103
حكم النّبيّ الأعظم ج4

وهذه الفضائل ينالها كلّ مبلّغ تتوفّر فيه شروط المبلّغ الصالح ، لكن الذين يقدّمون جهداً وإبداعاً أكثر في هداية الناس فاُولئك لهم درجات من الكمال أكبر . والمبلّغ الذي يوافيه الأجل في أثناء أدائه لمهمّة تبليغ الإسلام في بلاد الشرك والكفر ، يُحشر يوم القيامة كإبراهيم الخليل ؛ اُمّة واحدة . ۱
وعلاوةً على ذلك ، فإنّ ما ورد في النصوص الإسلاميّة بشأن حقوق المبلّغ وثواب التبليغ إنّما جاء بصدد تقوية دوافع المبلّغين والمعنيّين بوضع الخطط التبليغيّة . ۲
من المؤكّد أنّ المكانة الرفيعة للمبلّغ تُلقي على كاهله مسؤوليّة ثقيلة جدّا ، والنصوص الواردة في هذا المجال ۳ وفي ما يخصّ المبلّغ المثالي ، فيها من التحذير الشديد للمبلّغين . ۴

المادة التبليغية

يُعتبر محتوى التبليغ ركناً آخر من أركان نجاحه ، فكلّما كان محتوى التبليغ أكثر انسجاماً مع الموازين العقليّة والفطريّة ، وكلّما كان يتمتع بثروة أكبر من الناحية الثقافيّة والفكريّة ، فإنّ مدى نجاحه وتأثيره في النفوس سيكون أكبر .
وما جاء في الفصل الثالث من هذا الكتاب تحت عنوان «رسالة المبلّغ» فهو ـ إلى جانب تعريف المبلّغ بأهم واجباته التبليغيّة والاتّجاهات الصحيحة فيإبلاغ رسالته ـ يعكس ثراء الثقافة الإسلاميّة ، وانسجامها مع المعايير الفطريّة والعقليّة .

1.راجع : التبليغ في الكتاب والسنّة (الفصل الثاني / المبلغ الذي يحشر اُمة واحدة) .

2.راجع : ص ۱۹ (حقوق المبلّغ ، ص ۲۰ «ثواب المبلّغ») .

3.راجع : ص ۱۸ (مسؤوليّة المبلّغ) .

4.راجع : ص ۲۳ (المبلّغ المثالي) .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
102

المبلّغ والخطّة التبليغيّة . وكلّما كان الدافع أقوى كان الأمل بالنجاح أكبر . والتأمّل في النصوص الواردة بشأن مكانة التبليغ والمبلّغ في الإسلام يساعد على تقوية دافع كلٍّ من المبلّغ والمكلّف بوضع الخطّة التبليغيّة .
وتتحدّث هذه النصوص عن التبليغ كواجب إلهي ورسالة دينيّة ، وتؤكّد على معطياته وبركاته على المبلّغ من جهة ، وعلى عموم المجتمع من جهة اُخرى ، وتصف التبليغ بأنّه قاعدة لإحياء الناس معنويّاً ، وأنّه نصرة للّه . ۱
كما اعتبرت المبلّغ مندوبا عن اللّه ومبعوثا عن الرسول ، وممثّلاً لكتاب اللّه ، وحجّةً للّه على خلقه . ۲
وأنّه ترجمان الحقّ ، وسفير الخالق ، وداعي الناس إلى اللّه . ۳
وأنّه مجاهد يهبّ لنصرة اللّه بسلاح القول والقلم ؛ أي إنّه ينهض بمهمّة الذود عن القيم الإنسانيّة ومكافحة الرذائل ، ويدعو الاُمّة إلى السير نحو الغاية العليا للإنسانيّة . ۴
وهكذا يتّضح لنا أنّ المبلّغ أفضل من آلاف العبّاد ؛ وذلك لأنّ العابد همّه نجاة نفسه ، وهمّة المبلّغ نجاة الناس وخدمة الخلق . ولذلك يُقال للعابد يوم القيامة :
اِنطَلِق إلَى الجَنَّةِ .
بينما يقال للمبلّغ :
قِف ! تَشَفَّع لِلنّاسِ بِحُسنِ تَأديبِكَ لَهُم .۵

1.راجع : التبليغ في الكتاب والسنة (الفصل الاول / احياء الناس / نصرة اللّه ) .

2.راجع : ص ۱۷ «فضل المبلّغ» .

3.راجع : التبليغ في الكتاب والسنة : ص ۳۲ ح ۲۱ و ۲۳ .

4.راجع : ص ۶۱ (الفصل الخامس : وسائل التبليغ) .

5.راجع : التبليغ في الكتاب والسنة : ص ۴۳ ح ۶ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 202611
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي