21
حكم النّبيّ الأعظم ج6

كلام في تصفيد الشّياطين في شهر رمضان

مرّت الإشارة في عدد من أحاديث هذا الباب إلى أنَّ الشياطين تغلّ في شهر رمضان ، وعندئذٍ يثار عدد من الأسئلة في هذا السياق ، هي :
ما الشيطان ؟ في نطاق ما يتّسم به نظام الخليقة والوجود من حكمة ، لماذا سُمح للشيطان بإغواء الإنسان ؟
ما الثغور الّتي تمتدّ إليها سلطة الشيطان على الإنسان ؟
لماذا صار اللّه سبحانه إلى تصفيد الشياطين ومنعها من ممارسة تأثيرها الضالّ في شهر رمضان ، في حين تركها حرّه فيما عداه من الشهور ؟
وأخيرا : إذا كانت الروايات الدالّة على هذا المعنى صحيحة ، فلماذا يجنح عدد من الصائمين إلى ارتكاب الذنوب واجتراح الخطايا في هذا الشهر ؟
في الحقيقة يتطلّب الجواب على هذه الأسئلة بنحوٍ مُسهب وافٍ فرصةً سانحةً ، ۱ بَيدَ أنَّ ما يمكن قوله إجمالاً : إنَ الرؤية الإسلامية تفيد بأنَّ الشياطين عبارة عن موجودات غير مرئيّة من جنس الجنّ ، تتحلّى بالإدراك والمعرفة وتحظى بالحرّية والقدرة على الاختيار ، لكنها تسيء استخدام حرّيتها لإغواء الإنسان وخداعه عن طريق تزويق الممارسات القبيحة وإضفاء صورة جميلة عليها ، ومن خلال تهييجه وإثارة نوازعه غير المشروعة .
أمّا الحكمة من وراء هذا الدور الإغوائي الّذي تلعبه الشياطين في نظام الخليقة ، فتكمن في تفتّق المواهب الإنسانيه الكامنة وتربية الإنسان الكامل وإعداده في ظلّ المقاومة الّتي يبديها إزاء هذه المزالق والإغراءات ، أمّا ثغورسلطة الشياطين على الإنسان فهي لا تتعدّى نطاق الإثارة والوسوسة ، ومن ثَمَّ فهي تدعوه إلى القبائح ،بَيدَ أنّ قدرتها لا تمتد لإجباره على اقترافها . ۲
على ضوء هذه الإيضاحات ، فإنَّ ما ينبغي دراسته على هذا الصعيد ، مسألتان:
الاُولى : تصفيد الشياطين وغلّها في شهر رمضان .
الثانية : البحث عن العوامل الكامنة وراء اجتراح الخطايا وظهور الذنوب في هذا الشهر ، على الرغم من تصفيدالشياطين وغياب دورها الإغوائي .

1.سنعرض للبحث في جواب هذه الأسئلة ، وندرس جوانب هذا الموضوع تفصيلا ، في مدخل عنوان «الشيطان» من موسوعة ميزان الحكمة إن شاء اللّه تعالى .

2. «وَ قَالَ الشَّيْطَـنُ لَمَّا قُضِىَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَ عَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَ مَا كَانَ لِىَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَـنٍ إِلَا أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِى فَلَا تَلُومُونِى وَلُومُواْ أَنفُسَكُم» ( إبراهيم : ۲۲ ) .


حكم النّبيّ الأعظم ج6
20

۸۴۵۸.الإمام عليّ عليه السلام :لَمّا حَضَرَ شَهرُ رَمَضانَ قامَ رَسولُ اللّه ِ صلى الله عليه و آله فَحَمِدَ اللّه َ وأثنى عَلَيهِ ، ثُمَّ قالَ :
أيُّهَا النّاسُ ، كَفاكُمُ اللّه ُ عَدُوَّكُم مِنَ الجِنِّ وَالإِنسِ ... ألا وقَد وَكَّلَ اللّه ُ عز و جل بِكُلِّ شَيطانٍ مَريدٍ سَبعينَ مِن مَلائِكَتِهِ ، فَلَيسَ بِمَحلولٍ حَتّى يَنقَضِيَ شَهرُكُم هذا ، ألا وأبوابُ السَّماءِ مُفَتَّحَةٌ مِن أوَّلِ لَيلَةٍ مِنهُ ، ألا وَالدُّعاءُ فيهِ مَقبولٌ . ۱

۸۴۵۹.رسول اللّه صلى الله عليه و آله :رَجَبٌ شَهرُ اللّه ِ الأَصَبُّ ۲ ، يَصُبُّ اللّه ُ فيهِ الرَّحمَةَ عَلى عِبادِهِ ، وشَهرُ شَعبانَ تَنشَعِبُ فيهِ الخَيراتُ . وفي أوَّلِ لَيلَةٍ مِن شَهرِ رَمَضانَ تُغَلُّ المَرَدَةُ مِنَ الشَّياطينِ ، ويُغفَرُ في كُلِّ لَيلَةٍ سَبعينَ ألفا ، فَإِذا كانَ في لَيلَةِ القَدرِ غَفَرَ اللّه ُ بِمِثلِ ما غَفَرَ في رَجَبٍ وشَعبانَ وشَهرِ رَمَضانَ إلى ذلِكَ اليَومِ ، إلّا رَجُلٌ بَينَهُ وبَينَ أخيهِ شَحناءُ ، فَيَقولُ اللّه ُ عز و جل : أنظِروا هؤُلاءِ حَتّى يَصطَلِحوا . ۳

1.كتاب من لا يحضره الفقيه : ج ۲ ص ۹۸ ح ۱۸۳۷ ، بحار الأنوار : ج ۹۶ ص ۳۷۱ ح ۵۶ ؛ كنز العمّال : ج ۸ ص ۵۸۳ ح ۲۴۲۷۴ نقلاً عن الأصبهاني في الترغيب .

2.في المصدر : «الأصمّ» ، والأصحّ ما أثبتناه كما في بعض نسخ المصدر الخطّية وبحار الأنوار .

3.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۲ ص ۷۱ ح ۳۳۱ عن دارم بن قبيصة عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۹۷ ص ۳۶ ح ۱۶ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج6
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق / 1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 159407
الصفحه من 649
طباعه  ارسل الي