ولا تؤتي اُكلها إلّا عن هذا السبيل. من هنا يبدو أنّ أيّ كلام عن القيم الأخلاقية يصدر عن الاتّجاهات المادّية لا يزيد عن كونه مزحة وحسب، ولا يهدف سوى إلى خداع الرأي العامّ وتضليله.
بناءً على هذه النتيجة تبرز الحصيلة التي تفيد بأنّه كلّما تنامى الإيمان في وجود الإنسان ورسخ فيه أكثر، صار أقرب إلى هذه الخصلة الكريمة، وبتعبير الإمام عليّ عليه السلام : يأتي الإنسان المؤثر في أعلى مراتب الإيمان ۱ . كما يدلّل على المعنى ذاته ما جاء في حديث الإمام الصادق عليه السلام في صفة الكاملين من المؤمنين من أنّهم المؤثرون على أنفسهم في حال العسر ۲ .
فإذا، كلّما ازداد الإيمان ورسخ في وجود الإنسان وصار أكثر تكاملاً فيه، ازدادت قابليته على الإيثار، وراح يرتقي فيه حتّى يبلغ مرتبة التضحية والفداء والإيثار بالنفس.
4 . نتائج الإيثار
تأخذ خصلة الإيثار موقعها على الطرف النقيض للأنانية والاستئثار ، فبقدر ما يصبح الاستئثار ضارّا ببنية المجتمع الإنساني المنشود ومدمّرا لوحدته وانسجامه ۳ ، يصبح الإيثار نافعا لهذا المجتمع حاملاً له المعطيات الإيجابية البنّاءة.
فعلى عكس الاتّجاهات المادية والتيارات الوضعية التي تشيع ثقافة الأثَرة والأنانية وعبادة الذات وتصنيمها، ينظر الإسلام إلى الأنانية والأثَرة بوصفهما الأصل الذي تنشأ منه المفاسد الفردية والاجتماعية، ومن ثَمّ تراه يسعى من وراء إشاعة ثقافة الإيثار والمؤاساة وتعميمها إلى تجفيف هذا الجذر الخطير ومحاصرة تبعاته المدمّرة.
1.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۱ ( الإيثار / الفصل الثاني : قيمة الإيثار : ح ۱۵ ) .
2.راجع: موسوعة ميزان الحكمة : ج ۱ ( الإيثار / الفصل الثالث : بركات الإيثار : ح ۴۱ ) .
3.راجع : موسوعة ميزان الحكمة : ج ۱ ( الاستئثار / المدخل ) .