هذا الكتاب ؛ هل أراد نوعا خاصّا من العلوم ؟ أو أنّ مطلق العلم في الرؤية الإسلاميّة ذو قيمةٍ ويحوي جميع هذه الفضائل ؟
مفهوم العلم في النصوص الإسلاميّة
إنّ دراسة دقيقة للمواضع التي استُعملت فيها كلمة العلم والمعرفة في النصوص الإسلاميّة تدلّ على أنّ للعلم مفهومين في الإسلام بعامّة ، نسمّي أحدهما : حقيقة العلم وأصله ، ونُطلق على الآخر : ظاهر العلم وفرعه .
وتوضيح ذلك أنّ للعلم في الإسلام حقيقة وجوهرا ، وظاهرا وقشرا . وتعدّ ضروب العلوم المتداولة ـ الإسلاميّة وغير الإسلاميّة ـ قشور العلم ، أمّا حقيقة العلم والمعرفة فهي شيء آخر .
فعندما نطالع قوله تعالى : «شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَـهَ إِلَا هُوَ وَالْمَلَـئكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ» ، ۱ وقوله : «وَ يَرَى الَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ الَّذِى أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ هُوَ الْحَقَّ» ، ۲ وقوله : «إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَـؤُاْ» . ۳ فالمراد منها : حقيقة العلم وجوهره .
وحينما نقرأ قوله سبحانه : «وَ أَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ» ، ۴ وقوله : «وَ مَا تَفَرَّقُواْ إِلَا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ»۵ ، أو قوله : «وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَـبَ إِلَا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ» . ۶ فالمقصود منها : ظاهر العلم وقشره .
ويثار هنا سؤال مُفاده : ما حقيقة العلم وكيف يتسنّى لنا أن نميّز حقيقة العلم من ظاهره وكيف يمكن كسب تلك الحقيقة ؟