
من أجل تسليط الضوء على هذه الإجابة الإجماليّة فإنّا بحاجة إلى مقدّمة قصيرة هي :
إنّ قانون الأسباب الّذي يسمّى بلغة القرآن « سنّة اللّه » يستوجب أن يُدار نظام

1.راجع : ص ۴۰۱ ح ۶۴۱۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة العقائد الاسلاميّة ج6
    المساعدون :
    برنجکار، رضا
    المجلدات :
    6
    الناشر :
    دار الحديث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الثالثة
عدد المشاهدين : 101253
الصفحه من 530
طباعه  ارسل الي