585
حكم النّبيّ الأعظم ج4

على نحو عامّ يمكن الخروج بقاعدة كلّية تفيد بأ نّه كلّما كان اختصاص الإنسان نفسه أو ذويه خاضعا لمعيار الحقّ وقائما على أساس موازين الحكمة والعقل، فإنّ مثل هذا الاستئثار يعدّ استئثارا محمودا.

ب ـ الاستئثار المذموم

هو عبارة عن اختصاص الإنسان نفسه وذويه وقرابته وانفراده باُمور تأتي مخالفة لموازين المنطق والعقل والفطرة ، وهذا الضرب من الاستئثار ينقسم بدوره إلى قسمين، هما :
الأوّل : الاستئثار الذي لا يعدّ تجاوزا في حقوق الآخرين، وإنّما يتمثّل في أنّه ممارسة مناهضة للإيثار كقيمة أخلاقية وحسب.
الثّاني : الاستئثار الذي يتخطّى حدود مناهضة الدائرة الأخلاقية، ليمثّل بالإضافة إلى ذلك تجاوزا في حقوق الآخرين.
تتركّز أحاديث هذا القسم ورواياته على الاستئثار المذموم، وإنّ أغلبها ينصبّ على النوع الثاني منه الذي يعني اختصاص النفس والقرابة المقترن بالتجاوز على حقوق الآخرين، على هذا الضوء يتركّز ما سنذكره عن الاستئثار فيما بعد، على الاستئثار المذموم ، وبخاصّة القسم الثاني منه.

2 . أسباب الاستئثار

تنتهي عملية تحليل ظاهرة الاستئثار وتقصّي جذورها ومعرفة مناشئها بالرُّسوّ على عدد من الأسباب، تقف تماما في الجهة المقابلة للإيثار. وهذه الأسباب، هي:
أ ـ الاستخفاف بحقوق الناس.
ب ـ الاستخفاف بمكارم الأخلاق.
ج ـ الابتلاء بالحرص والبخل والشحّ.


حكم النّبيّ الأعظم ج4
584

الاستئثار في الحديث

لم ينحت الحديث الإسلامي مجالاً استعماليا جديدا لمفردة الاستئثار، بل دأب على استعمالها في معناها اللغوي نفسه.
نعرض فيما يلي خلاصة مكثّفة وممنهجة للعناوين الأساسية التي ورد فيها الحديث عن هذا الموضوع الأخلاقي ذي البُعدين السياسي والاجتماعي، ممّا جاء عن المعصومين عليهم السلام ، ويأتي ذكره تفصيلاً في الفصول الآتية:

1 . أنواع الاستئثار

ينقسم الاستئثار من منظور الأحاديث الإسلامية، إلى قسمين :

أ ـ الاستئثار المحمود

هو عبارة عن الانفراد بالشيء على أساس الحقّ والحكمة ، كاستئثار اللّه سبحانه بعض العلوم لذاته، على ما جاء في النصّ التالي المرويّ عن الإمام الصادق عليه السلام :
إنَّ لِلّهِ ـ تَبارَكَ وتَعالى ـ عِلمَينِ : عِلما أظهَرَ عَلَيهِ مَلائِكَتَهُ وأنبِياءَهُ ورُسُلَهُ ... وعِلما استَأثَرَ بِهِ .۱
عن هذا الضرب من الاستئثار المحمود قال الإمام الصادق عليه السلام ، أيضا:
إنَّ اسمَ اللّهِ الأَعظَمَ عَلى ثَلاثَةٍ وسَبعينَ حَرفا، وإنَّما كانَ عِندَ آصِفَ مِنها حَرفٌ واحدٌ ... ونَحنُ عِندَنا مِنَ الاِسمِ الأَعظَمِ اثنانِ وسَبعونَ، وحرفٌ واحِدٌ عِندَ اللّهِ تَعالَى استَأثَرَ بِهِ في عِلمِ الغَيبِ عِندَهُ.۲
كما يدخل في عداد الاستئثار الممدوح ما يخصّ به الإنسان نفسه أو ذويه وقرابته من أمواله الشخصية .

1.الكافي: ج ۱ ص ۲۵۵ ح ۱ ، بحار الأنوار : ج ۲۶ ص ۹۳ ح ۲۳.

2.الكافي: ج ۱ ص ۲۳۰ ح ۱ عن جابر ، بحار الأنوار: ج ۱۴ ص ۱۱۳ ح ۵ .

  • نام منبع :
    حكم النّبيّ الأعظم ج4
    المجلدات :
    7
    الناشر :
    دار الحدیث للطباعة و النشر
    مکان النشر :
    قم المقدسة
    تاریخ النشر :
    1429 ق/1387 ش
    الطبعة :
    الاولی
عدد المشاهدين : 201233
الصفحه من 702
طباعه  ارسل الي