355
حكم النّبيّ الأعظم ج4

3 . أسباب الإيثار

جاء في موسوعة نضرة النعيم تحت عنوان «الأسباب التي تعين على الإيثار»:
1 . تعظيم الحقوق : فإن عظمت الحقوق عنده، قام بواجبها ورعاها حقّ رعايتها واستعظم إضاعتها، وعلم أنّه إن لم يبلغ درجة الإيثار لم يؤدّها كما ينبغي ، فيجعل إيثاره احتياطا لأدائها.
2 . مقت الشحّ: فإنّه إذا مقته وأبغضه التزم الإيثار؛ فإنّه يرى أنّه لا خلاص له من هذا المقت البغيض إلّا بالإيثار.
3 . الرغبة في مكارم الأخلاق: وبحسب رغبته فيها يكون إيثاره؛ لأنّ الإيثار أفضل درجات مكارم الأخلاق. ۱
لا يبدو هذا القدر كافيا في تقصّي أسباب الإيثار وجذوره ، فمع أنّه من الصحيح أنّ اُمورا كتعظيم الحقوق ومقت الشحّ والرغبة في المكارم مؤثّرة في تبلور هذه الخصلة الكريمة وظهورها ونموّها، إلّا أنّ المسار الأساسي للمسألة يبقى ماثلاً في كيفية تحقّق هذه الخصوصيات التي تعدّ مبادئ للإيثار وتجسّدها عمليّا في الإنسان، فمن الإنسان الذي يبادر إلى الإيثار ويقدّم احتياجات الآخرين على نفسه بفعل دواعي الرغبة في مكارم الأخلاق والنفرة من الحرص والشحّ وبحافز تعظيم حقوق الآخرين؟
يفضي البحث الدقيق للإجابة على هذا السؤال، إلى نتيجة تفيد أنّ الإيمان هو منبثق الإيثار وهو الأساس الوحيد الذي يُنتج هذه الخصلة الكريمة ، فخصال الخير والصفات الحسنة التي تؤدّي إلى الإيثار لا تنمو إلّا من خلال الإيمان وحده

1.نضرة النعيم : ج ۳ ص ۶۳۰ نقلاً عن مدارج السالكين لابن القيّم، بتصرّف .


حكم النّبيّ الأعظم ج4
354

ثَلاثُمِئَةِ ضِعفٍ مِمّا دَعَوتَ ، وناداهُ مَلَكٌ مِنَ السَّماءِ الرّابِعَةِ : يا عَبدَ اللّهِ ، ولَكَ أربَعُمِئَةِ ألفِ ضِعفٍ مِمّا دَعوتَ ، وناداهُ مَلَكٌ مِنَ السَّماءِ الخامِسَةِ : يا عَبدَ اللّهِ ، ولَكَ خَمسُمِئَةِ ألفِ ضِعفٍ مِمّا دَعوتَ ، وناداهُ مَلَكٌ مِنَ السَّماءِ السّادِسَةِ : يا عَبدَ اللّهِ ، ولَكَ سِتُّمِئَةِ ألفِ ضِعفٍ مِمّا دَعوتَ ، وناداهُ مَلَكٌ مِنَ السَّماءِ السّابِعَةِ : يا عَبدَ اللّهِ ، ولَكَ سَبعُمِئَةِ ألفِ ضِعفٍ مِمّا سَأَلتَ ، ثُمَّ يُناديهِ اللّهُ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ : أنَا الغَنِيُّ الَّذي لا أفتَقِرُ . يا عَبدَ اللّهِ ، لَكَ ألفُ ألفِ ضِعفٍ مِمّا دَعوتَ .
فَأَيُّ الخَطَرَينِ أكبَرُ يَابنَ أخي مَا اختَرتُهُ أنَا لِنَفسي أو ما تَأمُرُني بِهِ ؟ 1

د ـ الإيثار في السؤال

من ضروب الإيثار الاُخرى التي جاء ذكرها في النصوص الروائية، هو الإيثار في السؤال ؛ فقد روي عن الإمام محمّد الباقر عليه السلام ، قوله:
صَلّى رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله بِأَصحابِهِ الفَجرَ، ثُمَّ جَلَسَ مَعَهُم يُحَدِّثُهُم حَتّى طَلَعَتِ الشَّمسُ، فَجَعَلَ يَقومُ الرَّجُلُ بَعدَ الرَّجُلِ حَتّى لَم يَبقَ مَعَهُ إلّا رَجُلانِ : أنصارِيٌّ وثَقَفِيٌّ، فَقالَ لَهُما رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : قَد عَلِمتُ أنَّ لَكُما حاجَةً تُريدانِ أن تَسأَلاني عَنها، فَإِن شِئتُما أخبَرتُكُما بِحاجَتِكُما قَبلَ أن تَسأَلاني وإن شِئتُما فَاسأَلاني .
قالا: بَل تُخبِرُنا يا رَسولَ اللّهِ ؛ فَإِنَّ ذلِكَ أجلى لِلعَمى وأَبعَدُ مِنَ الاِرتِيابِ وأَثبَتُ لِلإِيمانِ .
فَقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و آله : أمّا أنتَ يا أخَا الأَنصارِ فَإِنَّكَ مِن قَومٍ يُؤثِرونَ عَلى أنفُسِهِم وأَنتَ قَرَويٌّ وهذَا الثَّقَفِيُّ بَدَوِيٌّ أفَتُؤثِرُهُ بِالمَسأَلَةِ؟
فَقالَ: نَعَم، قالَ: أمّا أنتَ يا أخا ثَقيف فَإِنَّكَ جِئتَ تَسأَلُني عَن وُضوئِكَ وصَلاتِكَ وما لَكَ فِيهما مِنَ الثَّوابِ.۲

1.عدّة الداعي : ص ۱۷۱ ، الاُصول الستّة عشر : ص ۴۴ ، الدعوات : ص ۲۸۹ ح ۳۰ كلاهما نحوه ، بحار الأنوار :ج ۹۳ ص ۳۹۰ ح ۲۲ .

2.كتاب من لا يحضره الفقيه: ج ۲ ص ۲۰۲ ح ۲۱۳۸ ، الأمالي للصدوق : ص ۶۴۲ ح ۸۷۲ كلاهما عن ف محمّد بن قيس، الخرائج والجرائح: ج ۲ ص ۵۱۴ ح ۲۶ ، روضة الواعظين : ص ۳۳۴ ، بحار الأنوار: ج ۹۹ ص ۳ ح ۳ وراجع الكافي : ج ۳ ص ۷۱ ح ۷.

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 201251
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي